أكدت مصادر فلسطينية مطلعة في قطاع غزة، لـ"العربي الجديد"، أنّ فصائل المقاومة اتخذت قراراً بالتصعيد التدريجي ضد الاحتلال الإسرائيلي، في ظلّ تزايد الضغوط والقيود على القطاع، وعدم التقدم في مفاوضات تثبيت وقف إطلاق النار، وهو ما نتج عنه تأخر عملية إعادة إعمار ما دمره العدوان الإسرائيلي الرابع على غزة في مايو/أيار الماضي.
وقالت المصادر إن الفصائل ستبدأ بالتصعيد التدريجي على الحدود عبر فعاليات المقاومة الشعبية الخشنة، والتي تشمل البالونات الحارقة والإرباك الليلي وغيرها من الفعاليات التي تستهدف مستوطني "غلاف غزة"، وسترد على أي عدوان إسرائيلي يتبع ذلك، وإنها أبلغت الوسطاء بهذا القرار.
الفصائل ستبدأ بالتصعيد التدريجي على الحدود عبر فعاليات المقاومة الشعبية الخشنة
وكانت إسرائيل انتهجت عقب الحرب الأخيرة مع القطاع، سياسة الرد على البالونات الحارقة بالقصف، وهو ما عقّد الأمور ووضع الفصائل أمام تحدٍ جديد يفرض عليها قيوداً في العمل الحدودي، لكنها أمام ضغط الشارع الفلسطيني في غزة والذي بات يكتوي أكثر بنار الحصار المشدد والفقر، باتت محدودة الخيارات للغاية، وترى أنّ التصعيد التدريجي هو الحل لـ"حلحلة" الأزمات وإنهائها.
ولم ينجح الوسطاء في إنهاء القيود الإسرائيلية على غزة والتي أعادت القطاع في الأشهر الأخيرة إلى حصار العام 2007، مع ظروف معيشية معقدة وصعبة. كما أنّ بعض الوسطاء بات يتبنى الموقف الإسرائيلي بضرورة أن يكون حل أزمات غزة كرزمة واحدة، وهو ما ترفضه حركة "حماس" التي تصر على أن يكون ملف إعادة الإعمار والملف الإنساني، بعيدين تماماً عن ملف الجنود المحتجزين لديها في القطاع، وفق المصادر ذاتها.
وكان الاحتلال اشترط علناً، وفي المفاوضات غير المباشرة في مصر مع فصائل المقاومة، عقب وقف إطلاق النار، إنهاء ملف الجنود الأربعة المحتجزين لدى "حماس" قبل إعادة إعمار ما دمرته الحرب الرابعة، وهو موقف ترفضه فصائل المقاومة كافة، وتؤكد أن الجنود الإسرائيليين المحتجزين في غزة يقابلهم الإفراج عن أسرى فلسطينيين في السجون الإسرائيلية.
وتذرع وسطاء قبل ذلك بأنّ الحكومة الإسرائيلية الجديدة برئاسة نفتالي بينت، غير جاهزة للمضي في التفاهمات السابقة التي تمت مع حكومة بنيامين نتنياهو برعاية مصرية وقطرية وأممية، عقب مسيرات العودة وكسر الحصار الحدودية والتي نتج عنها تخفيف القيود عن القطاع وبعض الانتعاش الاقتصادي والمعيشي.
وتمنع سلطات الاحتلال الإسرائيلي إدخال المنحة القطرية لفقراء غزة، كما كان الوضع سابقاً، عبر الأموال المنقولة من خلال لجنة إعادة إعمار غزة، والتي كانت تُصرف مباشرة برعاية اللجنة ورقابتها عبر البريد الحكومي في القطاع، للفقراء مباشرة. وعلى الرغم من توقيع رئيس اللجنة، السفير القطري محمد العمادي، اتفاقاً مع وزير التنمية الاجتماعية في السلطة الفلسطينية، أحمد مجدلاني، أخيراً، لدفع المنحة للفقراء عبر الوزارة والسلطة في رام الله، إلا أنّ الاتفاق لم يطبق نتيجة رفض البنوك الفلسطينية التي تتبع السلطة التعاطي مع المنحة، وما زال النقاش مستمراً بين القطريين والسلطة لحل هذه المعضلة.
بعض الوسطاء بات يتبنى الموقف الإسرائيلي
وعلى الرغم من انتهاء العدوان الإسرائيلي على القطاع في 21 مايو الماضي، باتفاق رعته مصر، إلا أنه كان يفترض أن يتم الاتفاق عقب أسبوع من انتهاء الحرب على آليات الإعمار ورفع الحصار والعودة للتفاهمات، لكن ذلك لم يحصل، بل جرى العكس تماماً، إذ تم تشديد الحصار على غزة، ومنع عشرات البضائع والمنتجات من المرور إلى القطاع عبر معبر كرم أبو سالم الذي يسيطر عليه الاحتلال.
وأطلقت المقاومة بين 10 و21 مايو الماضي، نحو 4400 صاروخ وقذيفة تجاه الأراضي المحتلة، رداً على العدوان الإسرائيلي على المسجد الأقصى وحيّ الشيخ جراح بالقدس المحتلة، فيما ردت إسرائيل بتدمير عشرات الوحدات السكنية والأبراج في القطاع.