سياسي عراقي: جريمة بشعة تحدث بحق مدينة نينوى الآشورية

19 مارس 2021
تسيطر مليشيات مسلحة على أجزاء من نينوى وتمارس فيها أعمالاً تخريبية (Getty)
+ الخط -

كشف العضو السابق في مجلس النواب العراقي عن المكون المسيحي جوزيف صليوا، اليوم الجمعة، عما وصفه بـ"جريمة بشعة" ترتكب بحق تاريخ العراق تحت سمع ونظر ومعرفة السلطات المحلية في محافظة نينوى، تتمثل بتجريف آثار تعود لآلاف السنين داخل مدينة الموصل.

وأوضح، في طلب رسمي وجهه إلى وزير الثقافة العراقي حسن ناظم ورئيس الحكومة مصطفى الكاظمي، أن "جرافات تعمل بوضح النهار ومنذ عدة أيام على هدم السور الأثري لمدينة نينوى الآشورية". 

وأشار صليوا إلى أن "المركبات الكبيرة للحمل تنقل أحجار السور إلى جهة غير معلومة، وعلى الأرجح إلى المعامل لتقطيعها ومن ثم بيعها لكي تستخدم في البناء"، معتبراً أن "هذا العمل البربري ينبغي على الحكومة العراقية إيقافه، كونه يندرج ضمن تدمير الإرث الحضاري والإنساني، ولا يحق لأي شخص أن يتطاول عليه ويزيله من الوجود".

وأكمل صليوا، وهو رئيس كتلة "الوركاء" في مجلس النواب العراقي، أن "أناساً يملكون حجة (سندا) تؤكد عائدية الأرض لهم، أي أنها جزء من أملاكهم، وأن الدولة كانت قد اكتشفت الآثار فيها منذ عقود بعيدة، ووضعت يدها عليها، كما يدعي بعض المواطنين أن الدولة لم تعوضهم عنها". 

 وأضاف أنه "في ظل الفوضى التي تجتاح البلاد وهشاشة كيان الدولة تمكنوا بعد مرافعات قانونية من رفع يد الدولة عنها، وعلى ذلك بدأوا في التصرف بها".

وتقع مدينة نينوى الآشورية القديمة على الضفة اليسرى من نهر دجلة الذي يشق مدينة الموصل، مركز محافظة نينوى الغنية بالمواقع الأثرية التاريخية، وهي عاصمة الآشوريين، وتعود بعض المناطق إلى أكثر من 2700 سنة قبل الميلاد، إضافة إلى أهميتها التاريخية بالنسبة إلى المسلمين والمسيحيين وحتى اليهود.

تحوّلت معظم المناطق الأثرية في محافظة نينوى إلى مكبّات للنفايات ودورات مياه صحية وأسواق عامة وبيوت مخالفة

 

وتحوّلت معظم المناطق الأثرية في محافظة نينوى إلى مكبّات للنفايات ودورات مياه صحية وأسواق عامة وبيوت مخالفة، فيما تسيطر المليشيات المسلحة على أجزاء منها وتمارس أعمالاً تخريبية وسرقات، وفقاً لمصادر محلية من المدينة.

وفي السياق، أكد الناشط من مدينة الموصل جمال النجيفي أن "هناك تلاعباً بالمساحات الأثرية في مدينة الموصل، وهو أمر يحدث منذ تحرير المدينة من قبضة تنظيم داعش الإرهابي، حيث تستمر جهات سياسية وأخرى مسلحة في خلق مساحات جديدة على حساب المدن الأثرية لاستعمالها في أغراض تجارية أو بيعها كقطع أرض سكنية، من دون أي اهتمام من قبل الحكومة العراقية أو وزارة الثقافة ولا حتى من المدونين في الموصل، الذين يخشون على حياتهم بسبب المخاطر التي قد تصيبهم بسبب فضح الفصائل المسلحة التي تسعى إلى طمس تاريخ نينوى".

وبيَّن، في اتصال مع "العربي الجديد"، أن "جرافات كانت قد عملت خلال الفترة الماضية على إزالة بعض من سور مدينة نينوى الآشورية من أجل توسيع شارع (نركال)، الذي تعمل إدارة البلدية في المدينة على ترميمه وتوسيعه". 

 وأوضح النجيفي أن "هناك جهات مقربة من الحكومة العراقية تقول إن هذه الأعمال لا علاقة لها بالسور الأثري، كونه يحدث على أراض بعضها للدولة وأخرى تتبع لمواطنين من أهالي المدينة، ولكن في الحقيقة هي تجاوزات ليست هينة على سور نينوى الأثري". 

ونشر مدونون وناشطون في الموصل مناشدات تطالب بإيقاف عمليات الهدم. وقال الناشط فراس إلياس: سور نينوى يعود تاريخه إلى سنة 612 قبل الميلاد، وأحد شواهد محافظة نينوى الأثرية، اليوم تمت تسوية معظمه مع الأرض، من قبل شفلات عائدة لتحالف المال والسلاح والسياسة في المدينة. 

ودمر تنظيم "داعش" الإرهابي ما يقارب ثمانين موقعاً أثرياً في محافظة نينوى منذ سيطرته على المحافظة عام 2014 وحتى تحريرها عام 2017.

وبعد تحرير محافظة نينوى، واجهت المناطق الأثرية تحديات كبيرة، مثل تعرضها للسرقات بسبب إهمال السلطات المحلية والمركزية لها، ووجود الألغام والعبوات الناسفة التي زرعها التنظيم في هذه المناطق خلال معارك الموصل، إلى جانب وجود نزاعات مِلكية في بعض هذه المواقع بين وزارتي الأوقاف والآثار.