استمع إلى الملخص
- تأتي الزيارة في وقت حرج للعلاقات الصينية الأميركية، حيث استأنف الجانبان أكثر من عشرين آلية للحوار، رغم استمرار الولايات المتحدة في إجراءاتها لاحتواء الصين.
- تظل العلاقات تحت التدقيق بسبب انعدام الثقة، حيث أضافت الولايات المتحدة كيانات صينية إلى قائمة الرقابة على الصادرات، وزادت من حراكها الدبلوماسي والعسكري في منطقة المحيطين الهادئ والهندي.
وصل مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض جيك سوليفان، اليوم الثلاثاء، إلى الصين في زيارة نادرة يلتقي خلالها وزير الخارجية وانغ يي. وحطت طائرة سوليفان في بكين قبيل الساعة 14,00 (6,00 توقيت غرينتش) وكان في استقباله السفير الأميركي نيكولاس بيرنز، بحسب ما نقلته "فرانس برس" عن وسائل إعلام معتمدة.
وأبدت بكين تفاؤلاً حذراً بالزيارة الأولى لسوليفان إلى الصين، وعلقت آمالاً عريضة في أن تساعد الزيارة التي تبدأ أعمالها اليوم وتنتهي الخميس، على تذليل العقبات بين البلدين. وكانت وزارة الخارجية الصينية قد أعلنت، أمس الاثنين، أن سوليفان سيلتقي وزير الخارجية الصيني وانغ يي، وعدداً من المسؤولين الصينيين، وسيجري الجانبان تبادلاً معمقاً لوجهات النظر بشأن العلاقات الصينية الأميركية والقضايا الحساسة والبؤر الساخنة الدولية والإقليمية الرئيسية. هذا وذكرت وسائل إعلام صينية رسمية أن الزيارة تتمتع بأهمية خاصة في سلسلة الاتصالات الأخيرة بين الصين والولايات المتحدة، إذ تمثل أول زيارة للصين من مستشار أمن قومي أميركي منذ ثماني سنوات، وأول زيارة لسوليفان إلى الصين.
وقالت صحيفة غلوبال تايمز الحكومية في افتتاحيتها، اليوم الثلاثاء، تحت عنوان: "زيارة سوليفان وأهمية الفهم الصحيح للصين"، إن الزيارة تمثل خطوة مهمة في تنفيذ الإجماع الذي توصل إليه رئيسا الدولتين في سان فرانسيسكو، كما تشهد على الدور الحاسم الذي تلعبه قناة الاتصال الاستراتيجية بين مدير مكتب اللجنة المركزية للشؤون الخارجية الصينية ووكالة الأمن القومي الأميركية. وأضافت بأنه نظراً للنتائج الإيجابية التي تحققت من خلال قناة الاتصال الاستراتيجية على مدى العام ونصف العام الماضيين، فقد وضعت كل من الصين والولايات المتحدة توقعات إيجابية معينة على زيارة سوليفان.
ولفتت الصحيفة إلى أن العلاقات الصينية الأميركية تمر حالياً بمنعطف حرج من أجل إرساء الاستقرار وتخفيف التوتر. فمن ناحية، أنشأ الجانبان أو استأنفا أكثر من عشرين آلية للحوار والاتصال، في وقت تحافظ الفرق الدبلوماسية والمالية وإنفاذ القانون وتغير المناخ، فضلاً عن القوات العسكرية من كلا البلدين، على الاتصالات، كما تتزايد وتيرة الزيارات بين البلدين، مما يعزز باستمرار الأساس للتنمية المستقرة للعلاقات الصينية الأميركية. ومن ناحية أخرى، لم تقلل الولايات المتحدة من إجراءاتها لاحتواء وقمع الصين، مما أدى إلى تآكل الإجماع والثقة المتبادلة التي تم الحصول عليها بشق الأنفس بين البلدين.
وأضافت أن إبقاء قنوات الاتصال الاستراتيجية مفتوحة وفعالة لا يساعد فقط على ضمان جو مستقر وتوقعات في العلاقات الثنائية، بل يساعد أيضاً في توضيح سوء الفهم وتجنب سوء الحكم بشأن بعض القضايا الرئيسية. كما أشارت إلى أن استقرار العلاقات الصينية الأميركية هو بلا شك توافق ومصلحة مشتركة في هذا التواصل الاستراتيجي. وأن دعوة الصين لسوليفان للزيارة تعكس موقفاً مسؤولاً وبناءً تجاه العلاقات الصينية الأميركية، ولا تقلل من شأن الصعوبات والتحديات في العلاقة ولا تتخلى عن الأمل والجهود المبذولة لاستقرارها.
كذلك ذكرت وسائل إعلام حكومية في الصين، أن هناك اهتماماً كبيراً من كل القطاعات بما سيناقشه سوليفان على وجه التحديد خلال الزيارة، وكيف ستسير المحادثات. وقالت بصفته ممثل الأمن القومي للرئيس الأميركي، فإن سوليفان يحتاج أولاً وقبل كل شيء إلى "معرفة كيفية الاستماع" إذا كان راغباً في تحقيق نتائج طيبة في مجال الاتصالات الاستراتيجية في الصين. لأن قضية الإدراك الاستراتيجي كانت دوماً الزر الأول الذي يجب الضغط عليه في العلاقات الصينية الأميركية، والعديد من المشاكل الحالية بين الصين والولايات المتحدة تنبع من التصور الخاطئ الذي تحمله الولايات المتحدة للصين. وبالتالي فإن الاستماع الحقيقي إلى كلمات بكين وفهمها، والمساهمة على النحو اللائق في إرساء التفاهم الصحيح بين الصين والولايات المتحدة، ينبغي أن يكون أحد المعايير لتقييم نجاح الزيارة.
هذا ولا تزال العلاقات الصينية الأميركية تخضع للتدقيق من كلا الجانبين نتيجة انعدام الثقة، ففي الوقت الذي يجري في الحديث عن تفاؤل بشأن الزيارة، أضافت الولايات المتحدة خلال الأيام الماضية كيانات صينية متعددة إلى قائمة الرقابة على الصادرات بسبب قضايا تتعلق بروسيا، وهو الأمر الذي أثار غضب بكين مؤخراً.
وكانت الولايات المتحدة قد كثفت من حراكها الدبلوماسي والعسكري في منطقة المحيطين الهادئ والهندي خلال الأشهر الأخيرة، ما أسفر عن التوقيع على عدد من الاتفاقيات مع حلفاء واشنطن في مجال الأمن والدفاع. الأمر الذي أثار حفيظة الصين. ورداً على ذلك، قالت بكين إن الحراك الأميركي يخلق التوترات من خلال تضخيم التهديد الصيني في بحر الصين الجنوبي، ووصفت ذلك بأنه طريقة أميركية نموذجية لإثارة القلق الأمني، لجعل بعض الدول الإقليمية تعتمد أكثر على الكتلة التي تقودها الولايات المتحدة.
واتخذت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن موقفاً صارماً إزاء الصين، حيث اعتبرتها منافساً استراتيجياً، وقيدت وصول شركاتها إلى التكنولوجيا المتقدمة. كما دخلت واشنطن في مواجهة مع القوة الصاعدة بسبب سعيها للنفوذ في تايوان وبحر الصين الجنوبي. ودخلت العلاقات الباردة بالفعل في حالة تجمد عميق بعد زيارة رئيسة مجلس النواب السابقة نانسي بيلوسي، وهي عضو بارز في الكونغرس الأميركي الآن، إلى تايوان في أغسطس/ آب عام 2022. وتبددت آمال استعادة العلاقات في فبراير/ شباط 2022 عندما حلق منطاد تجسس صيني في أجواء الولايات المتحدة قبل أن يسقطه الجيش الأميركي.