سورية: ماذا بقي من الثورة والمعارضة؟

25 سبتمبر 2022
متظاهرون بإدلب رفضاً لتقارب تركيا والنظام، 12 أغسطس (عارف وتد/فرانس برس)
+ الخط -

تعيش الجهات التمثيلية لقوى الثورة والمعارضة السوريتين، الممثلة بالائتلاف الوطني السوري المعارض، وهيئة التفاوض، والحكومة المؤقتة، أسوأ مراحلها على الإطلاق. ويأتي ذلك سواء لناحية انفصالها عن الحاضن الشعبي للثورة، وعن الحامل العسكري لها، أو لناحية تهميشها دولياً من قبل الدول الفاعلة في الملف السوري.

وحوّل ذلك هذه الجهات إلى هياكل شكلية، تعتاش على الدعم المقدم من تركيا، الراعي والداعم شبه الوحيد لها. وأصبح دورها يقتصر على إصدار بيانات تنديد، وشجب، وتضامن، وأحياناً تبرير، كردود فعل على الأحداث التي تجري. ويحدث كل ذلك مع مراعاة المواقف المتغيرة للجهات التي تدعمها، من دون أن يكون لتلك البيانات أي فاعلية. وباتت تلك الجهات تبلغ بالقرارات الهامة المتعلقة بالملف السوري، من دون أن تُشرَك في أي منها.

وما زاد من تهميش تلك الجهات التمثيلية، ومن إحراجها أمام من يفترض أنها تمثلهم، هو التوجه الجديد لتركيا "التي تحتضن تلك الجهات" باتجاه التطبيع مع النظام، بالتوازي مع تخفيض الميزانيات المقدمة لها. ويبدو ذلك وكأنه نوع من زيادة التهميش من ناحية، وكنوع من الضغط من ناحية أخرى، بالإضافة إلى أنه يعبّر عن عدم الرضا عن أداء تلك الجهات. ويأتي كل ذلك من دون أن يصدر عن أي منها موقف واضح تجاه ما يجري وبما يمثل المصلحة الوطنية السورية.

فالائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة، الذي عصفت فيه خلافات، وتحول إلى كتل متصارعة خلال الفترة الماضية، لم يتمكن من ترميم نفسه داخلياً بإصلاح حقيقي يكسبه ثقة دولية أو حتى شعبية. بل كل ما جرى القيام به هو اتخاذ بعض القرارات التي كان معظمها ارتجالياً، ولا يستند إلى النظام الأساسي للائتلاف، الأمر الذي زاد من تهميشه، ومن فقدان الثقة بفاعليته.

أما الهيئة العليا للتفاوض، فلم تتمكن من تحقيق أي إنجاز على الإطلاق، على مستوى العملية السياسية. بل على العكس، أخذت دور شاهد الزور على تعطيل العملية السياسية من خلال استمرارها باللجنة الدستورية التي لم تنتج حرفاً واحداً حتى الآن، ومن خلال سكوتها عن إغلاق كل ملفات الحلّ السياسي المتمثلة بسلال المبعوث الأممي السابق ستيفان دي مستورا.

أما الحكومة المؤقتة فتقوم بدور المنفذ الحرفي لما يطلبه الجانب التركي، وتمارس عملها من الأراضي التركية، من دون أن تكون لها أيّ فعالية في الداخل السوري الذي من المفترض أن يكون عملها فيه. وهذا الأمر حوّل وزاراتها إلى مجرد وزارت وهمية، لا تقوم بأي عمل حقيقي، ما يتسبب بفوضى أمنية وخدمية في المناطق التي تتبع لها.

إن شبه التخلي الدولي عن الجهات التي تأخذ دور الممثل لقوى الثورة والمعارضة، وعدم قدرة تلك الجهات على تنفيذ مخرجات أي قرار قد تتخذه، يفقدها مبرر وجودها، ويبرز الحاجة إلى إنتاج هيئة سياسية جديدة تمثل السوريين في الداخل، ولديها القدرة على جعل الجسم العسكري حاملاً فعلياً لها، وتستطيع من خلاله الضغط وتنفيذ ما تقرّره. حينها تكسب احترام الدول المتحكمة بالملف السوري، وحينها فقط تكون هناك جدية في الحديث عن حل سياسي في سورية. 

المساهمون