سورية: احتجاجات على تردّي الأوضاع الأمنية في رأس العين والجيش التركي يواصل استقدام التعزيزات إلى ريف حلب
تعاني جميع المناطق السورية، في الآونة الأخيرة، من فوضى انتشار السلاح الذي نتج منه فلتان أمني كبير، فيما خرج الوضع عن السيطرة في مدينة رأس العين بريف الحسكة، التي تسيطر عليها فصائل الجيش الوطني المدعوم من تركيا، وسط خروج للمحتجين، اليوم الجمعة، ضد تردي الواقع الأمني.
وشهدت مدينة رأس العين خلال الأسبوع الحالي عملية سرقة كبيرة واغتيال بائع ذهب، ما أدى إلى خروج محتجين في شوارع المدينة يطالبون بوضع حد لهذه الممارسات، التي باتت تقلق السكان.
وقال الناشط الإعلامي أحمد الإبراهيم، اليوم الجمعة، لـ"العربي الجديد"، إن العشرات من سكان مدينة رأس العين تظاهروا في شوارع المدينة اليوم خلال تشييع بائع الذهب الذي قُتل على يد مسلحين مجهولين، أمس الخميس، وطالبوا الشرطة العسكرية التابعة للحكومة المؤقتة المعارضة بتشديد عقوبة الخارجين على القانون، الذين يحتمي بعضهم بفصائل الجيش الوطني.
وبحسب الناشط، فإن المتظاهرين اتهموا السلطات في المدينة بالتساهل مع مرتكبي الجرائم، ما ترك مجالاً لآخرين لارتكاب السرقات وعمليات الاغتيال، وهذا أدى إلى تردي الواقع الأمني في المدينة، وجعل كثيرين من السكان يفكّرون بتركها والتوجّه إلى مناطق أخرى.
وأضاف أن سكان المدينة لا يستطيعون الخروج من منازلهم بعد غروب الشمس، بسبب كثرة عمليات السرقة التي يقف وراءها مجهولون.
وأشار إلى أن ما أثار غضب السكان هذه المرة، هو وقوع عملية سرقة لمستودع غذائي يبعد نحو 12 متراً عن مقر الشرطة، ووقوع جريمة اغتيال بغرض السرقة لبائع ذهب في وضح النهار.
وأكّد أن السكان ضاقوا ذرعاً بممارسات فصائل الجيش الوطني في المدينة، حيث يطلق عناصره النار بشكل عشوائي حتى في ساعات الليل المتأخرة، ويستخدمون مراكزهم العسكرية للتسلط على المدنيين، متذرعين بوجود المدينة على خط جبهة مع "قوات سورية الديمقراطية" (قسد).
وأعلنت ما تسمى بـ"هيئة ثائرون للتحرير"، المكوّنة من عدة فصائل، والمنضوية في الجيش الوطني السوري اليوم الجمعة، القبض على مرتكبي جريمة القتل بهدف السرقة في مدينة رأس العين، مشيرة إلى أنها أحالت مرتكبي الجريمة إلى الجهات المختصة لينالوا جزاءهم العادل.
وأصدر ناشطون وإعلاميون من المدينة، أمس الخميس، بياناً حمّلوا فيه فصائل الجيش الوطني العاملة في المنطقة والأجهزة الأمنية المتمثلة بالشرطة المدنية والشرطة العسكرية المسؤولية الكاملة عن جريمة قتل بائع الذهب، وطالبوها بالتحرك والكشف عن المجرمين وتقديمهم للعدالة بأسرع وقت.
كما حذّروا من استمرار أعمال القتل والسلب والنهب التي تحصل في المدينة، وتوعّدوا بنشر أي انتهاك مهما بلغ حجمه على وسائل التواصل الاجتماعي، وإرساله إلى المنظمات الدولية ليسجل كانتهاك باسم الفصيل الذي يقوم به، حتى وإن كان القائم بالانتهاك أحد عناصر الفصيل فإنه سيسجل باسم الفصيل والقائد المسؤول عنه.
ودعوا المدنيين لتسجيل أي انتهاك قد يحصل بحق أي مواطن في المنطقة وإرساله إلى نشطاء وإعلاميي المنطقة للعمل على كشف المجرمين من أجل تقديمهم للعدالة ومحاسبتهم على أي فعل إجرامي بحق المدنيين في المنطقة.
وتبلغ مساحة المناطق التي يسيطر عليها "الجيش الوطني" في سورية 8835 كيلومتراً مربعاً، وتضمّ أكثر من 1000 بلدة ومدينة، يقطنها نحو 1.2 مليون شخص، وأهمها مدن عفرين، تل أبيض، رأس العين، الباب، أعزاز، دابق، جرابلس، جنديرس، راجو وشيخ الحديد، وقد سيطر عليها خلال السنوات الماضية تباعاً، بعد طرد تنظيم "داعش" و"قسد" منها.
الجيش التركي يواصل استقدام التعزيزات العسكرية إلى ريف حلب شمالي سورية
وعلى صعيد آخر، واصل الجيش التركي، اليوم الجمعة، استقدام التعزيزات العسكرية، التي ضمّت دبابات ومدرعات إلى نقاط عسكرية على خطوط التماس مع "قسد" في ريف حلب، شمال غربي سورية، وذلك بالتزامن مع تصريحات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وحديثه عن أن العملية العسكرية شمالي سورية ما زالت قائمة، وأنها ستنطلق في الوقت المناسب.
وقال الناشط أحمد الإبراهيم لـ"العربي الجديد" إن الجيش التركي استقدم أربعة أرتال تضم آليات ثقيلة إلى نقاطه العسكرية في ريف حلب الشمالي، وتوزّعت على القاعدة التركية في تل صندل قرب مارع، والقاعدة الموجودة جنوبي مدينة أعزاز، وآخر إلى على نقطة كفركلبين، والرابع ضمّ عربات توزّعت على عدة نقاط.
وأوضح أن القوات التركية نشرت مدافع على خطوط التماس مع قوات "قسد"، كما نقلت مواد لوجستية وذخائر للنقاط والقوات المتمركزة، في ريف حلب الغربي.
وجاءت هذه التعزيزات بالتزامن مع تصريحات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للصحافيين في أثناء عودته من قمة حلف شمال الأطلسي، وحديثه عن تحضير القوات التركية شمالي العراق، وفي عفرين شمالي سورية، وإشارته إلى أن "العملية الجديدة ستنطلق عندما يحين الوقت المناسب”.
وقال أردوغان رداً على سؤال حول تصريحاته بشأن القيام بعمليات جديدة لاستكمال الحزام الأمني شمالي سورية، بمجرد الانتهاء من التحضيرات، وهل المقصود التحضيرات العسكرية أم الدبلوماسية وهل ثمة تحفظات روسية: "قد نأتي على حين غرة ذات ليلة".
وكان الرئيس التركي أعلن أن العملية العسكرية التي ستستهدف مواقع "قسد" في منبج وتل رفعت، بهدف استكمال المناطق الآمنة على الحدود الجنوبية لتركيا، وأنها ستنطلق بين ليلة وضحاها وستشمل في مرحلتها الأولى منبج وتل رفعت بهدف تأمين الحدود الجنوبية لتركيا واستيعاب مزيد من اللاجئين السوريين في تركيا.