يصل رئيس المجلس الرئاسي الليبي الجديد محمد المنفي إلى بنغازي، اليوم الخميس، في أول زيارة له للمدينة بعد توليه منصبه الجديد، في سياق اتجاه قادة السلطة الجديدة لإطلاق سلسلة من اللقاءات مع قادة الأطراف المتخاصمة وعدد من الزعامات القبلية والمناطقية بهدف بحث خارطة عمل السلطة الجديدة.
ووفقاً لأوساط ليبية مقربة من قادة السلطة التنفيذية الجديدة، فإنّ الكلمة التي يعتزم المنفي توجيهها للشعب الليبي، خلال الساعات المقبلة اليوم، ستكون عامة، ولا تحمل أي تفاصيل حول خطط عمل السلطة الجديدة.
وفيما أكدت ذات الأوساط، خلال حديثها لـ"العربي الجديد"، أنّ المنفي سيلتقي عدداً من البرلمانيين، من ممثلي إقليم برقة في مجلس النواب، في سياق زيارته إلى بنغازي، رجحت أن يبدأ عضوا المجلس الرئاسي الآخران، موسى الكوني، وعبد الله اللافي، أيضاً لقاءات مماثلة في إقليميهما، طرابلس وفزان.
وفي سياق متصل، شرع رئيس الحكومة بالسلطة الجديدة عبد الحميد دبيبة، سلسلة من اللقاءات والاتصالات الكثيفة مع ممثلي مختلف الأطراف الليبية، بهدف تشكيل حكومة متوازنة، تمثل كل الأطراف السياسية والمجتمعية، بحسب ذات المصادر، التي قالت إنها ستكون على الأرجح من تسع حقائب وزارية، إضافة لأربع لجان تعمل تحت مظلة هيئة جديدة تحمل اسم "هيئة المصالحة".
وكان دبيبة قد كشف، في تصريح لوكالة "الأناضول" التركية، عن شكل حكومته المنتظرة، قائلاً: "ستكون حكومة تكنوقراط قادرة على إثبات نفسها وقدرتها على العمل"، مؤكداً أنه سيختار "الأسماء المناسبة في الحكومة، والتي ستمثل جميع شرائح ليبيا بشكل عادل".
وعن أولوياتها، قال: "من أولويات الحكومة توفير اللقاحات الخاصة بفيروس كورونا الجديد، وتحسين الخدمات في القطاعات المتذبذبة مثل الكهرباء والصحة، بالتوازي مع العمل على قضايا أخرى، مثل تشكيل لجان للسلام وصياغة الدستور مع المجلس الرئاسي".
وأثناء عرضه لشكل حكومته، لفت إلى رغبته في تشكيل "لجان السلام"، موضحاً أنها "ستعمل لإحلال السلام بين الليبيين، بجمع القبائل والجماعات المتنازعة، ووضع ميزانيات للتعويضات".
وفي خطوة للنأي بحكومته عن الملفات التي يمكن أن تشدها إلى مستنقع الخلافات، أشار إلى أنه سيترك "ملف الاتهامات بارتكاب جرائم الحرب للسلطة القضائية".
وفي وقت تعهد المنفي بزيارة جميع المدن والمناطق الليبية "قدر الإمكان"، لـ"العمل مع المكونات كلها، لتكون حكومة الوحدة الوطنية جديرةً بهذا المسمّى"، أكدت المصادر أنه حرص على نقل مكتبه الخاص من مصراتة، التي ينحدر منها، إلى طرابلس للقاء مختلف الشخصيات وممثلي المناطق والأطياف السياسية.
ووفق الناشط السياسي الليبي خالد ازغيبة، فإن اتجاه المنفي لزيارة الشرق الليبي يشير إلى إدراك قادة السلطة الجديدة لحجم التحديات التي يمكن أن تواجه طريق نجاحهم، وقال: "أعني تحديداً التهديدات التي أطلقها عقيلة صالح، الذي لا يزال يلوّح بأوراقه، في وقت أعلن فيه حليفه في الانتخابات الرئاسية فتحي باشاغا عن زيارة قريبة أيضاً لبرقة"، معرباً عن اعتقاده أن زيارة المنفي تأتي لاستباق انزلاق الأوضاع في شرق ليبيا في مناحٍ أكثر خطورة.
وذهب عدد من البرلمانيين، خلال تصريحات صحافية، إلى اقتراح أن يجتمع مجلس النواب افتراضياً عبر تقنية الفيديو، لمنح الثقة للحكومة الجديدة، وقطع الطريق أمام خلافات أعضائه حول مكان انعقاده، الذي دعا فيه البعض لانعقاده في طبرق بينما دعا آخرون لانعقاده في مدينة صبراتة غربي البلاد، لكن ازغيبة يؤكد أن مساعي قادة السلطة الجديدة، وفي مقدمتها زيارة المنفي إلى شرق ليبيا، تهدف إلى تطويق الخلافات في ملفات مهمة كملف الإطار الدستوري للانتخابات المقبلة، أو محاولات خلق تحالفات لفرض شخصيات بعينها في مراكز الحكومة الجديدة.
ويؤكد ازغيبة، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أنّ دبيبة ورفاقه في المجلس الرئاسي الجديد يدركون أن عقبة مجلس النواب لا تشكل ضغطاً عليهم، فــ"يمكنهم نيل الثقة من ملتقى الحوار السياسي، وبذلك يفقد عقيلة صالح وحلفاؤه ورقتهم الوحيدة"، مشيراً أيضاً إلى أنّ "المناصب العسكرية والأمنية أكثر المواقع حساسية واتصالاً بالشأن المقبل، فكما أنها طريق للتوافق، كذلك يمكن أن يتسبب سوء توزيعها في حساسيات بين الأطراف".
وحفلت منصات التواصل الاجتماعي بعدد من القوائم الوزارية، ومع صعوبة التأكد من صحتها في ظل التكتم الذي يعمل فيه دبيبة على تشكيل حكومته، إلا أن ذات الأوساط المقرّبة من قادة السلطة الجديدة أكدت أن أياً منها "غير صحيح"، خصوصاً أن دبيبة ومستشاريه لم ينتهوا من إعداد القائمة النهائية للتشكيلة الحكومية، كما أنهم لا يزالون في طور الاتصالات مع جميع الأطراف.
وفي كل الأحوال، يرى ازغيبة في شكل القوائم المسربة، حرص قادة السلطة الجديدة على احتواء وترضية كل الأطياف السياسية والمجتمعية في تساوق كامل مع طريقة المحاصصة التي انتهجتها البعثة الأممية كطريق لحلحلة الخلافات.