"رويترز": حماس تغيّر أساليبها القتالية في غزة

06 يونيو 2024
عناصر من حماس خلال عرض عسكري على حدود غزة، 20 يوليو 2023 (Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- حماس تغير تكتيكاتها القتالية إلى الكر والفر بعد خسارة نصف مقاتليها في الحرب المستمرة منذ ثمانية أشهر، مما يعكس تكيفها واستعدادها لمواصلة القتال.
- إسرائيل تواجه تحديات في القضاء على حماس وأنفاقها، مع ضغوط دولية متزايدة لوقف إطلاق النار وإيجاد حل سلمي للصراع الذي قد يستمر حتى نهاية 2024.
- الدبلوماسية والجهود الدولية تسعى لإنهاء الحرب وتحقيق السلام من خلال خطة لإقامة دولة فلسطينية وتطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل، مما يعكس الحاجة لحل دائم يضمن الأمن والاستقرار.

قال مسؤولون أميركيون وإسرائيليون في حديثهم مع وكالة رويترز، إن حركة المقاومة الفلسطينية (حماس) خسرت نحو نصف مقاتليها خلال الحرب المستمرة منذ ثمانية أشهر، ما دفعها إلى الاعتماد على أساليب الكر والفر لإحباط محاولات إسرائيل السيطرة على عدة مناطق في قطاع غزة. ووفقاً لثلاثة مسؤولين أميركيين كبار ومطلعين على تطورات ساحة المعركة، فقد تراجع عدد مقاتلي الحركة إلى ما بين تسعة آلاف إلى 12 ألفاً، في انخفاض عن تقديرات أميركية قبل الصراع بأن العدد يتراوح ما بين 20 ألفاً و25 ألفاً. وفي المقابل تقول إسرائيل إنها خسرت نحو 300 جندي في حرب غزة.

تكتيكات "حماس" القتالية

وقال أحد المسؤولين إن عناصر حماس يتجنبون الآن، إلى حد كبير، الدخول في مناوشات تستمر لفترات مع توغل جيش الاحتلال أكثر وأكثر في مدينة رفح الواقعة في أقصى جنوب القطاع، ويعتمدون بدلاً من ذلك على نصب الكمائن، واستخدام القنابل بدائية الصنع، لضرب أهداف غالباً ما تكون خلف خطوط جيش الاحتلال. وقال العديد من سكان غزة، بمن فيهم وسام إبراهيم، إنهم لاحظوا أيضاً تغيراً في الأساليب القتالية.

وقال إبراهيم لوكالة رويترز عبر الهاتف: "في الأشهر السابقة كان مقاتلو حماس يعترضون جنود الاحتلال ويشتبكون معهم ويطلقون النار عليهم بمجرد توغلهم في مناطقهم، لكن الآن هناك تحول ملحوظ في أسلوب عملياتهم، فهم ينتظرون انتشارهم، ثم يشرعون في نصب الكمائن وشنّ الهجمات". وقال المسؤولون الأميركيون، الذين طلبوا عدم نشر أسمائهم نظراً لحساسية الأمر، إن مثل هذه الأساليب يمكن أن تساعد حماس على مواصلة القتال لأشهر، بدعم من الأسلحة المهربة إلى غزة عبر الأنفاق، وغيرها من الأسلحة التي تجري إعادة استخدامها من الذخائر غير المنفجرة أو التي جرى الاستيلاء عليها من جيش الاحتلال.

ويتطابق الحديث عن هذا الإطار الزمني المطول مع ما صدر الأسبوع الماضي عن مستشار الأمن القومي لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، من أن الحرب قد تستمر حتى نهاية عام 2024 على الأقل. ولم يرد متحدث باسم حماس على طلبات التعليق على استراتيجيتها في ساحة المعركة.

وقال المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي بيتر ليرنر، إن الجيش ما زال بعيداً إلى حد ما عن القضاء على حماس، مضيفاً أن الحركة فقدت نحو نصف قواتها المقاتلة. وأضاف أن جيش الاحتلال يتكيف مع التغير في أساليب الحركة، وأقر بأن إسرائيل لا يمكنها القضاء على كل مقاتلي حماس ولا تدمير كل أنفاقها. وأوضح أنه "لا يوجد هدف على الإطلاق لقتل كل وجميع عناصر الحركة على الأرض. فهذا ليس هدفاً واقعياً. ولكن تدمير حماس كسلطة حاكمة هدف عسكري قابل للتحقيق وسهل المنال".

الضيف والسنوار

وفي السياق ذاته، يتعرض نتنياهو وحكومته لضغوط من واشنطن للموافقة على مقترح لوقف إطلاق النار، في مسعى لإنهاء الحرب التي اندلعت في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول، وأدت إلى تدمير مساحات شاسعة من قطاع غزة، وأسفرت عن استشهاد أكثر من 36 ألف فلسطيني. وتقول الأمم المتحدة إن أكثر من مليون شخص يواجهون مستويات "كارثية" من الجوع.

بحسب معلومات إسرائيلية أميركية، يتحصن في رفح ما بين سبعة آلاف إلى ثمانية آلاف من عناصر حركة حماس، والمدينة هي آخر معقل للحركة. ويقول مسؤولون إسرائيليون إن قادة حماس يحيى السنوار وشقيقه محمد ومحمد الضيف، الرجل الثاني بعد السنوار، على قيد الحياة، ويُعتقد بأنهم يختبئون في أنفاق تحت الأرض.

وقال مسؤول في الإدارة الأميركية إن الحركة أظهرت قدرة على الانسحاب بسرعة بعد الهجمات والاختباء وإعادة التجمع والظهور مرة أخرى في مناطق اعتقدت إسرائيل أنها خالية من عناصر حماس. واتفق ليرنر المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي على أن إسرائيل أمامها معركة طويلة للتغلب على الحركة. وأضاف "لا يوجد حل سريع بعد 17 عاماً تمكنوا خلالها من بناء قدراتهم".

وأنشأت حركة حماس على مدى سنوات مدينة من الأنفاق تحت الأرض بطول 500 كيلومتر. ويعادل طول شبكة الأنفاق، التي أطلق عليها الجيش الإسرائيلي وصف مترو غزة، نحو نصف طول شبكة مترو أنفاق نيويورك. والشبكة مجهزة بإمدادات المياه والكهرباء والتهوية، وتأوي قادة حماس كما تضم مراكز القيادة والتحكم ومخازن الأسلحة والذخيرة.

مثل الفلوجة

وتمثل الحرب على قطاع غزة أطول وأشرس صراع تخوضه إسرائيل منذ اجتياحها لبنان في 1982. وقاوم نتنياهو مطالبات دولية، ومن داخل إسرائيل، لتوضيح خطة ما بعد الحرب في قطاع غزة. وحذّر وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن من أن عدم وجود خريطة طريق يمكن أن يتسبب في انعدام للقانون في القطاع.

وقال مسؤول عربي ومصدران حكوميان من المنطقة العربية، طلبوا عدم نشر أسمائهم ليتسنى لهم حرية الحديث، إن الجيش الإسرائيلي قد يواجه تهديدات أمنية مماثلة لما واجهته الولايات المتحدة في مدينة الفلوجة بين عامي 2004 و2006 بعد الغزو الذي قادته واشنطن للعراق.

وقالت واشنطن وحلفاء لها في المنطقة العربية إنهم يعملون على خطة لما بعد الحرب على قطاع غزة تشمل مساراً محدداً زمنياً وغير قابل للتراجع عنه لإقامة دولة فلسطينية. وأوضح مسؤولون أميركيون أن الخطة عندما تكتمل ستطرحها واشنطن على إسرائيل، وأشاروا إلى أنها ستكون جزءاً من رؤية الولايات المتحدة المتعلقة بتنفيذ "صفقة كبرى"، بهدف التمكن من تحقيق تطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل.

(رويترز)