رادار يخترق الأرض.. مساعدة أميركية لإسرائيل لمطاردة يحيى السنوار

25 اغسطس 2024
يحيى السنوار خلال حضوره فعالية يوم القدس العالمي في غزة، 14 إبريل 2023 (الأناضول)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **ملاحقة يحيى السنوار**: رغم الجهود المكثفة واستخدام رادار يخترق الأرض، لم تتمكن إسرائيل من تحديد موقع رئيس حركة حماس يحيى السنوار بدقة، مما جعله يبدو كالشبح.

- **التعاون الاستخباري الأمريكي الإسرائيلي**: نفذ جيش الاحتلال غارات بناءً على معلومات استخبارية، لكن السنوار كان قد غادر. يعتمد السنوار على رسل لتجنب الاتصالات الإلكترونية، وقدمت الولايات المتحدة دعماً استخبارياً لا يقدر بثمن.

- **حياة السنوار في الأنفاق**: انتقل السنوار للعيش في شبكة من الأنفاق خلال الحرب، ويخرج منها فقط للضرورة. وافق وزير الأمن الإسرائيلي على إدخال شحنات وقود لضمان استمرار عمليات التنصت.

نشرت صحيفة نيويورك تايمز، اليوم الأحد، تقريراً مطولاً، تضمن مقابلات مع أكثر من عشرين مسؤولاً إسرائيلياً وأميركياً، حول ملاحقة رئيس حركة حماس يحيى السنوار طيلة أيام الحرب، متحدثة عن تقديم واشنطن لإسرائيل راداراً تخترق موجاته الأرض للمساعدة في ملاحقته، وعن رصد إحدى اتصالاته من دون التمكن من تحديد موقعه.

ولطالما توعد قادة الحرب في إسرائيل مراراً بالعثور على السنوار باعتباره "مهندس" عملية "طوفان الأقصى". وتقول الصحيفة إن السنوار أصبح كالشبح، إذ لم يظهر علناً بالمرة، ونادراً ما كان يصدر تعليماته لكتائب القسام، كما أنه لم يترك إلا أدلة قليلة حول مكان وجوده. ويُنظر إلى السنوار باعتباره الشخصية الأكثر أهمية في حماس، ويحرم عدم الوصول إليه سواء بالاغتيال أو الاعتقال، إسرائيل من الادعاء بالفوز بالحرب على حد وصف الصحيفة، كما تشير إلى أن النجاح في الوصول إليه يجعل رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو الذي يرفض وقف الحرب رغم مرور عشرة أشهر عليها، أكثر استعداداً ومرونة لإنهاء الحرب.

وتشير "نيويورك تايمز" نقلاً عن مسؤولين أميركيين وإسرائيليين، إلى أن جيش الاحتلال الإسرائيلي نفذ غارات في 31 يناير/ كانون الثاني الماضي على نفق في خانيونس جنوب قطاع غزة، بعد ورود معلومات استخبارية تفيد بأن يحيى السنوار كان موجوداً فيه، قبل أن يتبين أنه غادر المنطقة قبل أيام قليلة فقط تاركاً وراءه وثائق ونحو مليون شيكل كما تزعم. وقال مسؤولون أميركيون وإسرائيليون إن السنوار يعتمد موارد بشرية (رُسل) للتواصل مع حركة حماس، وإنه تخلى عن الاتصالات الإلكترونية منذ فترة طويلة، وهو ما جعله يتجنب الإيقاع به في ظل شبكة الاستخبارات المتطورة، بما جعل من ملاحقته أمراً محبطاً للمسؤولين الإسرائيليين والأميركيين.

وفي سبيل العثور على السنوار، أُنشئت وحدة خاصة داخل مقر جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (الشاباك)، كما كُلِّفت وكالات التجسس الأميركية باعتراض اتصالاته، وقدمت الولايات المتحدة راداراً يخترق الأرض لإسرائيل للمساعدة في البحث عنه وعن قادة حماس الآخرين. وفي التفاصيل، شكلت وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية فريق عمل، وأرسلت وزارة الدفاع الأميركية قوات خاصة إلى إسرائيل لتقديم المشورة لجيش الاحتلال بشأن الحرب في غزة، وأنشأت قنوات لتبادل المعلومات بين تل أبيب وواشنطن حول السنوار وغيره من القادة الكبار في حركة حماس والمحتجزين في قطاع غزة.

ونشر الأميركيون بحسب الصحيفة راداراً يخترق الأرض للمساعدة في رسم خرائط لمئات الأميال من الأنفاق التي يعتقدون أنها تحت غزة، إضافة إلى صور جديدة مقترنة بمعلومات استخبارية إسرائيلية تم جمعها من مقاتلي حركة حماس الذين تم أسرهم وكميات هائلة من الوثائق لبناء صورة أكثر اكتمالاً لشبكة الأنفاق. وقال أحد كبار المسؤولين الإسرائيليين إن الدعم الاستخباري الأميركي كان "لا يقدر بثمن". إلا أن صحيفة نيويورك تايمز تنقل أيضاً عن أحد الأشخاص المطلعين على الأمر قولهم، إن عملية تبادل المعلومات الاستخبارية كانت غير متوازنة، إذ كان الجانب الأميركي يأخذ أكثر مما يعطي، وكان الأميركيون يقدمون معلومات عن قادة حماس أملاً في عثور الجيش الإسرائيلي على المحتجزين الذين يحملون جنسية أميركية.

حياة يحيى السنوار في الأنفاق

قبل الحرب التي اندلعت في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول، كان السنوار صاحب حضور قوي في غزة، إذ أجرى مقابلات صحافية وترأس تدريبات عسكرية. وخلال الأسابيع الأولى للحرب، كان المسؤولون العسكريون الإسرائيليون يعتقدون أن السنوار يعيش في شبكة من الأنفاق في مدينة غزة. وفي الثالث عشر من فبراير/ شباط الماضي عرض المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي دانيال هاغاري، فيديو زعم أنه ليحيى السنوار وأفراد من أسرته في أحد الأنفاق، ووثق في العاشر من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.

وخلال هذه الفترة تشير الصحيفة إلى أن السنوار كان لا يزال يستخدم الهواتف الخلوية وكان يتحدث مع قادة الحركة في الدوحة بين وقت وآخر، ونجحت بالفعل وكالات التجسس الأميركية والإسرائيلية من مراقبة بعض هذه المكالمات، ولكنها لم تتمكن من تحديد موقعه. وفي حين كانت وسائل الإعلام الإسرائيلية تصر على أن السنوار لا يخرج من الأنفاق مع اشتداد القصف إلا للضرورة، أفاد مصدر قيادي في حركة حماس في أواخر إبريل/ نيسان إلى أن السنوار تفقد مناطق شهدت اشتباكات بين المقاومة والاحتلال.

وفي رواية لافتة، تقول الصحيفة إن وزير الأمن الإسرائيلي يوآف غالانت وافق على إدخال شحنات جديدة من الوقود إلى غزة لتشغيل المولدات اللازمة بغرض الإبقاء على عمليات التنصت الإسرائيلية وضمان استمرارها. وكانت مؤسسات أممية ودولية تطالب بإدخال الوقود إلى قطاع غزة لضمان عمل المولدات الكهربائية في المشافي في قطاع غزة، ووافقت حينها إسرائيل على إدخال شحنات من الوقود، ما دفع إلى الاعتقاد بأن هذه الموافقة تأتي بغرض الاستجابة الإنسانية، إلا أن ما تشير إليه الصحيفة يبين عكس ذلك.

تقول "نيويورك تايمز"، إن السنوار كان خلال هذه الفترة بحسب ما رصدت وكالات التجسس، متابعاً شرهاً لوسائل الإعلام الإسرائيلية، متحدثة عن إصراره على متابعة النشرة الرئيسية في الثامنة مساء عبر التلفزيون الإسرائيلي. فيما نقلت عن مسؤولين إسرائيليين قولهم، إن جميع عناصر حركة حماس يعيشون تحت الأرض في الأنفاق بما في ذلك يحيى السنوار ولا يخرجون إلا لأسباب صحية، مشيرين إلى أن شبكة الأنفاق التي يوجدون بها معقدة وواسعة ولديهم معلومات استخبارية جيدة حول مكان وجود القوات الإسرائيلية، لدرجة تتيح للسنوار الخروج في بعض الأحياء فوق الأرض من دون أن يتم اكتشافه.

وفي وقت كان فيه غالانت يشير بتبجح إلى أن السنوار يسمع أصوات الجرافات الإسرائيلية فوقه، عندما بدأت الجرافات بحفر الأنفاق في خانيونس كان السنوار يتقدم خطوة على جيش الاحتلال الإسرائيلي، بحسب "نيويورك تايمز"، إذ نجح في الخروج والانتقال من نفق كان يوجد فيه في خانيونس.
المساهمون