في خطوة جديدة قد تضيّق الخناق على النظام السوري، وحليفه "حزب الله"، طرح الحزبان الجمهوري والديمقراطي في مجلس النواب الأميركي، أمس الأول الأربعاء، قانون "الكبتاغون 2"، وذلك بعد نحو 20 يوماً من اعلان الحكومة الأميركية عن استراتيجيتها لمكافحة تجارة الكبتاغون نهاية يونيو/ حزيران الماضي.
وقال عضو التحالف الأميركي لأجل سورية، محمد غانم، في حسابه على "تويتر"، إن مشروع القانون الجديد يمنح الحكومة الأميركية صلاحيات جديدة لفرض عقوبات على نظام بشار الأسد و"حزب الله" وشبكاتهما و"جميع من ينشط في الاتجار بمخدرات الكبتاغون أو تصنيعها أو تهريبها أو تحويل الأرباح الناجمة عنها".
وأشار إلى أن رعاة مشروع القانون وصفوا بشار الأسد بأنه "زعيم عصابة دولية للاتجار بالمخدرات". وكان الكونغرس الأميركي قد مرر بمجلسيه، النواب والشيوخ، أواخر العام الماضي مشروع قانون مكافحة المخدرات الأول، قبل أن يصادق عليه الرئيس جو بايدن، ضمن ميزانية الدفاع الأميركية عن السنة المالية لعام 2023، في 23 ديسمبر/كانون الأول 2022.
إدارة بايدن ومكافحة الكبتاغون
وقال أحد مقدمي مشروع القانون الجديد، النائب عن الحزب الجمهوري فرينش هيل، إن "بشار الأسد زعيم مخدرات عابر للحدود، حيث يدمر عقار الكبتاغون العائلات في المنطقة، ويعزز شراكته الإرهابية مع إيران وحزب الله، بتمويل غير قانوني بالمليارات".
ورأى هيل في تصريح صحافي نُشر على موقع الكونغرس، أن إدارة بايدن حددت استراتيجيتها لمكافحة الإيرادات غير القانونية من الكبتاغون، التي فرضها مشروع قانون الكبتاغون السابق (والذي قدمه هيل نفسه) ومن المهم أن تستمر الحكومة في التصرف بشكل حاسم، لتعطيل وتفكيك إنتاج الكبتاغون والاتجار به.
هيل: من المهم أن تستمر الحكومة الأميركية في التصرف بشكل حاسم، لتعطيل وتفكيك إنتاج الكبتاغون والاتجار به
وأضاف أن مشروع القانون الجديد "سيزيد الضغط على نظام الأسد من خلال فرض عقوبات جديدة لاستهداف الأفراد والشبكات المرتبطة بإنتاج هذا المخدر والاتجار به بشكل مباشر"، معتبراً أنه من أجل "ضمان الاستقرار في المنطقة، يجب على حكومة الولايات المتحدة مواصلة العمل مع حلفائنا وشركائنا والضغط لوقف انتشار هذا المخدر الخطير".
من جهته، قال النائب عن الحزب الديمقراطي جاريد موسكويتز، على موقع الكونغرس: "لقد شهدنا عودة ظهور نظام الأسد منذ أن بدأ في الاستفادة من بيع هذا المخدر الخطير، لن تساعد العقوبات الجديدة في الحد من البيع غير القانوني للكبتاغون وإضعاف قدرة وصوله إلى الولايات المتحدة فحسب، بل ستزيد أيضاً من إضعاف نظام الأسد، والمنظمات الإرهابية التي يمولها".
وكانت وزارة الخارجية الأميركية قد أعلنت نهاية يونيو الماضي عن استراتيجيتها لمكافحة المخدرات وصناعة الكبتاغون المرتبطة بنظام الأسد، وذلك عبر 4 محاور تتضمن الضغط السياسي والدبلوماسي والعقوبات الاقتصادية.
وقالت الوزارة في بيان لها إنه بعد التشاور مع وزارتي الدفاع والخزانة وإدارة مكافحة المخدرات وتحقيقات الأمن الداخلي ومكتب مدير المخابرات الوطنية ومكتب السياسة الوطنية لمكافحة المخدرات، تمكنت من تطوير استراتيجية مشتركة بين الوكالات لاستهداف وتعطيل وإضعاف الشبكات التي تدعم البنية التحتية لمخدرات نظام الأسد وتنمية قدرة البلدان الشريكة المجاورة لسورية، للعمل المشترك في هذا السياق، من خلال المساعدة والتدريب لأجهزتها المختصة.
وتتضمن الاستراتيجية الدعم الدبلوماسي والاستخباراتي للدول الشريكة، إضافة إلى استخدام العقوبات الاقتصادية والأدوات المالية الأخرى لاستهداف شبكات التهريب التابعة لنظام الأسد، فضلاً عن أنشطة سياسية لممارسة الضغط على نظام الأسد. ووفق وزارة الخارجية، فإن شبكات تهريب الكبتاغون تنشط في 17 دولة من إيطاليا إلى ماليزيا، بما في ذلك تلك التي تشارك في توريد المادة الخام والإنتاج والعبور التوزيع النهائي.
ووفق تقارير إعلامية عدة، فإن جهات عدة مرتبطة بنظام الأسد و"حزب الله" اللبناني، تقوم بإنتاج أقراص الكبتاغون في سورية ولبنان، ليتم شحنها من الموانئ السورية واللبنانية أو يتم تهريبها عبر الحدود الأردنية والعراقية من قبل تجار المخدرات المرتبطين مع الأجهزة الأمنية للنظام السوري و"حزب الله".
هل تتحرك القوات الأميركية في سورية؟
وحول الأثر المحتمل للقانون الجديد الذي يجري العمل عليه، ومبررات ذلك في ظل وجود قانون مشابه بالفعل صادق عليه الرئيس الأميركي منذ أشهر قليلة، رأى المحامي المختص في القانون الدولي المعتصم الكيلاني، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن الإدارة الأميركية بحزبيها الديمقراطي والجمهوري جادة في محاسبة الأسد على تزعمه عصابة دولية للاتجار بالمخدرات، وفق الاستراتيجية التي طرحتها الشهر الماضي بغية تفكيك شبكة الكبتاغون التي باتت اليوم الأولى على مستوى العالم في التصنيع والتهريب.
الكيلاني: الإدارة الأميركية جادة في محاسبة الأسد على تزعمه عصابة دولية للاتجار بالمخدرات
وأضاف الكيلاني أن هذه الخطوات تأتي في ظل التصدي للتطبيع العربي مع نظام الأسد، خصوصاً بعد ما يبدو أنه فشل من جانب الدول العربية في الحصول على تنازلات هذا النظام الذي من الواضح أنه لا ينوي التراجع عن سياساته وأساليبه الحالية المخالفة للقانون الدولي. ولم يستبعد أن تلجأ الولايات المتحدة بالتنسيق مع شركائها في المنطقة إلى القيام بضربات محددة لمراكز تصنيع المخدرات في سورية، أو استهداف الأشخاص المتورطين في هذه التجارة، على غرار الغارة الأردنية أخيراً في الجنوب السوري.
وكانت الخارجية الأميركية قد قالت في وقت سابق، إن القوات الأميركية في سورية لديها قدرة محدودة على التأثير في إنتاج المخدرات المرتبط بنظام الأسد من داخل سورية، حيث تركز عمليات الجيش الأميركي على الهزيمة الدائمة لتنظيم "داعش"، ولذلك فإن الإدارة الاستراتيجية الأميركية لا تتضمن استخدام القوات العسكرية لتعطيل إنتاج الكبتاغون أو توزيعه داخل سورية، وستركز بدلاً من ذلك جهودها على معالجة سلسلة توريد المخدرات غير المشروعة، بما في ذلك الإنتاج والاتجار وغسل الأموال.
ورأى الصحافي السوري المتابع لهذا الملف فؤاد عبد العزيز، أن لدى واشنطن العديد من الأدوات لمحاربة تجارة الكبتاغون، ومنع نظام الأسد و"حزب الله" من استخدام النظام المالي الدولي لغسل عائدات المخدرات.
عبد العزيز: الولايات المتحدة ستزيد من تعاونها مع دول الجوار السوري لكبح تجارة الكبتاغون
وأضاف عبد العزيز، في حديث مع "العربي الجديد"، أن الولايات المتحدة ستزيد كما تقول من تعاونها مع دول الجوار السوري لكبح هذه الظاهرة، وتتبّع المسؤولين عنها وتزويد تلك البلدان بالإمكانات والتقنيات المطلوبة للقيام بهذه المهمة.
ورأى أن نظام الأسد بات اليوم في وضع صعب، فهو بحاجة ماسة للعملة الصعبة التي توفرها أموال المخدرات، لكنه يحاول عدم إغلاق بوابة التطبيع التي فُتحت أمامه مع بعض البلدان العربية والتي كانت مشروطة بمحاربة المخدرات، ولذا فمن المتوقع أن يحاول إمساك العصا من المنتصف، وتخفيف أنشطة المخدرات مؤقتاً إلى حين استكشاف مدى جدية البدائل المتاحة، وجدية العواقب المحتملة في حال التمسك بخيار المخدرات.