تثير التحركات والهجمات الأخيرة التي بدأ تنظيم "الدولة الاسلامية" (داعش) بشنّها على جبهات عدّة في محافظة الأنبار، مخاوف الحكومة العراقيّة من استعادة التنظيم سيطرته على زمام المبادرة في المحافظة، وحدوث انكسار أمنيّ فيها، الأمر الذي دفع رئيس الوزراء حيدر العبادي لعقد اجتماع طارئ وضع خلاله خطة لتدارك الموقف، فيما قلّل مراقبون من أهميّة الخطة بقدر أهميّة إمساك الأرض من قبل أبناء المحافظة.
ويكشف سياسي مطّلع، لـ"العربي الجديد"، أنّ "العبادي ترأس، مساء أمس الأول، اجتماعاً مهمّاً للمجلس الوزاري للأمن الوطني"، مبيناً أنّ "الاجتماع ركّز على بحث تحركات داعش الأخيرة في الأنبار وفتحه لجبهات متعدّدة في المحافظة وتأثيرها على معارك تحرير الأنبار". ويشير إلى أنّ "المجتمعين بحثوا وضع خطة عاجلة لتدارك الموقف في المحافظة، وإعادة السيطرة على المناطق التي بدأ التنظيم بشن هجمات عليها وأربك صفوف القوات الأمنيّة"، مبيناً أنّ "المجتمعين وضعوا خطة عاجلة سيبدأ العمل بها خلال الساعات المقبلة".
ويوضح أنّ "الخطّة ركّزت على زيادة التنسيق والتعاون مع التحالف الدولي، وإرسال تعزيزات عسكريّة إلى المحافظة، ووضع خطة لتحرير منطقة جزيرة الخالديّة التي تضم مركزاً لقيادة داعش وعدداً كبيراً من عناصره، والتي يتحرّك من خلالها لشنّ هجماته"، مبيناً أنّ "الخطة ستسخّر كل جهود العراق لحسم معركة الرمادي".
لكن اللواء الركن المتقاعد عبد العظيم الشمري، يقلل من أهميّة الخطة الجديدة، ودورها بتقويض هجمات "داعش". ويقول الشمري، في حديث لـ"العربي الجديد"، إنّ "استراتيجيّة القيادة العراقيّة لمعركة تحرير الأنبار غير متكاملة، فقد وضعت خطة لتنفيذ الهجمات، وحقّقت تقدماً ملحوظاً من خلال تحرير المجمّع الحكومي وسط الرمادي، فيما لم تضع خطة لمواصلة العمليات وملاحقة تنظيم داعش في مقراته، فضلاً عن ضعف تنسيقها خلال الفترة الأخيرة مع التحالف الدولي، الأمر الذي أكسب داعش فرصة التحرك من جديد".
ويشير إلى أنّ "الخطة الجديدة، تفتقر لعامل أساس في المعركة، وهو دور العشائر في الإمساك بالأراضي المحرّرة في الرمادي، وهو دور أساس في المعركة، ويتطلّب تحركاً سريعاً وتسليحاً جيداً لتلك العشائر، كي تصد أيّ هجمات للتنظيم"، مشيراً إلى أنّ "المعركة إذا استمرت على هذه الحالة من دون أي خطة لإمساك الأرض فإن داعش سيمسك زمام الأمور من جديد في المحافظة، ويتحرّك على تلك المناطق ليسلبها من جديد ويسيطر على زمام المبادرة". ويحذر الشمري من "خطورة الموقف في الأنبار، والذي يتطلّب تحرّكاً سريعاً وخطة محكمة توضع بالتنسيق مع التحالف الدولي".
اقرأ أيضاً: "داعش" يستأنف حربه في الرمادي... ضربة أمنية ومعنوية
ميدانياً، يؤكد القيادي في مجلس العشائر المتصدية لتنظيم "داعش" في المحافظة، عمّار العيساوي، أنّ "القوات الأمنية والعشائر تواجه صعوبات كبيرة في تقدمها بخطة التحرير". ويقول العيساوي، في حديث لـ"العربي الجديد"، إنّ "القوات الأمنيّة تخوض معارك شرسة في مناطق السجارية والصوفية شرقي الرمادي"، مبينا أنّ "المعارك مستمرّة منذ يومين، وأنّ القوات الأمنيّة تواجه صعوبة كبيرة في إحراز أيّ تقدم بهذا الاتجاه".
ويشير إلى أنّ "الاشتباكات مستمرة بين الطرفين في مناطق الثيلة والملعب والجمعيات وشارع الأطباء، وأنّ القوات العراقيّة بحاجة إلى تعزيزات ومساندة لإحراز تقدّم فيها"، لافتاً إلى أنّ "داعش شنّ هجمات على مناطق بروانة ومحور الخسفة التابع لبلدة حديثة غربي الأنبار، واشتبك مع القوات الأمنية، وأحرز تقدّماً فيها، بينما وصلت تعزيزات من قوات مكافحة الإرهاب لصد الهجوم". ويوضح العيساوي أنّ "التنظيم استطاع خلال الأيّام الأخيرة، استعادة نشاطه وقوته، تمخّض ذلك من خلال مقاومته الشرسة وهجماته الخاطفة التي يخوضها بمناطق عدة في المحافظة".
في مقابل ذلك، أكّد جهاز مكافحة الإرهاب "قرب تحرير مدينة الرمادي بشكل كامل". وقال قائد الجهاز، عبد الغني الأسدي، في بيان صحافي، إنّه "لم يتبق في الرمادي تحت سيطرة داعش سوى بعض المناطق القليلة جداً، والتي لن يستغرق تحريرها سوى ثلاثة أيّام فقط"، مؤكّداً أنّ "الرمادي ستصبح تحت سيطرة القوات العراقيّة بعد هذه الأيّام الثلاثة بشكل كامل". وأعلن "إحكام الطوق حول مدينة الفلوجة، لتجفيف منابع الإرهاب فيها، وننتظر الأمر من قبل رئيس الوزراء حيدر العبادي لشن الهجوم عليها لتحريرها".
يُشار إلى أنّ تنظيم "داعش"، استطاع أخيراً استعادة نشاطه في محافظة الأنبار، ليشنّ هجمات مباغتة على مواقع للقوات العراقيّة أربكت صفوفها، الأمر الذي أثار المخاوف من سيطرة التنظيم على زمام المبادرة في المحافظة من جديد.
اقرأ أيضاً: "داعش" يهاجم شمالي الرمادي بـ10 سيارات مفخخة