وصف مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بحالة حقوق الإنسان في ميانمار، توم أندروز، اليوم الأربعاء، الوضع في ميانمار بـ"الحرب المنسية"، قائلاً "إنّ شعب ميانمار تعرض للهجوم ليس من قبل جيش أجنبي غزا حدوده ولكن ما يشكل بالنسبة لهم قوة احتلال عسكرية أجنبية، اعتدت على حقوقهم الإنسانية، وديمقراطيتهم، وحكومتهم، والكثير من الأمور المتعلقة ببلدهم. إنها مأساة".
ويصادف اليوم الأربعاء مرور عامين على الانقلاب الذي نفذه الجيش في ميانمار، وهو ما اعتبره أندروز "الذكرى الثانية لإخفاق المجتمع الدولي للتعامل مع هذه الأزمة"، خلال تصريحات له بمؤتمر صحافي عقده في مقر الأمم المتحدة بنيويورك بمناسبة صدور تقريره حول الوضع في ميانمار.
وخلال تطرقه لوضع حقوق الإنسان، قال أندروز: "وظيفتي تقديم المعلومات للدول الأعضاء في الأمم المتحدة والتوصيات حول هذه الأزمة"، مضيفاً أنّ "تأثير الأزمة على مدى العامين الماضيين على حياة الناس بالغ وذلك نتيجة لجرائم العسكر المنهجية، وجرائمهم ضد الإنسانية وجرائم الحرب".
وتابع موضحاً: "لقي ما لا يقل عن 2900 شخص مصرعهم خلال العامين الماضيين وربما تكون الأرقام الفعلية أعلى من ذلك بكثير. كما اعتقل ما لا يقل عن 17 ألف شخص لأسباب سياسية. كما أحرق العسكر ودمروا وهدموا ما لا يقل عن 38 ألف منزل وعيادة ومدرسة منذ الانقلاب".
ولفت كذلك إلى أنه "تم تهجير 1.1 مليون شخص، مما يرفع العدد الإجمالي للنازحين في ميانمار إلى 1.5 مليون شخص"، مشيراً إلى أن "نصف أطفال ميانمار الذين هم في سن المدرسة، أي أكثر من 4 ملايين طفل، لا يحصلون على التعليم ولم يتعلموا في السنتين الماضيتين. كما أن قرابة نصف سكان ميانمار يعيشون الآن تحت خط الفقر".
وأوضح الخبير الأممي أنه "قبل الانقلاب كان هناك قرابة مليون شخص بحاجة لمساعدات إنسانية، أما في هذه السنة فسيصل عدد الذين يحتاجون إلى نوع من أنواع المساعدات الإنسانية إلى حوالي 17.6 مليون شخص، أي حوالي ثلث السكان".
وشدد على أنه "بالرغم من ذلك وربما بسببه فإن المقاومة مستمرة ضد النظام العسكري بكل الطرق وتزداد، وأن الجيش يسيطر على نسبة أقل من الأراضي في ميانمار مقارنة بالوضع قبل الانقلاب؛ حيث بسطت جماعات انقلابية وجماعات مسلحة ومعارضة سيطرتها على عدد أكبر من المناطق منذ الانقلاب العسكري".
وأشار أندروز إلى أنّ "مجلس إدارة الدولة"، وهو المجلس العسكري، "غير قانوني وغير شرعي"، داعياً المجتمع الدولي إلى عدم الاعتراف بـ "شرعيته" وإنشاء تحالف من الدول الأعضاء لفرض عقوبات قوية ومنسقة ضد المجلس العسكري وفي المقابل دعم حكومة الوحدة الوطنية، والتي تم انتخابها قبل الانقلاب العسكري.
وحذر من أنّ المجلس العسكري يخطط للحصول على الشرعية في عام 2023 من خلال تنظيم "انتخابات" زائفة. وحث الدول الأعضاء والمنظمات الدولية ومجموعات مراقبة الانتخابات على عدم تقديم الدعم الفني للجنة الاستشارية العليا في جهودها كي لا يتم إضفاء أي شرعية على ذلك.
وشدد على ضرورة "التنديد بصراحة بتلك الخطوات الهزلية التي تهدف إلى إدامة السيطرة العسكرية على النظام السياسي في ميانمار"، لافتاً إلى أنّ المجتمع الدولي بأغلبيته يرفض إضفاء أي شرعية على النظام في ميانمار، مؤكدا في الوقت ذاته أنّ هناك بعض الدول، من ضمنها بيلاروسيا والصين والهند وروسيا والسعودية وسريلانكا، اتخذت إجراءات تدعم ضمنياً الاعتراف بالمجلس العسكري كحكومة شرعية. وحذر من "أن تلك الإجراءات تشمل تقديم هذه الدول لأوراق اعتماد دبلوماسية، وتعزيز العلاقات الاقتصادية، والعسكرية، وفي حالة بيلاروسيا والهند فإنهما تتعاملان علناً مع المجلس العسكري ومخططاته لإجراء الانتخابات الزائفة".
واعتبر أنّ "المجلس العسكري يحاول من خلال العنف والقوة إعادة عقارب الساعة إلى الوراء، وإغلاق الباب أمام الانفتاح الديمقراطي في ميانمار، وتدمير التقدم في مجال حقوق الإنسان والفرص الاقتصادية التي بدأ شعب ميانمار يتمتع بها خلال العقد الماضي"، مشدداً على أنه يجب عدم السماح بذلك.
يذكر أنّ المقرر الخاص يعيّن من قبل مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة ويقدم تقاريره لمؤسسات الأمم المتحدة، ولكنه مستقل عنها وعن أي حكومة مما يجعل عمله غير مقيد وأكثر حرية.
ومطلع فبراير/ شباط 2021، نفذ قادة بالجيش في ميانمار انقلاباً عسكرياً تلاه اعتقال قادة كبار في الدولة، بينهم الرئيس وين مينت، والمستشارة أونغ سان سو تشي.
وإثر الانقلاب العسكري، خرجت التظاهرات الشعبية الرافضة في عموم البلاد، وأعلنت الإدارة العسكرية فرض الأحكام العرفية في 7 مناطق بمدينتي يانغون وماندلاي.