خاص | القاهرة تدرس تعديلات مقترحة على معاهدة السلام

10 أكتوبر 2024
قوات مصرية بالجانب المصري من الحدود مع غزة، سبتمبر الماضي (فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تدرس مصر وإسرائيل والولايات المتحدة تعديل الترتيبات الأمنية على الحدود مع غزة، بما في ذلك تركيب معدات تكنولوجية لمنع تهريب الأسلحة، في ظل التغيرات الميدانية في شمال سيناء.
- تهدف المشاورات إلى تعديل الملحق الأمني لمعاهدة كامب ديفيد، مع التركيز على ترتيبات جديدة لمعبر رفح وتغيير قواعد انتشار القوات المصرية في شمال سيناء.
- يحذر خبراء القانون الدولي من استغلال إسرائيل للوضع الحالي لفرض تغييرات غير مشروعة، مما قد يهدد الأمن القومي المصري، مع التأكيد على ضرورة أن تكون التعديلات جوهرية.

في ظل المتغيرات التي تشهدها المنطقة، والارتدادات الناجمة عن طوفان الأقصى، خصوصاً في المحيط الجغرافي القريب من قطاع غزة، والتطورات الميدانية المتمثلة في احتلال الجيش الإسرائيلي ممر صلاح الدين (فيلادلفي بالمسمى الإسرائيلي)، ووسط مطالبات لحكومة الاحتلال بترتيبات أمنية "جديدة" مع مصر في ما يتعلق بالحدود مع القطاع ومعبر رفح، علمت "العربي الجديد" أن دبلوماسيين وخبراء في القانون الدولي وعسكريين مصريين، عكفوا، في الأيام القليلة الماضية، على دراسة مقترحات مرتبطة بالتطورات الميدانية التي تشهدها الحدود بين مصر وقطاع غزة وكذلك ما يعرف بالمنطقتين (ج) و(د) في معاهدة السلام الموقّعة عام 1979 بين مصر ودولة الاحتلال الإسرائيلي، في الولايات المتحدة.

تعديلات على معاهدة السلام

وتفيد التقديرات الواردة من القاهرة بأن "ما يتم دراسته، ليس مقتصراً على المقترحات التي تطلبها تل أبيب بشأن الترتيبات الأمنية على الحدود بين مصر وقطاع غزة، والتي تشمل وجوداً في ممر صلاح الدين، ولكن أيضاً تركيب معدات تكنولوجية للرقابة على الحدود فوق الأرض وتحتها لمنع تهريب الأسلحة وحفر الأنفاق. وتتضمن المشاورات الجارية بين المتخصصين المصريين في هذا الصدد، الأوضاع الميدانية الجديدة في شمال سيناء والتي نشأت منذ اندلاع طوفان الأقصى، وبحث نشر قوات وأسلحة ثقيلة في المنطقة (ج)، التي حددها الملحق الأمني المرفق بمعاهدة السلام، ضمن الترتيبات المصرية لتأمين الحدود ومواجهة أي محاولات لاختراقها".

تتضمن المشاورات بين المتخصصين المصريين، الأوضاع الميدانية الجديدة في شمال سيناء والتي نشأت منذ اندلاع طوفان الأقصى

وبحسب المعلومات، فإن الحديث الجاري بشأن إدخال تعديلات على الملحق الأمني الخاص بمعاهدة كامب ديفيد، يهدف بالأساس لتوفيق الأوضاع الجديدة سواء الحالية والمرتقبة في إطار الطروحات الخاصة باليوم التالي في غزة عقب انتهاء العدوان على القطاع، والحديث عن ترتيبات جديدة بشأن معبر رفح البري، وهو ما يستدعي تعديلات في صياغة بعض بنود الملحق الأمني للمعاهدة، والتي من المقرر أن تشهد أيضاً، بحال الاتفاق على تعديلها، تغيير قواعد انتشار القوات المسلحة المصرية في شمال سيناء، وتقنين وضع القوات التي جرى نشرها أخيراً. وأكدت المعلومات أن "مشاورات موسعة جرت في هذا السياق بين مسؤولين أمنيين وعسكريين في كل من مصر وإسرائيل والولايات المتحدة، خلال عدة لقاءات مشتركة لوفود إسرائيلية، بينما لم تقدّم مصر رداً نهائياً بشأن الموافقة على مبدأ التعديل".

مخاوف من ألاعيب إسرائيلية

وفي السياق، أكد أستاذ القانون الدولي العام، خبير حفظ السلام الدولي السابق في البلقان، العميد المتقاعد أيمن سلامة، ضرورة أن "تتحسب مصر وتترقب لمثل هذا التعديل المتوقع بعد استقرار الأوضاع، وتحديداً بعد انتهاء النزاع المسلح في قطاع غزة". ورجح في حديث لـ"العربي الجديد" أن يستغل الاحتلال "ما حققه من إنجازات عسكرية، وتواجد عسكري (غير مشروع) والذي يعد مخالفة لمعاهدة السلام المصرية الإسرائيلية، فضلاً عن مخالفته أيضاً لبروتوكول فيلادلفي عام 2005"، وأضاف: "صحيح أن قطاع غزة ومحور فيلادلفي ليس أرضاً مصرية، ولكن إسرائيل هي التي طلبت توقيع هذا الاتفاق في 2005، جعلت العرّاب الأميركي هو الذي يتوسط في ذلك". واستطرد قائلاً إن "إسرائيل عوّدتنا أنها ليست دولة قانون ولا تحترم الالتزامات القانونية، ولا تكترث بعلاقات حسن الجوار مع جيرانها، ولذلك يجب أن تحتاط مصر في أي مفاوضات مع إسرائيل، حول أي تعديلات جديدة للملحق الأمني، لدحض سياسة الأمر الواقع، وضمان ألا يفرض الوجود العسكري الإسرائيلي، ورصف طريق كامل في المنطقة العازلة في محور فيلادلفي، تعديل الملحق الأمني لمعاهدة السلام المصرية الإسرائيلية". وتابع أن "هناك نقطة محورية، وهي أن ما فعلته إسرائيل في محور فيلادلفي، هو عزل لمصر عن فلسطين، عبر سياسة الأمر الواقع العسكري غير الشرعي"، مؤكداً أن "الأمر الواقع العسكري الإسرائيلي، يهدد الأمن القومي المصري".

وعن التعديل المحتمل على معاهدة السلام، أوضح سلامة أنه "في عام 2005، وقع ما يعرف بترتيبات أو تعديلات فيلادلفي، وكان ذلك هو التعديل الأول للملحق الأمني المرفق بمعاهدة السلام المصرية الإسرائيلية". وقال "التعديل الثاني للملحق الأمني، كان في عام 2021، والذي تم إبرامه بمقتضى بروتوكول، وهو التعديل الذي قام للمرة الأولى بتعديل تواجد قوات حرس الحدود المصرية في المنطقة (ج) وصارت هذه القوات مسلحة بأسلحة ثقيلة ومدرعات وغيرها لم تكن متوفرة لها قبل 2021". وشدد على أن "التغير الجوهري في الظروف، الذي يرتقب أن يجري بموجبه تعديل ثالث للملحق الأمني لمعاهدة السلام، يجب أن يكون كبيراً وجوهرياً، بحيث يغير طبيعة الالتزامات الناشئة عن المعاهدة".

سلامة: ما فعلته إسرائيل في محور فيلادلفي، هو عزل لمصر عن فلسطين، عبر سياسة الأمر الواقع

يذكر أن البروتوكول الأمني الملحق بالاتفاقية، رسم الحدود بين البلدين، وقسمها إلى أربع مناطق رئيسية، تقع ثلاث منها في شبه جزيرة سيناء بالأراضي المصرية، وهي (أ) و(ب) و(ج)، وواحدة على الجانب الآخر تسمى المنطقة (د). وكانت الاتفاقية تتيح وجود قوة عسكرية إسرائيلية محدودة من أربع كتائب مشاة لا يتجاوز عدد جنودها 4 آلاف، في المنطقة (د)، وتحصينات ميدانية محدودة، فضلاً عن مراقبين من الأمم المتحدة. ولا تتضمن القوة الإسرائيلية في هذه المنطقة أي دبابات أو مدفعية أو صواريخ فيما عدا صواريخ فردية أرض/جو.

وكانت القوات الإسرائيلية تسيطر على الشريط الحدودي مع مصر داخل غزة بما يشمل المنطقة الحدودية المتاخمة للحدود المصرية والمعروفة بمحور فيلادلفي التي تمتد بطول 14 كيلومتراً، حتى انسحابها من القطاع بشكل أحادي عام 2005. وفي أعقاب الانسحاب الإسرائيلي، وقّعت إسرائيل مع مصر بروتوكولاً سُمي "بروتوكول فيلادلفي" ملحقا باتفاقية السلام، سمح لمصر بنشر 750 جندياً في المنطقة المشار إليها بالمنطقة (ج) على امتداد حدودها مع غزة والملاصقة للمنطقة (د)، وهي ليست قوة عسكرية بل شرطية لمكافحة الإرهاب والتسلل عبر الحدود.

المساهمون