جولة وزير خارجية الصين في أفريقيا: الأجندة وأبرز الملفات

12 يناير 2024
تأتي الزيارة في إطار تقليد سنوي دأبت عليه الصين منذ 34 عاماً (فرانس برس)
+ الخط -

يبدأ وزير الخارجية الصيني وانغ يي، غداً السبت جولة أفريقية تستمر حتى الثامن عشر من الشهر الجاري، وتشمل كلاً من: مصر وتونس وتوغو وكوت ديفوار، وتأتي الزيارة في إطار تقليد سنوي دأبت عليه الصين منذ 34 عاماً، إذ تحرص على افتتاح أولى جولاتها الدبلوماسية كل عام بزيارة القارة السمراء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية ماو نينغ، في إفادة صحافية أمس الخميس، بأن زيارة وانغ يي، تأتي استجابة لدعوة من الدول الأربع، وتهدف إلى تعزيز تنفيذ نتائج حوار قادة منتدى التعاون الصيني الأفريقي (فوكاك)، والتنسيق مع الدول الأفريقية بشأن دورة جديدة لمنتدى التعاون الصيني الأفريقي المقرر عقدها في وقت لاحق من هذا العام.
ولفتت إلى أن الزيارة تأتي أيضاً استجابة لتوجيهات الرئيس الصيني شي جين بينغ، الذي كان قد اقترح في الحوار بين قادة الصين وأفريقيا في العام الماضي، ثلاثة تدابير تعاون جديدة لدعم التصنيع والتحديث الزراعي ورعاية المواهب في القارة السمراء.

يشار إلى أنه في يناير من عام 1991 قام وزير الخارجية الصيني آنذاك تشيان تشى تشن، بزيارة رسمية ودية إلى إثيوبيا وأوغندا وكينيا وتنزانيا. ومنذ ذلك الحين، دأب وزراء الخارجية الصينيون المتعاقبون على زيارة القارة الأفريقية في بداية كل عام.

هذا وأفردت وسائل إعلام رسمية صينية مساحة كبيرة للحديث عن جولة وانغ يي الخارجية، وارتباطها بالظروف والتوترات الراهنة التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط، خاصة أن الزيارة سوف تشمل دولتين عربيتين شمال أفريقيا هما مصر وتونس.

وذكرت صحيفة غلوبال تايمز المملوكة للدولة، أن زيارة هذا العام للدول الأربع تسلط الضوء على اهتمام الصين المتزايد بالوضع الأمني في شمال أفريقيا على خلفية التداعيات المحتملة للصراع الإسرائيلي الفلسطيني.

وقالت إن اختيار زيارة شمال أفريقيا على وجه التحديد يعكس أيضا قلق الصين المتزايد بشأن الوضع الأمني في الشرق الأوسط والبحر الأحمر، وأن استمرار تصاعد التوترات في المنطقة، يهدد الممر الآمن لشريان حياة مهم للاقتصاد الدولي، وينذر بامتداد الصراع.

وأشارت إلى أن الوضع الراهن خطير للغاية من المنظورين السياسي والاقتصادي، وبالتالي فإن وصول وانغ يي، في هذه المرحلة من شأنه أن يجلب الأمل في تنسيق العلاقات بين القوى الإقليمية.

 

تنسيق بين الصين وأفريقيا

في تعليقه على أهداف الزيارة، قال الباحث الصيني في العلاقات الدولية وانغ تشي بينغ، في حديث مع "العربي الجديد": "لا شك هناك علاقة مباشرة بين التطورات الراهنة واختيار وزير الخارجية الصيني بعض الدول الأفريقية دون غيرها لتكون ضمن جولته الخارجية الأولى هذا العام، فدولة مثل مصر على سبيل المثال انضمت حديثاً إلى أسرة "بريكس" بعد أن قامت المجموعة بتوسيع إطارها لتشمل خمس دول جديدة هي: المملكة العربية السعودية والإمارات ومصر وإيران وإثيوبيا. وبعض هذه الدول تطل على البحر الأحمر الذي يشهد توترات غير مسبوقة، ولها صلة بشكل أو بآخر بما يجري في المنطقة، لذا هناك حاجة ملحة لتنسيق الجهود بما يحول دون امتداد الصراع وخروجه عن نطاق السيطرة، لما لذلك من تأثيرات وارتدادات عكسية على اقتصادات الدول المنضمة حديثاً لمجموعة البريكس، فضلاً عن المخاطر التي قد تؤثر على الخريطة الجيوسياسية في تلك المنطقة والتي أيضاً تمس مصالح بكين".

أيضاً لفت وانغ تشي، إلى أهمية غرب أفريقيا بالنسبة للصين، وقال إن "تلك المناطق شهدت تقلبات واضطرابات سياسية على مدار الأعوام الماضية، وقد انعكس ذلك على الأمن والاستقرار، وواجهت دول المنطقة مثل توغو وكوت ديفوار تحديات كبيرة تتعلق بمسار التنمية، وانطلاقاً من ذلك تأتي زيارة وانغ يي، لتأكيد الدعم الصيني في إطار خطة استراتيجية تهدف إلى بناء مجتمع ذي مستقبل مشترك".

أبعاد اقتصادية

من جهته، قال الخبير الاقتصادي تشي جيانغ، لـ"العربي الجديد"، إنه "بالرغم من التوترات الأمنية والدوافع السياسية، لا يمكن إغفال البعد الاقتصادي لجولة وزير الخارجية الأفريقية، ويمكن قراءة ذلك من منظور "المنافسة الصينية الأميركية"، خاصة أن واشنطن تنافس بكين على النفوذ في القارة السمراء وهذا ليس سراً، فالصين اليوم أصبحت الشريك التجاري الرئيسي للدول الأفريقية، حيث شهد العام الماضي نمواً في حجم التبادل التجاري بين الجانبين بنسبة 7.4 في المائة على أساس سنوي، كما بلغ التبادل التجاري بينهما 1.14 تريليون يوان أي ما يعادل 160 مليار دولار، وذلك فقط خلال النصف الأول من العام الماضي".

وأضاف المتحدث: "أيضاً الصين لديها مشاريع ضخمة في عدة دول أفريقية وهي مستثمر رئيسي في مشاريع البنية التحتية والتعدين، وبالتالي ستشكل زيارة وانغ يي، قوة دافعة جديدة للعلاقات الصينية الأفريقية، كما أن نفوذ الصين في المنطقة من المتوقع أن يستمر في تجاوز نفوذ الولايات المتحدة على مدار السنوات المقبلة، مع وجود سلسلة متواصلة من الخطط في مجالات والتعاون الاقتصادي والتجاري والاقتصاد الرقمي، وذلك في إطار مبادرة الحزام والطريق". مشيرا إلى أن جميع هذه العوامل تجعل من القارة السمراء محطة أولى وأساسية للحراك الصيني على الساحة الدولية.

يذكر أنه حتى الآن، وقعت 52 دولة أفريقية على الأقل ومفوضية الاتحاد الأفريقي اتفاقيات تعاون في إطار مبادرة الحزام والطريق مع الصين، وحافظت بكين على مكانتها كأكبر شريك تجاري لأفريقيا لمدة 12 عاما على التوالي، وظلت استثماراتها المباشرة في القارة ثابتة على مدى العقد الماضي، مع تنفيذ أكثر من 1100 مشروع تعاوني مع شركاء أفريقيين.