استمع إلى الملخص
- **الأحداث السياسية والاحتجاجات:** شهدت فترة رئاسته حراكاً احتجاجياً واسعاً بين 2012 و2014 اعتراضاً على تعديل النظام الانتخابي، مما أدى إلى مواجهات مع المحتجين وملاحقات قضائية.
- **قضية "صندوق الجيش" والإطاحة بجابر الصباح:** في 2019، اشتعلت قضية "صندوق الجيش" مما أدى إلى استقالة الحكومة وإطاحة الشيخ جابر، مع إلزامه برد مبالغ مالية.
أعلنت الكويت، اليوم السبت، وفاة رئيس مجلس الوزراء الأسبق الشيخ جابر الصباح عن عمر ناهز 82 عاماً، بعد مسيرة سياسية مليئة بالتقلبات امتدت من عام 2011 حتى إطاحته في عام 2019 بتهم فساد.
وتقلّد الشيخ جابر الصباح، المولود في عام 1942، منصب رئيس مجلس الوزراء في أواخر نوفمبر/تشرين الثاني 2011، بعد إطاحة سلفه ناصر المحمد الأحمد الصباح من رئاسة الحكومة، إثر حراك احتجاجي كبير قادته المعارضة في مجلس الأمة (البرلمان) المُنتخب عام 2009، بسبب اتهامه بقضايا فساد مالية تتعلق برشوة عدد من أعضاء البرلمان، في قضية عُرفت باسم "الإيداعات المليونية".
وفي حينه، أدى الحراك الاحتجاجي المُعارض متأثراً بأحداث الربيع العربي إلى اقتحام المعارضة مبنى مجلس الأمة، ما أسفر عن تقديم رئيس الحكومة، آنذاك، الشيخ ناصر المحمد الصباح استقالته إلى أمير الكويت الراحل الشيخ صباح الأحمد الصباح، الذي قبل الاستقالة واصفاً يوم حادثة اقتحام البرلمان بـ"الأربعاء الأسود"، وكلّف بعدها بأيام الشيخ جابر المبارك الصباح رئيساً جديداً للحكومة، ثم أعلن حلّ مجلس 2009.
وفي أول انتخابات تشهدها حقبة رئاسة الشيخ جابر المبارك الحكومة الكويتية، في فبراير/شباط 2012، حققت المعارضة اكتساحا وسيطرت على تركيبة البرلمان (مجلس الأمة) بنحو 40 عضواً (من أصل 50)، في رقم قياسي غير مسبوق في تاريخ الكويت السياسي حينها. ولكن المجلس سجل سابقة دستورية جديدة على البلاد في حينه، بعد قرار المحكمة الدستورية إبطاله بسبب أخطاء إجرائية في مرسوم حلّ مجلس 2009 من قِبل الحكومة.
وخلال رئاسة الشيخ جابر الصباح الحكومة، أبطلت المحكمة الدستورية مجلس الأمة المنتخب في ديسمبر/كانون الأول 2012، ومجلس يوليو/تموز 2013، اللذين انتخبا وفق نظام جديد، بعد إصدار أمير الكويت الراحل الشيخ صباح الأحمد الصباح "مرسوم ضرورة" قلّص بموجبه أصوات الناخبين من أربعة أصوات إلى صوت واحد (كان النظام الانتخابي ينصّ على أن يمنح الناخب الواحد صوته لأربعة مرشحين في الدائرة)، وهو ما قُوبل باعتراض القوى السياسية في الكويت التي قررت مقاطعة الانتخابات احتجاجاً على تعديل النظام الانتخابي، وسجّلت بسبب ذلك أدنى نسبة مشاركة انتخابية في تاريخ البرلمانات الكويتية، قبل أن تُكسر المقاطعة جزئياً في مجلس نوفمبر/تشرين الثاني 2016، وهي الانتخابات الأخيرة التي أجُريت برئاسة الشيخ جابر المبارك الصباح الحكومة.
وشهدت الكويت في الأعوام ما بين 2012 و2014 حراكاً احتجاجياً واسعاً انطلق من الاعتراض على تعديل النظام الانتخابي، وقاد إلى تشكيل "ائتلاف المعارضة" الذي طالب بإصلاحات سياسية شاملة، في مقدمتها الحكومة المُنتخبة وتعديل الدستور، لكن الحكومة بقيادة جابر المبارك الصباح قابلت الحراك بالقمع بعد تصاعده بشكل غير مسبوق في الشوارع، ما أدى إلى مواجهات مع المحتجين، وملاحقات قضائية، وسجن عدد كبير من المعارضين السياسيين، وسحب الجنسية الكويتية من عدد من الشخصيات المُعارضة، كان أبرزها آنذاك النائب السابق عبد الله البرغش، والداعية الإسلامي نبيل العوضي، والصحافي سعد العجمي، ورئيس تحرير صحيفة "عالم اليوم" أحمد الجبر، وهو ما أدى في حينها إلى توقّف الاحتجاجات تماماً، قبل أن تُعاد الجنسيات لاحقاً على فترات (ما بين 2017 و2022).
جابر الصباح: مغادرة من الباب الضيق
وغادر الشيخ جابر المبارك الصباح منصب رئيس مجلس الوزراء في نوفمبر/تشرين الثاني 2019، على خلفية اشتعال قضية "صندوق الجيش" لدى الرأي العام المحلي، بعدما صدم وزير الدفاع الكويتي آنذاك الشيخ ناصر صباح الأحمد الصباح الشارع الكويتي بإحالة بلاغ إلى النيابة العامة يتضمن تجاوزات مالية ضخمة في وزارة الدفاع، والاستيلاء على أموال مخصصة للجيش الكويتي، والتربح من صفقات شراء طائرات حربية، واتهامه علناً كلاً من رئيس مجلس الوزراء حينها الشيخ جابر الصباح، ووزير الداخلية الشيخ خالد الجراح الصباح، أثناء فترة تولّيه وزارة الدفاع (ما بين 2013 و2017)، إضافة إلى عدد من كبار قادة الجيش والوزارة.
وأدى بلاغ "صندوق الجيش"، بعدما سُربت أوراقه وبياناته في وسائل التواصل الاجتماعي، إلى إشعال الرأي العام، ودارت آنذاك حرب بيانات بين وزيري الدفاع والداخلية، في تعبير عن الشرخ الكبير بين أطراف الأسرة الحاكمة في الحكومة. وإثر ضغط الشارع الكويتي الواسع، والضغط النيابي والسياسي، تقدّمت الحكومة باستقالتها، وأطاح البلاغ رسمياً رئيس الحكومة الشيخ جابر المبارك الصباح من منصبه، قبل أن تفصل محكمة التمييز الكويتية في القضية نهائياً، في 26 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، بإصدارها حكماً بحبس وزير الدفاع الأسبق الشيخ خالد الجراح الصباح، وآخرين، سبع سنوات مع الشغل، مع الامتناع عن نطق عقاب رئيس الوزراء الأسبق الراحل (إدانة من دون سجن)، لكنها ألزمته بردّ مبالغ مالية. وخلال سنوات المحاكمة الأربع، حُبس الاثنان على فترات مختلفة، في سابقة بتاريخ الكويت تمثلت بسجن أبناء من الأسرة الحاكمة على خلفية قضايا فساد، ومنعهما من السفر قبل الفصل بالحكم.