ثلاثاء بغداد الدامي لا يرهب الحراك

27 مايو 2021
يخطط المتظاهرون لتطوير أساليب حراكهم (طه حسين علي/Getty)
+ الخط -

استقرت حصيلة يوم الثلاثاء الدامي (أول من أمس)، في العاصمة العراقية بغداد، والتي شهدت عمليات قمع أمنية جديدة للمتظاهرين والناشطين في الحراك الشعبي، على قتيلين وأكثر من 50 جريحاً، ما زال نحو 20 منهم يرقدون في المستشفيات. وأطلق سراح أغلب المعتقلين، أول من أمس، وهم بالعشرات، جرّاء الحملة القمعية، بالإضافة إلى تسجيل هجمات من قبل جماعات مسلحة بالسكاكين والحراب، استهدفت ناشطين اثنين ومتظاهرين. وأكدت مصادر داخل تنسيقيات التظاهرات جنوبي العراق، عقد اجتماع مرتقب لها لاتخاذ قرار حول استئناف التظاهر من عدمه، وفقاً لما قد ينتج عن تعهدات رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي لها. 

سقط قتيلان وأكثر من 50 مصاباً بقمع الأمن للمتظاهرين

وبعد انقضاء نهار أول من أمس الثلاثاء بهدوء إجمالي طغى على الحراك وتظاهراته التي انتشرت في ساحات العاصمة، واجه المتظاهرون، مساء اليوم ذاته، عنفاً دامياً جديداً على يد قوات الأمن العراقية، لم تسلم منه حتى النساء المشاركات في التظاهرات. ووثّق ناشطون عمليات ضرب وتنكيل، إلى جانب استخدام الرصاص الحيّ، كما أشار التقرير الطبي لأحد الضحايا. ووثّق التقرير تعرضه لقنبلة دخانية اخترقت رأسه، قبل أن يتوفى متأثراً بإصابته في أحد مستشفيات بغداد.

وسيطرت القوات العراقية ممثلة بجهاز فضّ الشغب والجيش على كامل ساحات التحرير والفردوس والنسور بجانبي الرصافة والكرخ في بغداد، فجر أمس الأربعاء، بشكل كامل، بعد انسحاب المتظاهرين. وقام سكان الأحياء البغدادية القريبة من تلك الساحات، بفتح منازلهم لإيواء كثير من المتظاهرين الوافدين من المحافظات الجنوبية إلى بغداد، بسبب معلومات عن اعتقال زملاء لهم توجهوا إلى فنادق وسط العاصمة للمبيت فيها، أو خوفهم من ملاحقة الأمن لهم داخل الأزقة والمتفرعات الضيقة.
من جهتها، تحدثت مصادر من داخل تنسيقيات ذي قار وكربلاء عن التحضير لاجتماع مرتقب للاتفاق على الخطوة المقبلة للمتظاهرين: التصعيد أو انتظار لجنة تحقيق الكاظمي. وفي هذا السياق، قال عضو التيار المدني العراقي ميثم العزاوي إنّ "الانسحاب من ساحة التحرير كان اضطرارياً للحفاظ على سلامة المتظاهرين". وأكد في حديث لـ"العربي الجديد"، أنّ "تنسيقيات التظاهرات في العراق لم تتفق حتى الآن على بيان مشترك لشرح ما حصل، لكنّ جميع أعضائها اتفقوا ضمنياً على التصعيد عبر اللجوء إلى الإعلام وفضح الجهات التي تساهم بقتل الناشطين، إضافة إلى تحديد موعد لعودة التظاهرات".
أما عضو تنسيقية تظاهرات مدينة بابل علي الجنابي، فكشف أنّ "الأول من يوليو/ تموز المقبل هو الموعد الأقرب لعودة الحراك ضد حكومة الكاظمي، التي ثبت بالدليل أنّها لا تقمع المنتفضين فقط، بل تقوم بالتستر على القتلة الذين يعملون لصالح الأحزاب السياسية"، مؤكداً لـ"العربي الجديد"، أن "الموعد في حال أقر، سيشهد أنواعاً جديدة من التصعيد، بينها الإعلامي بمنحى دولي، لتعريف العالم بالقضية العراقية".
من جهتها، رأت السياسية العراقية شروق العبايجي أنّ "السلطة العراقية تخسر يومياً فرص إصلاح نفسها عبر استغلال الضغط الشعبي". وأوضحت في اتصالٍ مع "العربي الجديد"، أن "المتظاهرين يواصلون تعلم فنون التنظيم، وقد يكون هناك تصعيد من نوع آخر بتوقيت أفضل".

اعتقلت قوات أمنية خاصة أمس قيادياً بارزاً بـ"الحشد"

بدوره، رأى الباحث والمحلل السياسي عبد الله الركابي أنّ "هناك ضعفاً كبيراً لدى الكاظمي في التحكم بالتشكيلات العسكرية المسؤولة عن حماية المتظاهرين، ما يشرح مدى تغول الأحزاب السياسية والفصائل المسلحة في القرارات الأمنية". وبيَّن الركابي، في حديث لـ"العربي الجديد"، أنّ "الحكومة وأحزاب السلطة تعرف تماماً أنّ المتظاهرين لن يهدأوا، لكنّ السلطة تريد صنع جيل احتجاجي لا يمس مصالح الأحزاب ويكتفي بالمطالب الخدمية"، معتبراً أنّ هذا النهج لا يتناسب مع وعي الشعب.
 

المساهمون