أثنى وزير الخارجية المغربي، ناصر بوريطة، السبت، على القرار الذي اعتمده مجلس الأمن الدولي، أمس الجمعة، بشأن تمديد مهمة بعثة "مينورسو" إلى الصحراء، واصفاً إياه بـ"الواضح والحازم والثابت".
وقال بوريطة، مساء السبت، في تصريح صحافي مكتوب توصل "العربي الجديد " على نسخة منه، إنّ القرار رقم 2548 الذي اعتمده مجلس الأمن الدولي بشأن الصحراء، يحتوي على ثلاث رسائل تكشف الوضوح والحزم والثبات، لافتاً إلى أنّ "الوضوح تمثل في تحديد الأطراف الحقيقية في هذا النزاع الإقليمي، بالإشارة تحديداً إلى دور الجزائر، التي تم ذكرها ما لا يقل عن 5 مرات، بينما لم يتم ذكر هذا البلد على الإطلاق في القرارات السابقة لعام 2017".
واعتبر بوريطة أن "القرار يطالب الجزائر بلعب دور يعادل حجم انخراطها في هذا النزاع الإقليمي سياسياً ودبلوماسياً، وعسكرياً وإنسانياً"، لافتاً إلى عدم إمكانية قيام مسار سياسي للتسوية بدون الانخراط الفعلي والبناء لهذا البلد.
وفي السياق، قال وزير الخارجية المغربي إنّ الوضوح يتمثل كذلك "في تحديد هدف العملية السياسية، والوضوح أخيراً في مسار العملية السياسية، من خلال الموائد المستديرة التي يجب أن تعرف مشاركة كافة الأطراف المعنية وعلى الخصوص الجزائر".
ووفق بوريطة، فإنّ توجه مجلس الأمن يبقى واضحاً بخصوص قضية الصحراء المغربية، ما يعني أنّ أي حل غير سياسي ولا براغماتي، أو مفتقد للواقعية وغير قابل للأجرأة، يبقى مستبعداً من الأساس، مشيراً إلى أنّ "من يحرصون على إثارة خيار الاستفتاء يسيرون بعيداً عن الحلول الأممية؛ التي تشمل الشرعية الدولية وتعبّر عن إرادة المنتظم الدولي".
من جهة أخرى، قال بوريطة إنّ الحزم المتضمن في القرار "يبرز بخصوص عملية إحصاء السكان المحتجزين في مخيمات تندوف، وكذا الحزم في احترام وقف إطلاق النار ووقف الأعمال الاستفزازية والتي تستهدف زعزعة الاستقرار". وربط بوريطة الثبات ضمن "القرار 2548" بالحفاظ على مكتسبات المغرب، زيادة على تجديد مهمة بعثة "مينورسو".
ويأتي الموقف المغربي في وقت هددت فيه جبهة "البوليساريو" بالتصعيد وإعادة النظر في مشاركتها في عملية السلام التي ترعاها الأمم المتحدة في الصحراء.
وقالت، في بيان لها، إنها "ستواصل تصعيد كفاح التحرير الوطني أمام تقاعس الأمم المتحدة عن ضمان تنفيذ ولاية بعثتها للاستفتاء في الصحراء"، مبدية أسفها لـ"عدم تضمن القرار أي إجراءات ملموسة لتمكين بعثة المينورسو من تنفيذ الولاية التي أنشئت من أجلها في عام 1991"، وهي"إجراء استفتاء لتقرير المصير".
وشددت "البوليساريو" على قرارها بشأن إعادة النظر في مشاركتها في عملية السلام، مؤكدة أنها لن تشارك في أي عملية لا تتماشى مع الولاية التي أنشأ مجلس الأمن لتنفيذها بعثة "مينورسو ".
وكان مجلس الأمن الدولي قد جدد، مساء أمس الجمعة، ولاية بعثة "مينورسو " لمدة عام كامل، داعياً إلى تعيين مبعوث شخصي جديد للأمين العام للأمم المتحدة بالصحراء.
وشدد قرار مجلس الأمن على ضرورة "التوصل إلى حل سياسي واقعي وعملي ودائم" لقضية الصحراء "على أساس التوافق"، وكذا على ضرورة مواصلة مسلسل الطاولات المستديرة، وتشجيع "استئناف المشاورات بين المبعوث الشخصي المقبل" وأطراف هذا النزاع الإقليمي، ويتعلق الأمر بكل من المغرب والجزائر وموريتانيا و"جبهة البوليساريو".
ولم يفت مجلس الأمن حث أطراف النزاع على إظهار الإرادة السياسية والعمل في مناخ ملائم للحوار، بما يضمن تنفيذ قرارات المجلس منذ عام 2007، الذي يصادف تقديم المغرب مبادرته بشأن الحكم الذاتي.
وتعليقاً على القرار الجديد، قال الباحث في شؤون الصحراء، نوفل البوعمري، لـ"العربي الجديد"، إنّ القرار إيذان بتحول كبير ستعيشه المنطقة على المستوى الميداني، إذ فتح المجال أمام المغرب من أجل التحرك ووقف أي محاولات لاستفزاز المغرب خاصة أن تقرير الأمين العام للأمم المتحدة الصادر في أواخر سبتمبر/ أيلول الماضي قد أكد على استعجالية العودة للوضع السابق، أي الوضع الذي كان يدير فيه المغرب المعبر والمنطقة لأنه الوحيد القادر على الحفاظ على أمن المنطقة وسلامتها وسلامة البعثة التي أصبحت اليوم مهددة من طرف عناصر الجبهة.
ويرى الباحث أنّ القرار في جانبه السياسي أعاد التأكيد بوضوح أكبر على دعم الحل السياسي الذي تقدم به المغرب، من خلال التأكيد على مرجعية الحل ليس فقط بالإشارة إلى قرار 2440 الصادر سنة 2017، بل أعاد تحديد مرجعية الحل السياسي وفق معايير مقررات وتوصيات مجلس الأمن الصادرة منذ سنة 2008، وهي السنة التي أصبح فيها الحكم الذاتي معياراً و مرجعاً للحل السياسي، واعترفت به الأمم المتحدة بكونه حلاً ذا مصداقية وقابلاً للتطبيق.
وبحسب البوعمري، فإنّ "معايير الحل السياسي واضحة اليوم، من حيث تأكيدها على المدخل السياسي للحل ممثلاً في الحكم الذاتي، وهو ما يفسر صدور بيان الجبهة وتحركاتها الأخيرة في الكركرات التي لم تكن تهدف إلى غلق المعبر بل إلى تغيير معايير الحل الحالية والعودة لمرحلة ما قبل،2007 ، وهو ما فشلت فيه ويشكل انتكاسة سياسية كبيرة لها".