تكتل سياسي يمني بغياب "الانتقالي الجنوبي"... مشهد مكرر بأروقة الشرعية

06 نوفمبر 2024
بن دغر، مكتب الأمم المتحدة، جنيف، 25 إبريل 2017 (فابريس كوفريني/فرانس برس)
+ الخط -

تعيش الأحزاب والقوى السياسية اليمنية في متاهة تشكيل تحالفات سياسية، فلا يتم البدء بتشكيل لجان تحالف سياسي إلا ويعلن عن تشكيل تحالف جديد، ما يعني بنظر مراقبين أن هذه التحالفات تولد ميتة نتيجة غياب الرؤية والهدف الجامع لها. ولا يرجح أن يكون مصير التكتل الوطني للأحزاب والقوى السياسية في اليمن، الذي تم التوقيع على تشكيله الاثنين الماضي، وإشهاره من عدن أمس الثلاثاء، مختلفاً، خصوصاً في ظل إعلان المجلس الانتقالي الجنوبي المنادي بالانفصال عدم المشاركة بالتكتل. يضم التكتل 23 حزباً ومكوناً سياسياً، أبرزها المؤتمر الشعبي العام والتجمع اليمني للإصلاح والحزب الاشتراكي اليمني والتنظيم الناصري والمكتب السياسي للمقاومة الوطنية والحراك الجنوبي السلمي. فيما قال المتحدث الرسمي باسم "الانتقالي" سالم ثابت العولقي على منصة إكس، أول من أمس، إن "المجلس الانتقالي الجنوبي تابع نشاط التكتل الذي يعمل عليه عدد من الأطراف لإعلانه، وفي هذا الصدد يؤكد المجلس الانتقالي عدم مشاركته في هذا التكتل أو الأنشطة الخاصة به".

يأتي تشكيل التكتل الجديد بعد إعلان 16 حزباً وتنظيماً سياسياً، أبرزها "المؤتمر" و"الإصلاح" و"الاشتراكي" و"الناصري" و"البعث"، في إبريل/ نيسان 2019، على هامش انعقاد جلسة لمجلس النواب، إشهار تحالف سياسي داعم للشرعية واستعادة الدولة، وملتزم بالمرجعيات والثوابت الوطنية، باسم "التحالف الوطني للقوى السياسية اليمنية". غير أن تجربة هذا التحالف لم يكتب لها النجاح نتيجة بقائه صورياً ومقتصراً على القيادات العليا لمكوناته، كما لم ينعكس على فروع المحافظات، مع بقاء دوره محصوراً في إصدار البيانات السياسية في المناسبات، في ظل تباينات في المواقف بين مكوناته الرئيسية. تجعل التجارب السلبية للتحالفات السياسية بين الأحزاب اليمنية يمنيين كثر غير متفائلين بالإعلان عن تحالفات وتكتلات سياسية جديدة، باعتبارها نسخة من سابقاتها. غير أن البعض يتفاءل من باب دعم أي عمل سياسي وحزبي يمكن أن يعيد الحياة للعمل السياسي الذي أصيب بمقتل عقب انقلاب الحوثيين على الدولة في 21 سبتمبر/ أيلول 2014، وتسيّد الجماعات المسلحة للمشهد في البلاد.

رنا غانم: المحاولات مستمرة لانضمام "الانتقالي" إلى هذا التكتل

تحفظات "الانتقالي الجنوبي"

تقول رنا غانم، الأمينة العامة المساعدة للتنظيم الناصري، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "محاولات كثيرة بُذلت لأن يكون الانتقالي الجنوبي ضمن هذا التكتل، لكن إلى الآن لم يتم ذلك، ولا تزال لدى الانتقالي بعض التحفظات على قيام هذا التكتل". وتضيف أن "الباب سيظل مفتوحاً، والمحاولات مستمرة لانضمامه إلى هذا التكتل الذي يهدف إلى إعادة الحياة السياسية للأحزاب اليمنية، وإعادة الحياة السياسية في المناطق المحررة (خارج سيطرة الحوثيين)". وتوضح غانم أن "التكتل أنشئ بدعم من المعهد الديمقراطي الأميركي الذي بذل جهوداً كبيرة لكي ينعقد اللقاء (التوقيع على تشكيل التكتل) في العاصمة المؤقتة عدن، إذ عقدت اجتماعات تم بموجبها إقرار اللائحة الداخلية للتكتل، وتم اختيار (رئيس مجلس الشورى) أحمد عبيد بن دغر رئيساً له، على أن تكون الرئاسة دورية كل ستة أشهر، وسيكون هناك برنامج سياسي سيكلف بإقراره المجلس الأعلى للتكتل".

من جهته، يرى الصحافي اليمني عمار علي أحمد، في حديث لـ"العربي الجديد"، أنه "بالنسبة لموقف الانتقالي، فهو يرى بالتكتل التفافاً على اتفاق الرياض عام 2019 بينه وبين الحكومة حينها، والذي نص على المناصفة بين الشمال والجنوب، ما أعطى للانتقالي وزناً وثقلاً باعتباره أهم القوى على الساحة الجنوبية". كما أن "الانتقالي" يرى بالتكتل، وفق أحمد، "التفافاً على مخرجات مشاورات الرياض التي انبثق منها مجلس القيادة الرئاسي في ما يخص الموقف من القضية الجنوبية، ووضع إطار خاص بها في أي تسوية سياسية آتية"، موضحاً أن "التكتل الجديد كحال التحالف السابق لا يتضمن موقفاً واضحاً من ذلك". ويشير إلى أن "الانتقالي يرى في هذا التكتل محاولة لفرض كيان سياسي باسم أحزاب وقوى غالبيتها لا يوجد لديها أي حضور على الأرض، ومساواته مع هذه الكيانات، وهو ما يعتبره إجحافاً بالثقل الذي يمثله في معسكر الشرعية سياسياً بصفته القوة البارزة المعبرة عن قضية الجنوب وأهم طرف بالمعادلة العسكرية في مواجهة الحوثيين، والطرف الذي يسيطر على ستة محافظات جنوبية بالإضافة إلى ساحل حضرموت". ويعتبر أن  غياب "الانتقالي الجنوبي" عن هذا التكتل "ضربة قوية للتكتل، بل ربما يتسبب بشرخ في صف معسكر الشرعية".

عمار علي أحمد: كان الأولى تقييم تجربة التحالف السابق لهذه الأحزاب والقوى

تجربة مكررة

برأي أحمد، فإن هذا التكتل "هو نسخة محدثة للتحالف الوطني للأحزاب والمكونات السياسية الذي جرى إشهاره في مدينة سيئون بحضرموت في إبريل 2019، وجرى فرض رشاد العليمي رئيساً له، والذي يرأس اليوم مجلس القيادة الرئاسي". ويوضح أنه "ربما الاختلاف فقط في تغيير المسمى من تحالف إلى تكتل، وإضافة بعض المكونات التي ظهرت خلال الفترة الماضية، ومنها المكتب السياسي للمقاومة الوطنية بقيادة العميد طارق صالح (ابن أخ الرئيس اليمني الراحل علي عبد الله صالح)". ويعتقد أنه "كان الأولى أن يتم تقييم تجربة التحالف السابق لهذه الأحزاب والقوى، وسبب عدم تنفيذ أي من أهدافه التي كانت تدور حول إصلاح أداء الشرعية في اليمن بمواجهة الحوثيين، بدلاً من القفز لخلق كيان جديد، إلا إذا كانت وظيفة التكتل الجديد هي ذاتها وظيفة التحالف بفرض رأس جديد للشرعية، وأن يخلف رئيس التكتل أحمد عبيد بن دغر رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي".

عبد الله دوبلة: أهم ما في التكتل هو عودة الفعاليات السياسية والحزبية للانتظام 

بدوره، يرى المحلل السياسي اليمني عبد الله دوبلة، في حديث لـ"العربي الجديد"، أنه "من الطبيعي أن لا يلتحق الانتقالي الجنوبي بتكتل الأحزاب والقوى السياسية الذي أعلن عنه، لأن هدف التكتل استعادة الدولة اليمنية، وهدف الانتقالي هو استعادة الجنوب"، معتبراً أن "لا غياب الانتقالي ولا حضوره يؤثر في التكتل". ويشير دوبلة إلى أن "أهم ما في التكتل هو عودة الفعاليات السياسية والحزبية للانتظام وتوحيد الرؤى والأهداف والآليات، وعودة العمل السياسي نفسه الذي غاب خلال الفترة الماضية لصالح العمل العسكري"، لافتاً إلى أن "كل إضافة للسياسة هو أمر جيد ومهم". ويوضح أنه "لا نقول إن هذا التكتل سيكون معجزة، لكن يكفي أن يكون رافعة سياسية للحكم، لأن الحكم كان بلا رافعة سياسية، والآن هذه الأحزاب تمثل هذه الرافعة، والحكم يحتاج إلى موارد مالية واستقرار القرار السياسي، لكن هذا هو الموجود في ظل الممكن".

 

المساهمون