تعديل وزاري في روسيا يكشف تعزيزاً للصناعات العسكرية والتكنولوجية

16 يوليو 2022
قرار بوتين يثير تساؤلات عدة (ميخائيل كليمنتييف/ فرانس برس)
+ الخط -

أثار التعديل الوزاري اللافت الذي أجراه الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، أمس الجمعة، وأسفر عن انتقال نائب رئيس الوزراء، يوري بوريسوف، إلى منصب مدير عام مؤسسة الفضاء الروسية "روسكوزموس"، وتعيين وزير الصناعة والتجارة، دينيس مانتوروف، خلفا له، تساؤلات عدة حول دلالات القرار، سواء في سياق استمرار الحرب الروسية في أوكرانيا والأزمة في العلاقات مع الغرب أو تقاسم النفوذ بين القوى السياسية داخل البلاد.

وقبل انتقاله إلى قيادة "روسكوزموس" خلفا لسلفه دميتري روغوزين، كان بوريسوف يشرف في إطار عمله نائبا لرئيس الحكومة على قطاع التصنيع العسكري، وتحقيق الطلبية الدفاعية للدولة والصناعة والرقابة التكنولوجية والنووية وتطوير منظومة "غلوناس" للملاحة، وتحديد المواقع عبر الأقمار الصناعية والتي تعد مثيلا روسياً لمنظومة "جي بي إس" الأميركية.

وعمل بوريسوف نائبا لرئيس الحكومة لأكثر من أربع سنوات. وفي بداية عام 2020، وسّع بوتين صلاحياته، وكلفه بالإشراف على الصناعات المدنية ومجمع الوقود والطاقة. إلا أنه تم سحب جزء من الصلاحيات الجديدة منه بحلول نهاية عام 2020، مع مواصلة إشرافه على الصناعات الدفاعية والمدنية وقطاع الفضاء.

أما مانتوروف، فيحافظ بعد ترقيته إلى منصب نائب رئيس الوزراء على حقيبة الصناعة والتجارة، بينما أصبحت دائرة الصلاحيات التي انتقلت إليه تشمل التعاون العسكري - التقني مع الدول الأجنبية، وضمان الأمن القومي والنشاط الأمني والدفاع المدني وغيرها.

وأعلن مانتوروف، في كلمة أمام مجلس الدوما (النواب) الروسي قبيل المصادقة على ترشحيه، عن الانتقال من السياسات الصناعية السوقية إلى سياسة حماية السيادة التكنولوجية.

وفي هذا السياق، يعلق رئيس مجموعة "مينتشينكو كونسالتينغ" للعلاقات العامة، يفغيني مينتشينكو، على تعيين بوريسوف ومانتوروف في منصبين حيويين، قائلا لـ"العربي الجديد": "ينتمي كلاهما إلى فريق رئيس مؤسسة روس تيخ، سيرغي تشيميزوف، ويعكس تعيينهما تناميا لنفوذه في منظومة السلطة الروسية".

و"روس تيخ" هي مؤسسة حكومية روسية معنية بدعم تصميم منتجات صناعة التكنولوجيا المتقدمة وإنتاجها وتصديرها، وهي تضم في هيكلها شركة "روس أوبورون إكسبورت" الروسية المعنية بتصدير الأسلحة والمعدات العسكرية.

من جهته، اعتبر الخبير العسكري، الباحث بمعهد الاقتصاد العالمي والعلاقات الدولية التابع لأكاديمية العلوم الروسية، إيليا كرامنيك، أن انتقال بوريسوف إلى قيادة "روسكوزموس" يدل على أن تحقيق البرنامج العسكري سيصبح محورا رئيسيا لقطاع الطيران الفضائي الروسي.

وقال كرامنيك، في حديث لصحيفة "فزغلياد" الإلكترونية الروسية: "القدرة الدفاعية لبلادنا في الظروف الراهنة الصعبة ستعتمد على تحقيق البرنامج العسكري. ستكون هذه هي الأولوية في السنوات المقبلة"، مضيفاً: "مع الأخذ بعين الاعتبار أن بوريسوف كان يشرف على مجمع التصنيع العسكري، فإن تعيينه في روس كوسموس يدل على أولوية البرنامج العسكري. أعتقد أنه تم وضع أمامه مهمة تحقيقه".

وبدوره، أقر المحلل السياسي ميخائيل فينوغرادوف هو الآخر بأن "مثل هذه التعديلات الوزارية قد تدل على التحول المحتمل نحو المكون العسكري للقطاع الفضائي"، لافتا في حديث لـ"فزغلياد" إلى "أهمية خاصة لذلك في ظروف تراجع الاهتمام بالاستثمار المدني للفضاء".

في الأثناء، ما يزال الغموض سيد الموقف حول مستقبل روغوزين الذي شغل منصب مدير عام "روس كوسموس" منذ عام 2018، بينما أكد الناطق الرسمي باسم الرئاسة الروسية، دميتري بيسكوف، أنه سيكون له عمل جديد سيتم الكشف عنه في الوقت المناسب.

ولما كان روغوزين يُعرف بمواقفه القومية المتشددة ودعمه لأيديولوجيا "العالم الروسي" ومعاداة الغرب، زاد ذلك من الترجيحات في وسائل الإعلام الروسية بأن عمله الجديد قد يكون متعلقا بدمج مناطق جنوب شرق أوكرانيا في الحياة السياسية والاقتصادية الروسية، بعد استكمال السيطرة عليها في إطار الحرب العسكرية التي تقودها روسيا في أوكرانيا منذ نهاية فبراير/شباط الماضي.

المساهمون