تعديلات حكومية في تونس دون رقابة أو مساءلة: شماعة إخفاق مسار سعيّد

23 مارس 2023
ينفذ سعيّد التعديلات الحكومية دون توضيح أسباب الإقالة (Getty)
+ الخط -

أجرى الرئيس التونسي قيس سعيّد 7 تعديلات على حكومة نجلاء بودن، في الفترة السابقة، دون توضيح أسباب الإقالة أو المعايير التي يتم على أساسها اختيار البدلاء، خلافاً لما اعتاده التونسيون من مساءلة في العلن وأمام البرلمان، وهي خطوة وصفها متابعون بأنها "شماعة لفشل مسار سعيّد".

في هذا السياق، أكد أستاذ القانون الدستوري خالد الدبابي، في تصريح لـ"العربي الجديد" أنّ "هناك تحميلاً للمسؤولية السياسية للوزراء المقالين، رغم أننا نعلم أنّ من يضبط السياسة العامة للدولة هو رئيس الدولة، والوزراء لا يتحملون مسؤولية كبيرة حتى في حالات الإخفاق". 

وبين الدبابي أنّ "الرئيس يقوم بتعديل حكومي في الوزارات التي يعتبر أنها لا تشتغل بطريقة جيدة وفعالة، والتي يعتبرها هو حساسة ودقيقة وفق تقديره الشخصي، وذلك دون معرفة المعايير التي بواسطتها أو على أساسها يتم الاختيار"، مشيراً إلى أنّ "معايير هذه التعديلات اعتباطية".

وأوضح المتحدث أنّه "حالياً، رئيس الحكومة لا يختار الوزراء، بل لديه سلطة اقتراحهم فقط، وهي غير ملزمة لرئيس الجمهورية في أي شيء، وهو ما لم يكن كذلك في دستور عام 2014".

وتابع أستاذ القانون الدستوري: "هناك فرق جوهري بين النظامين السابق والحالي، الأول مرن في الفصل بين السلطات، في حين أن النظام الحالي يجعل رئيس الجمهورية رئيساً للسلطة التنفيذية بمفرده".

وكانت الحكومة في دستور عام 2014 مسؤولةً أمام البرلمان، إذ كان يتم اقتراحها لنيل الثقة في تصويت علني في جلسة عامة بعد مناقشة برنامج الحكومة، كما تتم مساءلة الحكومة أو أحد أعضائها أمام الرأي العام في جلسات علنية، أو عن طريق توجيه أسئلة كتابية وشفوية للحكومة يتم نشرها في الجريدة الرسمية، أما في الدستور الجديد، فإن رئيس الجمهورية هو من يضبط توجهاتها وسياستها، ويختار أعضاءها ويقيلهم ويقبل استقالتهم أو يرفضها.

وكلف الرئيس سعيد في 29 سبتمبر/أيلول من عام 2021 نجلاء بودن بتشكيل حكومة جديدة من المستقلين (بلا أحزاب)، خلفاً لحكومة هشام المشيشي (المصادق عليها في البرلمان المنحل) التي قام سعيّد بإقالتها في 25 يوليو/تموز من عام 2021، وفق تدابير استثنائية قال إنها استندت إلى الفصل 80 من دستور 2014، وهو ما وصف على نطاق واسع بأنه "انقلاب على الدستور".

وأكد الباحث زهير إسماعيل، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنّ التعديلات الحكومية لا تثير اهتمام الرأي العام، المنشغل بتدهور المقدرة الشرائية وندرة المواد الأساسية". 

وأضاف: "لو سألتَ المهتمّين بالشأن السياسي عن أسماء حكومة قيس سعيّد فإنك لن تظفر بأكثر من اسم أو اسمين، فما بالك بعامة الناس الذين كانوا يعرفون جلّ أسماء الوزراء وحياتهم الخاصة، وكانوا يشهدون مساءلة كثير منهم أمام البرلمان".

وتابع المتحدث: "أمّا اليوم، فإنّ أعضاء حكومة قيس سعيّد بلا وجوه، لأنهم لا يتصدّون للمستجد من القضايا، ولا يظهرون إلا أمام قيس سعيّد في مكتبه وهم يستمعون إلى توجيهات (السيد الرئيس)، فصورة الوزير ووظيفته ودوره كادت تنسحب من الحياة السياسية مع حدث الانقلاب".

وأوضح إسماعيل أنّ "مقارنة بسيطة بين المشهد السياسي في ظلّ الانقلاب والمشهد السياسي قبل الانقلاب تفضي إلى نتيجة واحدة، وهي أنّه لم يعد بالإمكان الحديث عن حياة سياسية، فالمجال السياسي الذي فتحته الثورة تم إغلاقه من قبل الانقلاب، ولم يبق منه إلا صدى لبعض مربعات الحرية في الإعلام وفي نطاق بعض منظمات المجتمع المدني، وهي في أساسها نتيجة من نتائج عشر سنوات من التمرين الديمقراطي، رغم ما عرفه المسار من تعثر ومن قصور في مستوى المنجز الاجتماعي".

يُذكر أن سعيّد عيّن مؤخراً محافظ تونس العاصمة كمال الفقي وزيراً للداخلية، خلفاً لوزير الداخلية المقال توفيق شرف الدين، بحسب بيان للرئاسة التونسية، بعد أنّ أعلن الأخير استقالته بنفسه في وسائل الإعلام في 17 مارس/آذار 2023، ليبقى منصب محافظ العاصمة دون أي بديل حتى اليوم.

تقارير عربية
التحديثات الحية

وفي 7 فبراير/شباط الماضي، تم إنهاء مهام وزير الشؤون الخارجية والهجرة عثمان الجرندي، وتم تعيين السفير نبيل عمّار خلفاً له.

وفي 30 يناير/كانون الثاني 2023، أجرى سعيّد تعديلاً وزارياً آخر أقال خلاله وزيري الفلاحة والتعليم، محمود إلياس حمزة وفتحي السلاوتي، وعين خلفاً لهما كل من العسكري عبد المنعم بلعاتي وزيراً للفلاحة والموارد المائية والصيد البحري، ومحمد علي البوغديري وزيراً للتعليم.

وقبلها أقال الرئيس سعيد في 7 يناير/كانون الثاني 2023، وزيرة التجارة وتنمية الصادرات فضيلة الرابحي من منصبها، معيناً كلثوم بن رجب وزيراً للتجارة.

وكان الرئيس التونسي قد أقدم في نفس الشهر على إقالة وزير التشغيل والمتحدث الرسمي باسم الحكومة نصر الدين النصيبي، ولم يعين من يخلفه.

وكذلك الحال لم يعين كاتب دولة للخارجية منذ استقالة كاتبة الدولة لدى وزير الشؤون الخارجية المكلفة بالتعاون الدولي عايدة حمدي في 7 مارس/آذار 2022. 

المساهمون