تصاعد الاستيطان واعتداءات المستوطنين في الضفة الغربية في 2024: الضم لم يعد صامتاً

05 يناير 2025
جانب من مؤتمر هيئة مقاومة الجدار والاستيطان الفلسطينية، 5 يناير 2025 (العربي الجديد)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- شهدت الفترة منذ أكتوبر 2023 تصاعدًا في اعتداءات المستوطنين وإجراءات الاحتلال، مع تسجيل أرقام قياسية في الاستيطان ومصادرة الأراضي، حيث بلغ عدد الاعتداءات الإسرائيلية أكثر من 16500 اعتداء.

- دعا مؤيد شعبان إلى وضع استراتيجية وطنية لمواجهة المخططات الاحتلالية، مشيرًا إلى تراجع المقاومة الشعبية بعد الحرب على غزة، لكنه أكد على تعزيز صمود المواطنين خلال موسم قطاف الزيتون.

- استولى الاحتلال على أكثر من 46 ألف دونم وأصدر 903 إخطارات هدم، مما يعكس تحول دولة الاحتلال إلى دولة فصل عنصري تسعى للسيطرة الكاملة على الأراضي الفلسطينية.

تواصل اعتداءات المستوطنين وإجراءات الاحتلال المرتبطة بالاستيطان والسيطرة على الأراضي والهدم تسجيل أرقام قياسية منذ اندلاع الحرب على غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، ليكون العام 2024 من أكثر الأعوام تسجيلاً لتلك الأرقام على شكل إقامة بؤر استيطانية وتوسيع الاستيطان، ومصادرة الأراضي، والهدم، وتنفيذ الضم الفعلي بطريقة لم تعد صامتة، وفقاً لما أعلنته اليوم الأحد هيئة مقاومة الجدار والاستيطان الفلسطينية، في تقريرها السنوي.

وفي هذا الواقع المتسارع لتنفيذ خطط الاستيطان في الضفة والقدس، والتهجير والهدم، دعا رئيس هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، مؤيد شعبان، خلال مؤتمر صحافي عقده لإعلان تقرير الهيئة السنوي؛ إلى انخراط كل المؤسسات الوطنية، الرسمية والشعبية والمدنية في إطار استراتيجية وطنية لمجابهة المخطط الاحتلالي، باعتباره أولوية.

وفي إجابة على سؤال لـ"العربي الجديد" حول رؤية الهيئة لهذه الاستراتيجية في ظل ما أفرزه واقع جرائم الاحتلال في الضفة بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، من تراجع لفعاليات المقاومة الشعبية، قال شعبان: "المطلوب من الكل الفلسطيني، من المستوى الرسمي أولاً والقطاع الخاص، والفصائل الوطنية؛ صحوة حقيقية لأن الغول الاستيطاني إحلالي ويريد أن يحل مكان الفلسطينيين". ودعا شعبان الكل لـ"الجلوس في دائرة مستديرة لوضع استراتيجية وطنية شاملة تبدأ بدعم وتمكين صمود المواطنين، وتنتهي بفعاليات شعبية بحشد شعبي حقيقي في كل المواقع". وقال شعبان: "يجب ألا نترك المغير وحدها بالأمس، وألا نترك سلواد أول أمس، وألا نترك طانا التي هجر أهلها أول أمس"، في إشارة إلى سلسلة من اعتداءات المستوطنين خلال الأيام القليلة الماضية.

ووافق شعبان في رده على أن المقاومة الشعبية تراجعت بعد السابع من أكتوبر، بسبب ارتفاع منسوب الدم والقتل، وارتقاء 21 شهيداً فلسطينياً برصاص المستوطنين منذ ذلك التاريخ، والمئات من المصابين وآلاف المعتقلين، إلا أنه أشار إلى كسر حاجز الخوف الذي ساد بعد الحرب على غزة؛ خلال موسم قطاف الزيتون، بمشاركة هيئة مقاومة الجدار وشركائها والاحتكاك المباشر مع جيش الاحتلال والمستوطنين رغم الرصاص وقنابل الغاز والقمع من ميليشيا المستوطنين، وقطف الزيتون في مواقع كثيرة لم يصلها الأهالي في الموسم الذي سبقه، وتزامن مع بداية اندلاع الحرب على غزة، إذ لم يقطف الأهالي خلال العام 2023 سوى 30 إلى 40% من ثمارهم بسبب ذلك، وهو ما تغير عام 2024، كما قال شعبان.

ورأى شعبان ضرورة أن "تتحلى الاستراتيجية الوطنية المنشودة بحشد الإمكانيات الوطنية والشعبية"، وبما أسماها "التفكير خارج صندوق الاعتياد والأدوات المطروقة سابقاً، من حيث إعادة إنتاج أدوات جديدة تتواءم مع المرحلة، وتتكيف مع صعابها، مطالباً بحماية دولية حقيقية وفورية للشعب الفلسطيني".

وأورد تقرير الهيئة الذي أعلنه شعبان تخطي عدد الاعتداءات الإسرائيلية على الفلسطينيين حاجز 16500 اعتداء، منها أكثر من 13500 من جيش الاحتلال وقرابة ثلاثة آلاف من المستوطنين. وفي مقارنة أجراها "العربي الجديد" مع أرقام العام 2023، فقد كان العدد وصل 12161 اعتداءً منها 9751 من جيش الاحتلال، و2410 من المستوطنين.

ووفقاً للتقرير، فقد أقام المستوطنون خلال العام المنصرم 51 بؤرة استيطانية جديدة، منها 36 أخذت شكل بؤر رعوية، وقد بدأت سلطات الاحتلال عملياً بتسوية أوضاع (شرعنة) 13 لتحويلها مستقبلاً إلى أحياء استيطانية أو مستوطنات منفصلة، بينما كان المستوطنون أقاموا 18 بؤرة العام 2023، منها ثمانية بعد السابع من أكتوبر 2023. ووصل عدد المستوطنين في مستوطنات الضفة، بما فيها القدس، نهاية عام 2024 ما مجموعه 770 ألف مستوطن، موزعين على 180 مستوطنة، و256 بؤرة استيطانية، منها 138 بؤرة تصنف على أنها رعوية وزراعية.

ولتنفيذ المخططات التوسعية، استولى الاحتلال خلال العام الماضي على أكثر من 46 ألف دونم وفق أوامر عسكرية، منها 35 أمراً لوضع اليد استهدفت نحو 1073 دونماً لإقامة 12 منطقة عازلة حول المستوطنات، وهو المخطط الذي كان وزير مالية الاحتلال بتسلئيل سموتريتش قد طالب بداية الحرب على غزة بتنفيذه بإقامة مناطق عازلة حول مستوطنات الضفة. وشملت أوامر المصادرة خمسة أوامر "استملاك" انتهت بالاستيلاء على نحو 803 دونمات، وثمانية قرارات إعلان أراضي دولة استهدفت أكثر من 24 ألف دونم، وستة أوامر لتعديل حدود محمية طبيعية استولى الاحتلال بموجبها على نحو 20 ألف دونم.

بينما كان الاحتلال قد سيطر في عام 2023 على 50524 دونماً، منها قرابة 49 ألفاً لتعديل حدود محميات طبيعية، بينما لم تكن قد وصلت الأراضي المصادرة كأراضي دولة تتجاوز 515 دونماً، وهو ما يعني تركيز العام 2023 على المصادرة لصالح المحميات الطبيعية، وفي العام 2024 لصالح أراضي الدولة والمحميات الطبيعية معاً، بينما لم تتجاوز مجمل الأراضي المصادرة عام 2022 بكل التصنيفات 26 ألف دونم.

ووفقاً لتقرير الهيئة، فقد أصدرت سلطات الاحتلال 903 إخطارات بهدم منشآت فلسطينية بحجة عدم الترخيص خلال العام 2024، مقارنة بـ1333 إخطاراً عام 2023، ونفذت 684 عملية هدم مقارنة بـ514 عملية في العام الذي سبقه، هدمت خلالها 903 منشآت في الضفة الغربية، بما فيها مدينة القدس، مقارنة بـ659 منشأة عام 2023، وتضرر جراء عمليات الهدم 4332 شخصاً عام 2024، منهم 2320 طفلاً وطفلة، وتركزت عمليات الهدم في محافظات القدس بـ190 عملية هدم، ثم محافظة الخليل بـ172 عملية هدم، ومحافظة بيت لحم بـ68 عملية هدم.

وأكد التقرير أن عشرة فلسطينيين استشهدوا خلال العام الماضي، على يد المستوطنين، فيما وصل عدد الشهداء على يد المستوطنين منذ بدء الحرب على غزة إلى 21 شهيداً، وتسبب المستوطنون بإشعال 373 حريقاً في الممتلكات والحقول، تضاف إلى 451 انتهاكاً تسببت باقتلاع وتضرر وتخريب وتسميم ما مجموعه 14212 شجرة منها 10459 شجرة زيتون. وقامت "اللجان التخطيطية" لسلطات الاحتلال بدراسة ما مجموعه 173 مخططاً استهدفت مستوطنات تقام على أراضي الضفة الغربية والقدس، ودراسة إقامة 23461 وحدة استيطانية، نتج عنها المصادقة على بناء 8800 وحدة استيطانية جديدة، وإيداع ما مجموعه أكثر من 14 ألف وحدة استيطانية للمصادقة اللاحقة، واستهدفت هذه المخططات ما مجموعه قرابة 15 ألف دونم من أراضي المواطنين.

وقال شعبان: "إن دولة الاحتلال صعدت من وتيرة تنفيذ أهدافها المتعلقة بالأرض الفلسطينية إلى مستويات غير مسبوقة، في إطار سعيها للسيطرة على كل الأراضي ما بين النهر والبحر من أجل حسم التفوق اليهودي، في سياق إعدام إمكانية قيام دولة فلسطينية، بعزل القدس وتفريغها من سياقها الحضاري والثقافي الفلسطيني الأصيل، وبالسيطرة على المفاصل الاستراتيجية من الجغرافية الفلسطينية، بالتقطيع والنهب والعبث، وبالسيطرة على نمط الحياة والمعيشة الفلسطينية، بالحواجز ومنظومة الإغلاق المكثفة".

وأكد شعبان أن دولة الاحتلال واصلت تنفيذ مخطط الضم، وقال: "هذا المخطط لم يعد صامتاً، بل أصبح يملأ الدنيا ضجيجاً، وتحديداً في مناطق الأغوار والسفوح الشرقية وصولاً إلى مسافر يطا أقصى جنوب الضفة الغربية، من خلال إنشاء بيئة قسرية طاردة للسكان الفلسطينيين، مستعينة لتنفيذ ذلك بمليشيا المستوطنين المسلحين، في واحدة من أوضح تجليات التبادل الوظيفي بين المؤسسة الرسمية والمستوطنين". وبين شعبان أن عام 2024 تميز بالبيئة التشريعية الحاضنة للإرهاب الاستيطاني التي أنشأتها وطورتها دولة الاحتلال، من خلال جملة من القوانين ومشاريع القوانين التي قدمتها للمصادقة، والتي تخص السيطرة على الأرض الفلسطينية ونهبها، ليتحقق نتيجة كل ذلك ضم حقيقي، وسيادة مدعاة على الأرض الفلسطينية.

وقال شعبان: "إن دولة الاحتلال، أعادت تعريف نفسها في عام 2024 على أنها دولة الفصل العنصري الأخيرة على وجه الأرض، نازعةً القناع عن وجهٍ بشعٍ يقطرُ دماً وتطرفاً وعنصرية، ولم تكتف بذلك، بل وضعت نفسها آلةَ إجرام متحركة لا تشبع من القتل والسرقة وإحكام القبضة على أعناق المواطنين، لتقدم نفسها على طبق من عظام وجماجم الأبرياء والمستضعفين، في تحدٍ سافرٍ لأبسط قواعد أخلاق النزاعات والعلاقات التي عرفتها البشرية".

بدوره، أشار مدير مركز الاتصال الحكومي محمد أبو الرب، إلى متابعة هيئة مقاومة الجدار أكثر من ثلاثة آلاف قضية في محاكم الاحتلال تتعلق بالاستيطان والاستيلاء على الأراضي والحفاظ على ممتلكات الفلسطينيين، من خلال ثمانية مكاتب محاماة، وكذلك متابعة سبعة آلاف قضية في القدس من خلال المؤسسات المقدسية ووزارة شؤون القدس، وهو ما يضيف عبئاً مالياً إضافياً على الحكومة في ظل اقتطاع الاحتلال أكثر من 60% من أموال المقاصة، خاصة الأموال المخصصة لغزة، والتي تشكل 275 مليون شيكل شهرياً (75 مليون دولار)، وبدل مخصصات عوائل الشهداء والأسرى، والتي تشكل 53 مليون شيكل شهرياً (14.5 مليون دولار).