تشاؤم إسرائيلي بشأن الصفقة مع حركة حماس تزامناً مع زيارة بلينكن

19 اغسطس 2024
تظاهرة إسرائيلية أمام مقر إقامة نتنياهو تطالب بعقد صفقة مع حماس، 17 أغسطس 2024 (الأناضول)
+ الخط -

يواصل عدد من المسؤولين والمعلقين الإسرائيليين تحميل رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو مسؤولية فشل مفاوضات الصفقة مع حركة حماس، وسط حالة من التشاؤم، بالتزامن مع زيارة وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن لتل أبيب.

وقال بلينكن خلال لقائه الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ، اليوم الاثنين، إن المفاوضات الجارية بشأن قطاع غزة هي "ربما آخر فرصة" للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في الحرب الإسرائيلية المستمرة منذ أكثر من عشرة أشهر على القطاع.

وكتب الصحافي والكاتب الإسرائيلي ناحوم برنيع في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، اليوم الاثنين، نقلاً عن مصادره، أن نتنياهو قضى في مناقشتين يوم الأربعاء الماضي، على احتمال التقدّم في المفاوضات، ويبدو أن الموضوع انتهى على الأقل في هذه المرحلة. وذكر أنه كان مقرراً توجّه الجنرال اليعزر تولدانو، رئيس القسم الاستراتيجي في هيئة أركان الجيش الإسرائيلي، بالإضافة إلى مسؤولين كبار في جهاز الشاباك، ومنسق أعمال الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية، غسان عليان، لمحادثات مع مصر في القاهرة، لكن مسؤولاً مطّلعاً على الاتصالات اعتبر أن الزيارة بلا فائدة. كما اعتبر الكاتب أن اللقاء اليوم بين بلينكن ونتنياهو سيكون شكلياً فقط، وأن التفاؤل الذي ظهر في وسائل الإعلام الأجنبية في الأيام الأخيرة كان مجرد أوهام.

ولفت إلى أن الخلاف الأساسي هو حول محور فيلادلفيا ولكن هناك خلاف حول قضايا أخرى. ويرى نتنياهو أن على إسرائيل تطويق قطاع غزة 360 درجة والسيطرة على البحر وعلى الحدود، فيما سيساهم الانسحاب من محور فيلادلفيا بتهريب السلاح إلى غزة، إلا أن مسؤولين كبارا في وزارة الأمن لا يوافقونه الرأي. كما طالبه وزير الأمن يوآف غالانت بإبرام صفقة تعيد المحتجزين الإسرائيليين، حتى لو مرحلة واحدة منها، ما سيدعم إقامة تحالف إقليمي ضد إيران بدعم أميركي، لكن نتنياهو ينظر إلى ذلك على أنه "استسلام للعدو وتفكيك لائتلافه الحاكم وهزيمة شخصية". كما رفض نتنياهو طلب غالانت عرض تفاصيل الاتصالات على المجلس الوزاري للشؤون السياسية والأمنية (الكابينت).

وذكرت الصحيفة ذاتها أن جدلاً حاداً وقع بين نتنياهو وفريق المفاوضات الإسرائيلي في جلسة عُقدت أمس، بحيث طالب أعضاء الفريق بإبداء مرونة أكبر، محذّرين من خسارة فرصة التوصّل إلى صفقة، فيما نقلت عن مسؤول أمني عضو في فريق المفاوضات، أن الأعضاء محبطون جداً وأن الصفقة تفلت من بين أيديهم، وسط شعور بأن نتنياهو غير معني بالتوصل إلى صفقة.

كما نقلت الصحيفة عن مسؤول أمني إسرائيلي لم تسمّه، أن "محور فيلادلفيا هو قضية سياسية أكثر من كونها أمنية، وأن الاتفاق الذي يصاغ في هذه المرحلة هو من أجل إعادة المختطفين وليس بشأن اليوم التالي ونهاية الحرب، لذا سيكون بإمكاننا العودة والسيطرة على المحور في اللحظة التي نقرر فيها القيام بذلك. ما الذي يمكن أن يحدث في فترة تتراوح بين ستة إلى ثمانية أسابيع من وقف إطلاق النار؟ هل ستتمكّن حماس من حفر الأنفاق؟ الجواب هو لا. التنازل هو مؤقت من أجل إعادة المختطفين على قيد الحياة. إذا فوّتنا هذه الصفقة ما الذي سنقوله لأنفسنا بأننا ضيعنا فرصة بسبب عدة أسابيع من وقف إطلاق النار؟".

وأشار مسؤولون أمنيون إلى الجبهة أمام حزب الله اللبناني، وتقديراتهم بأنه سيهاجم قريباً، وأنه فقط ينتظر أزمة في المفاوضات وضياع الصفقة للقيام بذلك. ويدّعون أنه سيوسّع دائرة القصف حتى تصل إلى تل أبيب. كما حذّر مسؤولون أمنيون كبار في جلسة الكابينت، يوم الخميس الماضي، من أن الرد الإيراني أو رد حزب الله اللبناني قد لا يشمل صواريخ ومسيّرات فقط، وإنما أيضاً محاولات لاغتيال وزراء وأعضاء بالكنيست وضباط كبار في الجيش الإسرائيلي، سابقين وحاليين، ومسؤولين كبار في جهازي الموساد والشاباك.

"نتنياهو قد يتجه نحو المرحلة الأولى من الصفقة"

وفي صحيفة هآرتس، كتب المحلل العسكري عاموس هارئيل، اليوم الاثنين، أن المخاطر الكامنة في رفض التوصّل إلى صفقة كبيرة، إلا أن "الكابينت" لا يقيّم هذا الموضوع في جلسة جدّية. وتابع الكاتب أن نتنياهو يدرس التوجه إلى المرحلة الأولى من الصفقة التي يجري من خلالها إطلاق سراح عدد من المحتجزين الإسرائيليين في قطاع غزة بينهم نساء ومسنون، وحث شركاءه من اليمين المتطرف، على تأخير انسحابهم من الائتلاف الحاكم، وعندما تفشل المرحلة الثانية من المفاوضات مع حماس، سيكون بالإمكان العودة للقتال في غزة كما يريد هو ويريدون هم.

ويرى الكاتب أن احتمالات موافقة الوزيرين إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش على هذا الطلب ليست كبيرة في هذه المرحلة، لكنه أشار في الوقت نفسه إلى ضغط كبير تمارسه الإدارة الأميركية على إسرائيل وعلى حماس. وفي حال فشل المفاوضات سيلقي نتنياهو بالأمر على حركة حماس، لكن ليس من المؤكد أن الإدارة الأميركية ستتعاون معه في هذا الشأن. وذكر هارئيل أن نتنياهو يخشى اتهام الرئيس الأميركي جو بايدن له علناً بإفشال المفاوضات، الأمر الذي لم يحدث بعد منذ بداية الحرب الحالية. وذكر الكاتب أن خشية نتنياهو بالأساس من حسابات البقاء السياسي، تخرج رؤساء المؤسسة الأمنية عن طورهم، وهم غير متفائلين لعلمهم حقيقة الوضع، وبسبب الشروط الجديدة التي وضعها نتنياهو.