استمع إلى الملخص
- تعتمد أنقرة على ضربات جوية ضد "قسد" لتعويض عرقلة الولايات المتحدة وروسيا لعملياتها العسكرية، بهدف إضعاف القوات حتى تتهيأ الظروف لتنفيذ عملية شاملة.
- تسعى تركيا للتفاهم مع النظام السوري لتطبيع العلاقات والتعاون ضد "قسد"، في ظل تعاظم الدعم الأميركي لها واستخدامها في محاربة المليشيات المدعومة من إيران.
تواصل القوات التركية استهداف مواقع حيوية لـ"قوات سوريا الديمقراطية" (قسد)، رداً على الاعتداء الذي استهدف مجمع الصناعات الجوية والفضائية في أنقرة يوم الأربعاء الماضي، والذي اتهمت أنقرة حزب العمال الكردستاني بالوقوف وراءه، قبل أن يتبناه رسمياً أول من أمس.
اتهمت تركيا المهاجمين بأنهم تسللوا من الأراضي السورية لتنفيذ الاعتداء، فيما نفذت سلسلة من الهجمات التي لم تتوقف منذ يوم الخميس الماضي على عمق مناطق "الإدارة الذاتية" في شمال شرقي سورية، والتي تعتبر تركيا جناحها العسكري "قسد" تنظيماً إرهابياً يهدد أمنها القومي، وتعتبر حزب الاتحاد الديمقراطي الحامل السياسي لهذه القوات امتداداً سورياً لحزب العمال الكردستاني التركي.
بعد عرقلة الولايات المتحدة وروسيا عملية تركية ضد "قسد" استكمالاً لعملية "نبع السلام"، رغم الإعلانات المتكررة لأنقرة عن قربها، اعتمدت تركيا سياسة ضرب المنشآت الحيوية وبعض الأهداف العسكرية لـ"قسد" من خلال المسيّرات، كلّما وجدت مبرراً لتنفيذ مثل هذه الضربات، وذلك بهدف إضعاف هذه القوات ريثما تتهيأ الظروف لتنفيذ عمليتها، التي ترى أنها تستطيع من خلالها درء الخطر عن أمنها القومي الذي تسببه تلك القوات.
يبدو أن أنقرة، وفي ظل التطورات في المنطقة، تتحسّب أكثر من ذي قبل من تعاظم الدعم الأميركي لـ"قسد"، واستخدامها في محاربة المليشيات المدعومة من إيران كجزء من الحرب التي تشنها إسرائيل على أذرع إيران في المنطقة. كما أن عدم استجابة الولايات المتحدة لمطلب تركيا التفاهم على استكمال عمليتها العسكرية على طول الحدود السورية التي تسيطر عليها "الإدارة الذاتية" ربما يفسر الدعوات المتكررة من الجانب التركي إلى النظام السوري للسير في مسار التطبيع، الذي يقوم على مطلب تركي رئيسي هو التعاون المشترك للقضاء على تهديد "قسد"، والذي يبدو أن أنقرة تسعى من خلاله للحصول على تفويض من النظام لشرعنة دخولها إلى الأراضي السورية، يشبه التفويض المعطى لكل من روسيا وإيران، كون النظام لا يزال ممثلاً للدولة السورية في المحافل الدولية، فتركيا لا تحتاج إلى مساندة من قوات النظام بقدر حاجتها إلى تفويض أو طلب من النظام يعطي الشرعية لأي عملية تقوم بها ضد قسد وتمكين النظام من أن يحل مكانها.
ولكن يبدو أن كل هذه الاحتمالات لا تزال مؤجلة لدى جميع الأطراف، كونها احتمالات محكومة بتطور الأحداث في المنطقة ككل، وبنتائج الانتخابات الأميركية التي يُمكن أن يُبنى على موقفها من الملف السوري الكثير من الخيارات لكل الأطراف.