تحفيز المجرم بدل محاسبته

19 ديسمبر 2021
مقاربة بيدرسون بمثابة عملية تحوّل باتجاه إعادة الشرعية للنظام (لؤي بشارة/فرانس برس)
+ الخط -

أعاد المبعوث الأممي إلى سورية غير بيدرسون الترويج لمقاربة "خطوة بخطوة" مع نظام بشار الأسد، وذلك من خلال تحفيز المجتمع الدولي على تقديم تنازلات تدريجية لهذا النظام تتعلق بالانفتاح عليه تدريجياً، مقابل رضوخ تدريجي من الأخير لقرارات الشرعية الدولية.

هذه الخطة تُظهر قرارات الأمم المتحدة كأنها وجهة نظر قابلة للمساومة، وتتطلب تقديم تنازلات للنظام برعاية الأمم المتحدة، فيما يبدو الأسد في موقع المتمرد على قرارات الشرعية الدولية وغير المكترث بتطبيقها. كما تُظهر المجتمع الدولي بموقع العاجز عن فرض قرارات الشرعية الدولية، هذا عدا عن طبيعة النظام التي خبرتها الأمم المتحدة أكثر من غيرها، والتي تقوم على المماطلة والرهان على كسب الوقت في تمييع قراراتها وتحويرها، وهو ما قام به الأسد خلال السنوات الماضية في التعاطي مع قرار مجلس الأمن 2254 الخاص بالحل السياسي في سورية والذي تم تحديد ستة أشهر لتطبيقه، فيما ماطل النظام سنوات من دون تحقيق أي تقدم فيه.

كل ذلك من شأنه أن يجعل من مقاربة بيدرسون، لو تم تطبيقها، بمثابة عملية تحوّل باتجاه إعادة الشرعية لنظام الأسد من قِبل المجتمع الدولي، فيما سيُدخل هذا النظام المطبعين معه بتفاصيل قد لا تنتهي، ما يعني إهدار المزيد من السنوات في محاولات فاشلة لدفعه للقبول بقرارات الشرعية الدولية التي لن يقبل بها أصلاً، لأنها تعني نهايته.

ولعل خير دليل على الفشل المسبق لطرح بيدرسون، هو عدم نجاح مقاربة أخرى طُرحت على المستوى العربي عبر الأردن، من خلال "لا ورقة" قدّمت رؤية للحل في سورية تقوم على انفتاح عربي تدريجي على النظام وتقديم محفزات له، مقابل تخل تدريجي من قبله عن إيران. وجاء الرد على آخر خطوة فيها، بزيارات مكثفة لمسؤولين ايرانيين، سياسيين وعسكريين، إلى دمشق، وإعلان المزيد من المشاريع المشتركة اقتصادياً، وتثبيت الوجود الإيراني عسكرياً في سورية أكثر من السابق.

سياسة خطوة بخطوة مع نظام مثل الحاكم في سورية، هي تعبير عن ضعف المجتمع الدولي في الوقوف في وجه مجرمي الحرب والمستبدين، وهو ما يشبه إلى حد بعيد تفاوض محكمة مع مجرم وسارق على إعفائه من جرائمه مقابل قبوله ان يتعهد تدريجياً بعدم العودة إلى إجرامه.