تحذيرات من استنساخ سيناريو "المرشح الصوَري" في رئاسيات مصر

23 يوليو 2023
الانتخابات الرئاسية، مارس 2018 (إبراهيم عزت/Getty)
+ الخط -

مع إعلان الهيئة الوطنية للانتخابات في مصر، الأربعاء الماضي، أنها "تعكف من دون إبطاء على دراسة المواعيد القانونية للانتخابات الرئاسية المقبلة"، حذّر سياسيون مصريون من استنساخ مشهد انتخابات 2018 لجهة وجود منافس صوَري للرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي.

وقال السياسي المصري أحمد بهاء الدين شعبان، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "مهزلة 2018 الانتخابية لا يمكن تكرارها بأي حال، ليس لأن النظام صار ديمقراطياً فجأة، ولكن لأن هناك حدوداً لكل شيء". وأضاف: "إذا أعاد النظام تجربة المرشح الصوَري موسى مصطفى موسى، ستكون عملية مكشوفة للغاية ونتائجها السلبية أكبر من أن تُحصى".

صورة النظام المصري مهدّدة

ورغم احتمال عدم حدوث نتائج مباشرة، أضاف شعبان أنّ صورة النظام وسمعته أمام المجتمع والعالم ستكونان سيئتين. ولفت إلى أن الظروف الجديدة تحتّم على النظام أن يغيّر من القواعد، أهمها الوعود التي كانت تطلقها السلطة في المرات السابقة بأن "اصبروا قليلاً وكل شيء سيتم إصلاحه"، إلى جانب إعلام السلطة الذي كان يبشّر بقرب الخروج من عنق الزجاجة وتحقيق الرفاهية، لكن أيّاً من ذلك لم يحدث، بحسب قوله. واعتبر شعبان أنه "لو تكرّرت تلك التجربة، فستكون مهينة في حق الرئيس نفسه".

شعبان: إعادة تجربة المرشح الصوَري موسى مصطفى موسى ستحمل نتائج سلبية

وتطرّق شعبان إلى الوضع الحالي في مصر، الذي اعتبره في تراجع كبير بظل غياب إعلام حرّ وصحافة مهنية، وسط وجود نقابات مجمّدة وأعداد كبيرة من المسجونين السياسيين، إلى جانب الحالة الاقتصادية الخانقة، وتدمير القوى المنظمة في المجتمع بعد ثورة يناير/ كانون الثاني 2011. لكنه قال: "علينا أن نطلب ونمارس كل أشكال العمل من أجل الفوز بانتخابات فيها قدر من النزاهة".

متطلبات الانتخابات النزيهة في مصر

من جهته، اعتبر الخبير في مركز الأهرام للدراسات السياسية، المتحدث باسم حزب المحافظين و"التيار الليبرالي الحر"، الدكتور عماد جاد، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن إجراء انتخابات حقيقية نزيهة يستلزم أموراً عدة. وقال: "أولها أن تكون هناك نزاهة في التصويت والفرز، وأن يكون هناك إشراف قضائي وحرية للمرشحين المنافسين للرئيس في تقديم أفكارهم والتسويق لبرامجهم بحرّية من دون ملاحقة أمنية، وكذلك أن يكون هناك حياد من مؤسسات الدولة المختلفة الأمنية وغير الأمنية".

لكنه لفت إلى أنه حتى اللحظة لا توجد أمارات على أن ذلك سيحدث في الانتخابات الرئاسية المُنتظرة، مشيراً إلى أن أبسط دليل على ذلك هو أن مؤسسات الدولة لم تسمح للمرشح المحتمل والنائب السابق أحمد الطنطاوي بحرّية الحركة، بل قُبض على عدد من أفراد حملته وأقاربه.

وضع مختلف ما بين 2018 والانتخابات المقبلة

وأضاف جاد أن "الوضع العام في مصر سياسياً واقتصادياً اختلف بشكل كبير عمّا كان عليه في 2018، فهناك إدراك لهذا الواقع الجديد، لكن أعتقد أن هناك محاولة للتحايل عليه". واعتبر أن الظروف التي مرّرت الانتخابات الماضية لن تمرّر الانتخابات الجديدة بنفس الطريقة.

عماد جاد: ظروف تمرير الانتخابات الماضية لن تمرّر الانتخابات الجديدة

ورأى جاد أن المتغيرات الحالية قد تدفع السلطة لتحسين شكل وصورة الانتخابات القادمة بشكل بسيط، ليس لدرجة أن تكون هناك ضمانات حقيقية لنزاهة الانتخابات، لكن على الأقل لتحسين الصورة العامة بدلاً من أن يخرج المشهد بشكل هزلي كما حدث من قبل، بحسب قوله.

من جهته قال الكاتب المصري عبد العظيم حماد، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "هناك أمارات ودلالات وسوابق، تشير إلى أن السلطة تفضّل أن تُخرج صورة الانتخابات الرئاسية كما حدث من قبل، لكن ذلك لا يمكن أن يستوي مع المتغيرات التي شهدتها مصر خلال السنوات القليلة الماضية".

وأوضح أن هناك أزمة اقتصادية ومالية ضاغطة وقوية سترتّب نتائج سياسية واجتماعية تهدد الاستقرار، والتي لا مخرج منها إلا بإصلاح سياسي شامل. وأضاف حماد أن النظام بحاجة إلى تجديد مقنّع لشرعيته داخلياً وخارجياً، وهو ما يقف وراء المبادرة الرئاسية بالدعوة إلى "الحوار الوطني" حالياً، واللهجة الودودة الملحوظة في الخطاب السياسي الرسمي أخيراً.

عبد العظيم حماد: على كل الأطراف السياسية أن تستعد لمرحلة ما بعد السيسي

ولفت حماد إلى أنه "إذا كانت تلك الفترة الرئاسية الأخيرة للرئيس عبد الفتاح السيسي، وفقاً للنص الدستوري، فلا بد إذاً على كل أطراف المشهد السياسي أن تستعد لمرحلة ما بعد السيسي بها فيها الرئيس نفسه". وأوضح أن ذلك "يعني أن تكون الانتخابات الرئاسية المقبلة نقطة انطلاق لمسار سياسي جديد وإعادة بناء المجال العام، حتى لا تأتي انتخابات عام 2030، في ظل حالة من فراغ الكوادر القادرة على قيادة الدولة".

في المقابل، لا يرى المساعد السابق لوزير الخارجية المصري السفير عبد الله الأشعل، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن المتغيرات الحالية سياسياً واقتصادياً يمكن أن تؤثر في رغبة أو نيّة النظام بعمل بعض التغيير في شكل الانتخابات. وقال إنه لا يتصوّر أن تترك السلطة مساحة لأي مرشّح حقيقي وجاد يمكن أن يُحدث تغييراً في السيناريو الموضوع للانتخابات الرئاسية القادمة. وأضاف أن "كل من يتجرأ على ذلك سيتم ترهيبه أو القبض عليه أو على المتعاونين معه، وما سيتم السماح به هو مرشح دوبلير كما حدث من قبل".

تقارير عربية
التحديثات الحية


 

المساهمون