بوادر حلحلة أزمة إدارة كركوك: تفاهمات أولية بشأن مناصب المحافظة

27 مارس 2021
تعدّ كركوك من أبرز المناطق المتنازع عليها بين حكومة بغداد وحكومة إقليم كردستان(فرانس برس)
+ الخط -

أكد مسؤولون عراقيون محليون في مدينة كركوك (250 كم شمال بغداد)، اليوم السبت، أن تفاهمات أولية جرت في اليومين الماضيين بين قوى سياسية مختلفة تمثل المكونات الرئيسة الثلاثة في المحافظة (العرب والتركمان والأكراد)، حول تقاسم المناصب الرئيسة فيها، في إطار حوارات دعمتها بعثة الأمم المتحدة في العراق، لتقريب وجهات النظر، أثمرت نتائج جيدة في ما يتعلق بالأزمة، وسط تفاؤل أبدته أطراف سياسية بالتقدم الحاصل.

وكشف مسؤولون محليون في الحادي عشر من الشهر الجاري، لـ"العربي الجديد"، عن مبادرة جديدة تتعلق بتطبيع الأوضاع في المدينة المتنازع على إدارتها بين الحكومة الاتحادية في بغداد وحكومة إقليم كردستان، تجري برعاية أممية وتدعمها حكومتا بغداد وأربيل.

ولا تزال محافظة كركوك الغنية بالنفط شمالي العراق تدار من قبل محافظ بالوكالة وإدارة محلية سُمِّيَت نهاية عام 2017، إثر الحملة العسكرية التي أطلقتها بغداد، رداً على تنظيم أربيل استفتاءً للانفصال عن العراق، وشملت مدينة كركوك وانتهت بإبعاد قوات البيشمركة عنها وبالتالي خروج الأحزاب والقوى الكردية منها.

ووفقاً لوثيقة مسربة موقعة من قبل محافظ كركوك بالوكالة، راكان الجبوري، فإنه اتُّفِق على تفعيل اتفاقية إسناد المناصب في المحافظة بين المكونات القومية الثلاثة في المحافظة، واستحداث قسم شؤون المواطنين وإناطته بالمكون الكردي، واستحداث قسم التخطيط والمتابعة وإناطته بالمكون التركماني، فضلاً عن مناصب أخرى، بعضها للمكون العربي، داخل ديوان محافظة كركوك.

وأبدى النائب عن الاتحاد الوطني الكردستاني، ريبوار طه، تفاؤلاً بمجريات الحوار والتفاهمات الجارية لحسم ملف كركوك، وقال لـ"العربي الجديد": "كانت هناك اجتماعات عدة جرت بإشراف للأمم المتحدة، وشاركت فيها جميع مكونات كركوك، ونحن ننتظر نتائج حقيقية لهذه الاجتماعات، التي لا تزال متواصلة لحد الآن".

وبيّن طه أن "هناك تفاهماً وتقارباً بوجهات النظر بعدة ملفات. لا نريد أن نسبق الأحداث، بل علينا أن ننتظر نتائجها لأنها تشمل ملف تقسيم المناصب، والنسب المكوناتية بدوائر الدولة بالمحافظة، والملف الأمني، والأراضي الزراعية، وأن هذه الملفات مرتبطة ببعضها، فلا يمكن أن نذهب باتجاه ملف ونهمل الملفات الأخرى".

وعبّر عن أمله بأن "تكون هناك شراكة حقيقية لجميع مكونات المحافظة بإدارتها"، مبيناً أن "وجهة نظرنا ككرد، مع الشراكة، ولا نريد أن يكون لنا فرض إرادة، فنحن مع إدارة مشتركة حقيقية".

لكنّ النائب ذاته انتقد تسريب وثيقة توزيع المناصب، معتبراً أن "الكشف عن هذه الوثيقة، كان يجب أن يكون باتفاق مسبق مع جميع مكونات المحافظة، وفيما بعد تُطرَح الوثيقة للرأي العام، ولا سيما أن ملف كركوك حساس".

مخاوف تركمانية

المكون التركماني في المحافظة، مع ترحيبه بالتفاهمات، التي أكد دعمه والمكون العربي لها، إلا أنه لم يخف مخاوفه من إمكانية استهدافها سياسياً من قبل بعض الأطراف، وقال القيادي التركماني جاسم محمد جعفر لـ"العربي الجديد"، إن "كركوك لا يمكن إدارتها إلا بالقوميات الثلاث، وأن تكون الإدارة توافقية بالتساوي بين المكونات، أي بنسبة 32 بالمائة من المناصب لكل قومية من القوميات الثلاث، و4 بالمائة للمسيحيين".

وأشار جعفر إلى أن "الكرد منذ 2003 وحتى 2017 سيطروا على جميع المناصب في المحافظة، وعلى آبار النفط والموارد الاقتصادية الأخرى، لكن الآن الوضع تغير، ونحن نأمل أن يفضي هذا التوجه الى الإدارة المشتركة"، مستبعداً أن "يتم التوافق بشكل تام بشأن ملفات المحافظة خلال هذه الفترة التي تسبق إجراء الانتخابات، إذ إن الاتحاد الوطني الكردستاني قد لا يقبل بنسبة تمثل حجمه الحقيقي بإدارة المحافظة، إذ لا يزال يتعامل بفوقية واستعلائية، ويسعى لأن تكون السلطة له، وأن تكون المكونات تابعة له".

ودعا الكرد إلى "القبول بالوضع الجديد والتوافق، الذي يدعمه التركمان والعرب"، فيما لم يستبعد أن "يتعرض التوافق للاستهداف السياسي من قبل بعض الجهات التي لها أجندات خاصة، والتي لا تريد أن يكون هناك توافق واستقرار في المحافظة، خاصة أن المحافظة تتعرض لتأثيرات داخلية أولاً، وإقليمية ودولية ثانياً".

وتعدّ كركوك من أبرز المناطق المتنازع عليها، بين الحكومة الاتحادية في بغداد، وحكومة إقليم كردستان في أربيل، وبقيت تحت سيطرة القوى الكردية منذ احتلال العراق من قبل الولايات المتحدة الأميركية عام 2003، حتى دخول الجيش العراقي عام 2017 على خلفية استفتاء انفصال إقليم كردستان العراق، الذي شمل كركوك ومناطق أخرى متنازعاً عليها.

المساهمون