انطلقت أعمال مؤتمر ميونخ للأمن في دورته الـ58، بعد ظهر الجمعة، في مدينة ميونخ جنوبي ألمانيا، على وقع توتر متصاعد بين موسكو والغرب وسط تحذيرات من تداعيات "كارثية" في حال تفجر الأزمة الروسية الأوكرانية.
وفي تمام الساعة 13:30 بالتوقيت المحلي، افتتح رئيس مؤتمر ميونخ فولفغانغ إيشينغر أعمال المؤتمر بحضور الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس.
وحذر غوتيريس، في افتتاح المؤتمر، من تداعيات "كارثية" في حال تفجر الأزمة الروسية الأوكرانية واندلاع حرب.
وقال: "مع انتشار كثيف لجنود روس في محيط أوكرانيا، أشعر بقلق بالغ بشأن تصاعد التوترات وازدياد التكهنات بشأن نزاع عسكري في أوروبا"، مضيفاً أنه إذا حصل ذلك "فسيكون الأمر كارثياً". وشدد على أنه "لا بديل للدبلوماسية".
من جهته، أعرب رئيس المؤتمر فولفغانغ إيشينغر، في كلمته الافتتاحية، عن أسفه لعدم مشاركة روسيا ومقاطعتها أعمال هذا الاجتماع، بينما رحب بالرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي المشارك في المؤتمر، في وقت تشتد الأزمة بين بلاده والروس.
بدورها، شددت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك على أن موسكو ترسل تهديداً واضحاً ضد أوكرانيا وضد الدول الأوروبية عبر نشر قواتها على الحدود، ودعتها إلى سحب تلك القوات على الفور.
كما لوحت بعقوبات قاسية قائلة "لو حدث أي اعتداء عسكري روسي على أوكرانيا، فستكون له تبعات اقتصادية وسياسية ومالية ضخمة".
في حين، قالت نائبة الرئيس الأميركي، كامالا هاريس، إن الولايات المتحدة الأميركية لا تزال ترغب في التوصل إلى قرار دبلوماسي بشأن الاستفزازات الروسية في أوكرانيا، إلا أنها حذرت من أن العمل العدواني من قبل روسيا سيقابل بعواقب وخيمة في ما يتعلق بالعقوبات الاقتصادية.
وأضافت هاريس، خلال تصريحات لها في ميونخ "نحن بالطبع منفتحون ونرغب في الدبلوماسية في ما يتعلق بالحوار والمناقشات التي أجريناها مع روسيا. إلا أننا ملتزمون أيضاً في حال اتخاذ روسيا إجراءات صارمة، بضمان أنه ستكون هناك عواقب وخيمة فيما يتعلق بالعقوبات الاقتصادية التي ناقشناها".
وأشادت هاريس، بقوة حلف شمال الأطلسي (ناتو) على وجه التحديد حول هذه القضية، قائلة: "في الوقت الحالي، نحن نتعامل بشكل واضح بشأن ما يحدث في أوكرانيا. وبصفتنا عضواً في الناتو، فنحن نشعر بقوة كبيرة وسنلتزم دائماً بمبدأ وحدة وسيادة الأراضي".
وأكدت لدول البلطيق أن التزام الولايات المتحدة بحماية حلفائها "لا يتزعزع".
ويُعقد مؤتمر الأمن السنوي في مكانه التقليدي، فندق "بايريشرهوف" في ميونخ، وسط إجراءات أمنية واحترازية مشددة.
ويشارك في المؤتمر، الذي يستمر ثلاثة أيام، حوالي 600 شخصية، بينها أكثر من 30 رئيس دولة وحكومة، بالإضافة إلى 100 وزير وممثل لقطاع الأعمال والجمعيات والمنظمات الدولية.
ويحضر المؤتمر المستشار الألماني أولاف شولتز، والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، ورئيسة مفوضية الاتحاد الأوروبي أورسولا فون ديرلاين، ونائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس، والأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) ينس ستولتنبرج، والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.
ولن تشارك روسيا، التي يمثلها عادة وزير خارجيتها سيرغي لافروف، في المؤتمر هذه السنة.
ويناقش المؤتمر هذا العام أهم التحديات العالمية، بينها الاتفاق النووي الإيراني والتوتر في شرق أوكرانيا ودول الشرق الأوسط، والوضع في المحيطين الهندي والهادئ والعلاقات بين الغرب والصين، وبنية النظام الأمني الأوروبي وتنشيط التحالف المستقبلي عبر الأطلسي، بالإضافة إلى جائحة كورونا والمناخ والرقمنة وحماية الديمقراطيات، بحسب تقرير مؤتمر ميونخ للأمن.
الضغط العسكري الروسي لا يتراجع
ويأتي عقد المؤتمر السنوي للأمن فيما يتصاعد التوتر بين الغرب وأوكرانيا، وسط دعوات لوقف أي عمل عسكري.
ودعا، الرئيس الفرنسي، ايمانويل ماكرون، الجمعة في بروكسل إلى "وقف العمليات العسكرية" التي "تضاعفت" في شرق أوكرانيا، وحيث "الضغط العسكري الروسي لا يتراجع".
وأضاف الرئيس الفرنسي أمام الصحافيين إثر قمة الاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي أن "الوضع يثير قلقاً بالغاً" و"يبدو أنه أسفر عن العديد من الضحايا في الساعات الأخيرة".
وقال إن الوضع في أوكرانيا ما زال مثيرا للقلق، وإن تقارير واردة من هناك تفيد بسقوط عدد من الضحايا. وأضاف ماكرون أنه لم ير أدلة في هذه المرحلة على أي خفض روسي للتصعيد فيما يتعلق بأوكرانيا.
وقال الانفصاليون المدعومون من روسيا في شرق أوكرانيا، اليوم الجمعة، إنهم يعتزمون إجلاء سكان من المنطقة المنشقة التي يسيطرون عليها إلى روسيا فيما يشير إلى تطور خطير في صراع يعتقد الغرب أن موسكو يمكن أن تستخدمه في تبرير غزوها لأوكرانيا.
بدوره، أعلن وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن أن واشنطن ترى "المزيد" من القوات الروسية تتحرك باتجاه منطقة الحدود الأوكرانية رغم تصريحات موسكو عن انسحابات.
وقال أوستن من وارسو وإلى جانبه نظيره البولندي ماريوش بلاشتشاك "رغم أن موسكو أعلنت أنها تعيد قواتها إلى الثكنات، لم نر ذلك بعد"، بل أشار إلى أن العالم فعليا يرى المزيد من القوات تتحرك باتجاه تلك المنطقة.
يذكر أنه منذ أكتوبر/تشرين الأول الماضي يواجه الروس انتقادات غربية واتهامات بحشد أكثر من 150 ألف جندي في جوار أوكرانيا، ما يثير مخاوف من احتمال شن هجوم على الجارة الغربية.
في حين تنفي موسكو أن يكون لديها أي خطة بهذا الاتجاه، وقد أعلنت منذ الثلاثاء الماضي (15 فبراير 2022) سلسلة انسحابات لقواتها مع عرضها مشاهد لقطارات محملة عتادا من دون أن يقنع ذلك الدول الغربية.