انتقادات واسعة لهيئة الانتخابات التونسية: ارتجالية وتخدم مسار سعيّد

26 أكتوبر 2022
مدّدت الهيئة فترة قبول الترشيحات لانتخاب أعضاء مجلس نواب الشعب (ياسين قايدي/الأناضول)
+ الخط -

تصاعدت موجة الانتقادات لهيئة الانتخابات التونسية بسبب قراراتها الأخيرة التي وصفها متابعون للشأن الانتخابي وأحزاب بالارتجالية وخدمة مسار الرئيس قيس سعيّد، خصوصاً بعد قرارها تمديد فترة قبول الترشيحات.

وكان مجلس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات قد قرّر، الإثنين، تمديد فترة قبول الترشيحات لانتخاب أعضاء مجلس نواب الشعب، المقررة يوم 17 ديسمبر/كانون الأول 2022، ثلاثة أيام، بداية من أمس الثلاثاء 25 أكتوبر/تشرين الأول، لغاية يوم غد الخميس 27 أكتوبر عند الساعة السادسة مساء.

وأعلنت الهيئة، ليل أمس الثلاثاء، أن العدد الإجمالي للترشيحات التي تم تقديمها للانتخابات التشريعية المقبلة بلغ حتى تاريخ الثلاثاء 25 أكتوبر، وبعد إغلاق المكاتب الرئيسة للترشيحات (عند الساعة السادسة مساء)، 1281 ملفاً، منها 1090 لرجال و191 لنساء.

وستشرع الهيئة في دراسة هذه الملفات والنظر في ما إذا كانت مطابقة للشروط المطلوبة للترشح. ويبت مجلس الهيئة في الترشيحات لعضوية مجلس نواب الشعب في أجل أقصاه يوم الأربعاء 2 نوفمبر/تشرين الثاني 2022.

ويتم تعليق قائمة المرشحين لعضوية مجلس نواب الشعب بمقر الهيئة ونشرها عبر موقعها الإلكتروني في أجل أقصاه يوم الخميس 3 نوفمبر/تشرين الثاني 2022.

وأكدت عضو منظمة "بوصلة" يسرى الخضراوي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنه "في ظل شرط الـ400 تزكية المطلوبة أمام كل مرشح، والتي يستحيل جمعها في بعض الدوائر، وأمام العوائق اللوجستية، فإنه كان من المنتظر التمديد في فترة إيداع الترشيحات من قبل هيئة الانتخابات"، لافتة إلى أن "هناك عدة مسائل لوجستية غير جاهزة، ولذلك من الطبيعي الوقوع في مثل هذه الإشكاليات"، مشيرة إلى أن "هذا التعديل والتمديد لن يكون الأخير".

وأوضحت الخضراوي أن "الاقتراع على الأفراد تجربة جديدة، وتونس غير جاهزة لها، خصوصاً في مثل هذا الظرف"، مبينة أن "الانتخاب على القائمات كان تجربة أفضل، وكان يضمن التناصف والتعددية في المشهد السياسي، أما في ظل القانون الانتخابي الحالي، فالنتيجة لا يمكن أن تكون سوى التعديلات والصعوبات، فالعديد من المرشحات لن تجد من يزكيها من الرجال بمثل هذا العدد، ومن الصعب أن يجد مرشح خارج حدود الوطن التزكيات المطلوبة بيسر".

ولفتت إلى أن "العديد من المنظمات سبق لها أن حذرت من الإخلالات التي من شأنها إفراز مشهد ذكوري"، مشيرة إلى أنه "سبق لهيئة الانتخابات الحديث عن 200 تزكية، إلا أن رئاسة الجمهورية ذهبت إلى 400 تزكية"، معتبرة أنه "سيتم اللجوء إلى المزيد من التعديل كلما تم الاصطدام بمشاكل فرضها القانون الانتخابي، والضبابية السائدة، وغياب المعلومة".

ورأت أنه "كان على هيئة الانتخابات أن تذكر مع التمديد أسبابه، حتى يتسنى للمنظمات التقييم وإبداء الرأي"، مبينة أنهم في منظمة "بوصلة" بصدد العمل على هذا الأمر وسيصدرون بياناً حول هذا التمديد.

واعتبرت جمعية ''ملاحظون بلا حدود'' أن "أي تحوير لرزنامة الانتخابات التشريعية في هذه المرحلة الحساسة والهامة من مسارها، فيه مسّ بمبدأ النزاهة والعدالة بين الأطراف المتنافسة، وتعدٍّ على المعايير الدولية لانتخابات ديمقراطية تعكس إرادة الناخب".

وأعربت الجمعية، في بيان أصدرته أمس الثلاثاء، عن "استغرابها من قرار الهيئة العليا المستقلة للانتخابات تمديد آجال قبول الترشيحات للانتخابات التشريعية، وغياب أي تفسير أو تبرير للقرار"، وأضافت أن هذه القرارات "المتسرعة والأحادية من طرف الهيئة، فيها مسّ بحياديتها، كما أنها تضعها في موقع تشكيك واتهام بخدمة أطراف دون أخرى".

ودعت الجمعية جميع المواطنين إلى "التبليغ عن أي تجاوزات أو تضييقات يتعرضون لها من أي طرف، لتدوين الملاحظات والتثبت منها والتنسيق مع الإدارة الانتخابية".

من ناحيته، اعتبر رئيس مرصد شاهد لمراقبة الانتخابات ناصر الهرّابي، في تصريح لإذاعة "موزاييك" الخاصة، أن "هذا الأمر غير مقبول"، متسائلاً عن "الظرف الطارئ أو الأمر القاهر الذي دفع الهيئة لخرق رزنامتها القانونية بشكل غير قانوني"، وفق تعبيره، لافتاً إلى أن "الهيئة قامت بالتمديد لأنها تعاني يومياً مشاكل يتسبب فيها نظام الانتخاب على الأفراد، الذي قلّص بشكل كبير مشاركة النساء".

وأوضح أن "البرلمان المقبل سيشهد أيضاً انعدام تمثيلية الشباب وحاملي الإعاقة" مشيراً إلى أن "المعضلة الكبرى التي ستواجه الهيئة هي انعدام الترشيحات في بعض الدوائر، وخصوصاً أن خمس دوائر في الخارج إلى حدود اليوم لم يترشح فيها أحد".

أمّا عضو تنفيذية جبهة الخلاص المعارضة رضا بلحاج، فاعتبر في تدوينة على صفحته في "فيسبوك"، أن "سلطة الانقلاب تواصل التلاعب بكل المبادئ التي تنظم الحياة الديمقراطية، فبعد الانقلاب على الدستور الشرعي، وسنّ دستور بطريقة أحادية استولى فيه قيس سعيّد على جميع السلطات، وبعد إصدار مجلة انتخابية حرّرها بنفسه وعلى مقاسه للظفر بأغلبية موالية له، ضارباً عرض الحائط بكل المكاسب التي تحققت منذ الثورة، ها هو يهيئ للعبث مرة أخرى بمنظومة ركزها بمفرده ولصالحه، فالبلاغ الصادر عن الهيئة العليا في التمديد في آجال تقديم الترشيحات يضيف خرقاً جديداً لأبسط القواعد والمعايير الدولية لتنظيم الانتخابات، وهو خرق مبدأ المساواة بين المرشحين".

واعتبر بلحاج أن "المؤكد اليوم أن الانقلاب دخل في أزمة جديدة وتخبط نتيجة عشوائية منظومته التي ظنّ أنها ستضمن نجاح طبقة سياسية ونواب تابعين له، فاستنتج من خلال المعلومات الواردة إليه من هيئة الانتخابات، أن الإقبال على الترشح منخفض جداً، فهناك دوائر لا يوجد فيها مرشحون، وأن أتباعه لا وزن لهم، ولم يتمكنوا من جمع التزكيات اللازمة، على الرغم من وقوف بعض ممثلي الإدارة بجانبهم، وأن خصومه المتدربين على مثل هذه السباقات أحرزواً تقدما في تقديم ترشيحاتهم".

المساهمون