لا تزال أعمال اجتماعات اللجنة العسكرية الليبية المشتركة مستمرة في مدينة غدامس، أقصى غرب ليبيا، الهادفة إلى تطبيق اتفاق وقف دائم لإطلاق النار في البلاد، في الوقت الذي لا تزال البعثة الأممية تواجه انتقادات بشأن طريقة إدارتها لمسارات الحل الليبي.
وكانت رئيسة البعثة بالإنابة ستيفاني وليامز قد أكدت أن الجلسة الأولى لاجتماعات اللجنة العسكرية، بين وفدي حكومة الوفاق وقيادة مليشيات اللواء المتقاعد خليفة حفتر، قد أحرزت "تقدماً في تنفيذ بنود اتفاق وقف إطلاق النار".
وأضافت، خلال مؤتمر صحافي عقدته عقب انتهاء الجلسة الافتتاحية في غدامس مساء أمس الاثنين، أن "هناك توافقا وتقدما ملحوظين توصل إليهما الضباط العشرة، وهو أمر مشجع للغاية ومهم لنقل هذه الروح والمسؤولية إلى الطبقة السياسية"، من دون أن تدلي بتفاصيل أخرى.
لكنها اعتبرت أن اتفاق أعضاء اللجنة على تغيير مسماها من لجنة 5 + 5 إلى لجنة العشرة يؤشر على "روح المسؤولية الوطنية، وهو ما نريد نقله إلى المشاركين في الحوار السياسي بتونس".
وأكدت مصادر مسؤولة مقربة من اجتماعات غدامس، لـ"العربي الجديد"، أن جلسة اليوم "ستحدد تفاصيل وقف إطلاق النار ونقاط تباعد قوات الطرفين، قوات حكومة الوفاق ومليشيات حفتر، بالإضافة إلى الاتفاق على تشكيل الغرفة العسكرية المشتركة التي ستشرف على تنفيذ بنود الاتفاق، فيما سيتم إرجاء الملفات الأخرى المتعلقة بمغادرة المقاتلين الأجانب وتحديد موعد بدء انسحاب قوات الطرفين من مناطق التماس بمدينة سرت".
وذكرت المصادر، التي فضلت عدم الكشف عن هويتها، أن جلسة اليوم ستعقد بعد الظهر، حيث يتداول أعضاء الوفدين بشكل منفصل نتائج جلسة الأمس التي لم تنتهِ إلى نقاط ملموسة، باستثناء توافقها على ضرورة تنفيذ كامل بنود الاتفاق العسكري الموقع في جنيف يوم 23 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
استئناف حوارات المغرب
من جانب آخر، كشفت المصادر ذاتها النقاب عن استعداد ممثلي مجلسي الدولة ونواب طبرق لاستئناف اجتماعات حوارهما في مسار المناصب القيادية في المغرب مجددا، مشيرة إلى أن الراجح أن تستأنف الاجتماعات الخميس المقبل.
وأكدت المصادر أن اجتماعات ممثلي المجلسين ستناقش تطبيق الآليات، التي اتفقت عليها مطلع أكتوبر الماضي، على جملة من الأسماء المقترحة من جانب المجلسين، بهدف تحديد أسماء القوائم من دون أن يكون لها الحق في اعتماد أسماء بعينها لشغل تلك المناصب. وهي خطوات يعتبرها الأكاديمي الليبي ياسين العريبي جهودا تسابق بها البعثة الوقت والزمن بهدف إنجاح ملتقى الحوار السياسي المرتقب، الذي سيمثل نقطة فاصلة في مشهد البلاد.
ويلفت العريبي في حديثه لـ"العربي الجديد" إلى أن البعثة الأممية أعلنت خلال عدد من البيانات المتتالية، ليل أمس الاثنين، عن جملة من التوصيات قالت إنها خرجت جراء أربعة لقاءات أجرتها مع عدة أطياف وشرائح ليبية.
لكن العريبي يشير إلى أن التوصيات صدرت فقط عن لقاءاتها مع شريحة النساء، موضحا أن البعثة هدفت من خلال اللقاءات الأربعة، التي وصفتها بـ"الاستشارية، إلى سد الثغرات التي تركتها مسارات الحل الأخرى، وخصوصا المسار الدستوري شديد الاتصال بمطالب أطياف ليبية بضرورة خروج البلاد إلى انتخابات عامة وإنهاء الفترات الانتقالية".
ويضيف الأكاديمي الليبي أن "البعثة وجدت في توصيات لقائها مع النساء، دون لقاءاتها مع الشرائح المجتمعية الأخرى، ما يحقق تلك الأهداف، فأعلنت عنها وأطلقت عليها وصف التوصيات، واعتبرتها كافية لمواجهة الانتقادات بشأن طريقة إدارتها للمسارات الممهدة لملتقى الحوار السياسي".
وكانت البعثة قد نشرت ليل أمس، في بيانات متتالية، عدة توصيات قالت بأنها خرجت بها من أربعة لقاءات عقدتها مع شرائح ليبية عبر تقنية الفيديو نهاية الشهر الماضي، لكنها لم تعلن إلا عن نتائج لقاءاتها التشاورية مع النساء، التي تتعلق بمشاركة المرأة والانتخابات والدستور وأوضاع التشكيلات المسلحة في البلاد، لنقلها إلى المشاركين في اجتماعات ملتقى الحوار السياسي الشامل المزمع عقده في تونس الشهر الجاري.
أين مسار الشباب؟
وعلى الرغم من تأكيد بيانات سابقة للبعثة على أهمية مشاركة الشباب، إلا أن عادل خمّيس يتساءل "أين هو مسار الشباب من أصله؟".
ويقول خميس، المشارك في الجلسات التي جمعت عددا من النشطاء الشباب بالبعثة، إن الأخيرة "كان من المفترض أن تتيح وقتا للشباب لبلورة مطالبهم وتوصياتهم، لا أن تختار بشكل عشوائي وبطريقة عاجلة اللقاء لإيهام الرأي العام بأنه تم استيعاب كافة الشرائح"، مؤكدا أن الاجتماعات الأربعة لم تتح لشريحة الشباب إلا أربع دقائق فقط للحديث.
ولم تعلن البعثة حتى الآن عن توصيات باقي الشرائح "بما فيها النقابات وتنسيقيات العمل المدني"، بحسب خميس، واصفا عملها بــ"الانتقائي".
خميس:
ربما يكون ضيق الوقت مبررا للبعثة لكنه غير مقبول
ويضيف خميس متحدثا لـ"العربي الجديد" أنه "ربما يكون ضيق الوقت مبررا للبعثة، لكنه غير مقبول، فالوقت مهم بالنسبة لمصالح الدول التي تسعى لاقتسام كعكة بلادنا وتصفية حسابات بعضها، لكن طريقة القفز على المراحل لا تخدم حل أزمة البلاد"، واتهم البعثة بأنها أصبحت من تدير البلاد وتختار أسماء الممثلين وتصيغ التوصيات بحسب مصالح دول تسبب في أزمة البلاد.
ورغم تخلل عمل البعثة "إخفاقات"، وفق رأي العريبي، إلا أنه في ذات الوقت يرى أن أهم المسارات التي قد تحدد نجاح ملتقى الحوار السياسي هو المسار العسكري، وتحديدا اجتماعات غدامس، موضحا أن "البعثة تركز كل اهتمامها على إنجاح هذه الاجتماعات وبعثت بأولى رسائلها المبشرة بتغيير اسمها إلى لجنة العشرة، ما يعكس تقاربا كبيرا بين أعضاء اللجنة".
ويؤيد الأكاديمي الليبي البعثة في هذا الاتجاه، مؤكدا أن ملتقى الحوار السياسي لن يجد أرضية لتنفيذ نتائجه، ما لم تتفق الأطراف المسلحة وتنهي القتال وتبدأ في تنفيذ ترتيبات أمنية على الأرض.
ويلفت العريبي إلى أن جهود الأمم المتحدة تواجه تحديين، الأول يتعلق بتوافق الأطراف المسلحة على إنهاء الحرب، والثاني يتعلق بإقناع الأطراف الخارجية بضرورة الحد من تأثيرها في المشهد والتقليل من وجودها العسكري المتصل بملف المقاتلين الأجانب في البلاد.