تصدرت القضية الفلسطينية والأوضاع في كلّ من ليبيا واليمن والصومال، نقاشات الجلسة الافتتاحية لاجتماع القمة العربية على مستوى وزراء الخارجية العرب، اليوم السبت في الجزائر، تمهيداً لاجتماع القادة العرب الثلاثاء المقبل.
وقال وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة في افتتاح الاجتماع، إنه يتعيّن علينا تكثيف الجهود وتثمين مقومات التكامل كأمة في ظل أزمة دولية معقدة، مشدداً على أن "الوضع الدولي لا يجب أن ينسينا هموم شعوبنا، وعلى رأسها القضية الفلسطينية التي تمرّ بأصعب فتراتها بسبب تصعيد المحتل".
وأضاف: "نعوّل على مساهمة الجميع في قمة الجزائر لتحقيق انطلاقة جديدة في العمل العربي المشترك"، آملاً في أن "يكون بمقدورنا أن نبني توافقاً عربياً يسمح بلمّ شمل كل الدول لحلّ الأزمات التي تمر بها الدول".
وحيّا العمامرة انخراط الفصائل الفلسطينية في مبادرة الجزائر التي أطلقها الرئيس عبد المجيد تبون، وتوّجت بالتوقيع على اتفاق الجزائر لتحقيق الوحدة الفلسطينية.
ولفت كذلك إلى أن "الأوضاع الصعبة التي يمرّ بها الأشقاء في الصومال، واليمن، وليبيا، ولبنان، والسودان، يجب أن تستوقفنا لاستدراك ما فاتنا من جهود لحلّ هذه الأزمات"، مشدداً على أنه "يجب أن نساعد الشعوب العربية التي تعاني من أزمات أمنية أو سياسية دون التدخل في شؤونها"، ومؤكداً أنه "من المهم تعزيز التعاون مع الشعوب والدول التي تتقاسم معنا الانتماء الحضاري إلى أمتنا أو الجغرافيا".
ودعا نظراءه العرب إلى العمل على إنجاح القمة العربية التي تعقد في أول نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، وتمثل مناسبة للتضامن العربي.
وكان لعمامرة تسلّم من نظيره التونسي عثمان الجرندي رئاسة القمة العربية. وقال الجرندي في كلمته إن تونس بذلت جهوداً كبيرة خلال رئاستها للقمة العربية والدفاع عن الأمن والقضايا العربية، مشدداً على أنه "يجب إيجاد آفاق لحلّ القضية الفلسطينية والتصدي لجرائم المحتل، ومنعه من أن يكون فوق المحاسبة".
وإذ جدّد الترحيب بـ"الاتفاق بين الأشقاء الفلسطينيين برعاية الجزائر"، قال: "يحدونا الأمل بأن يكون الاتفاق أساساً لمسار على درب لمّ الشمل، وتحقيق الوحدة الوطنية، ورص الصفوف للدفاع عن القضية الفلسطينية".
وتطرّق الجرندي في كلمته إلى الأزمة الليبية، مشيراً إلى أن بلاده على ثقة في أن الأشقاء في ليبيا قادرون على حوار ليبي - ليبي، تغلّب فيه المصلحة الوطنية والحفاظ على الوحدة الترابية، ويمهد السبيل لانتخابات تسهم في تركيز مؤسسات الدولة الليبية، بما يستجيب لتطلعات الشعب الليبي.
أبو الغيط: الأوضاع في الأراضي المحتلة على شفا الانهيار
أمّا الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، فلفت من جهته إلى أن انخراط الجامعة في معالجة الأزمات ما زال أقل من المطلوب، مشيراً إلى أن بعض الأزمات في المنطقة العربية سمحت بانكشاف المنطقة، وهناك أطراف غير عربية نفذت إليها بالاستفادة منها.
وتحدث عن القضية الفلسطينية، مشيراً إلى أن الأوضاع في الأراضي المحتلة على شفا الانهيار وتهدد بمحو نتائج اتفاق أوسلو بسبب الممارسات الإسرائيلية والتصعيد الخطير بحق الشعب الفلسطيني، لافتاً إلى أنه ليست هناك أية جهود لتحقيق حل الدولتين، ويجب العمل على تعزيز الصمود الفلسطيني.
وإذ اعتبر أن الاتفاق الفلسطيني خطوة على الطريق الصحيح ونأمل التزام كلّ الفصائل بتنفيذه، عبّر عن مخاوفه من أن يكون مصيره مثل سابقيه، قائلاً: "شهدت على مدار عقد الكثير من الاتفاقات التي تُوقّع وتُنسى".
وحذر المسؤول العربي من أزمة الغذاء الحادة التي تواجه الدول العربية، مشيراً إلى أن هذه الأزمة "تمثل أولوية، ويجب أن تعمل القمة على إيجاد استراتيجية لمواجهة ذلك". ودق ناقوس الخطر بشأن الوضع المعيشي والإنساني في الصومال، بالقول إن "نصف سكان الصومال يقفون على شفا المجاعة".
وتوالى وصول وزراء خارجية الدول العربية إلى الجزائر، اليوم، للمشاركة في اجتماع القمة العربية على مستوى الوزراء، ومناقشة اللوائح والأوراق السياسية التي ستقدم إلى مؤتمر القمة على مستوى القادة، الثلاثاء المقبل.
وقال مندوب الجزائر في الجامعة العربية عبد الحميد شبيرة، في تصريح صحافي، إن القمة تعقد في ظرف متميز، خصوصاً بالنسبة للقضية الفلسطينية التي يسمح اتفاق الجزائر الموقّع بين الفصائل الفلسطينية بإعادة القضية إلى مركزيتها في العمل العربي المشترك.
وقال نائب وزير الخارجية السعودي، وليد بن عبد الكريم الخريجي، الذي يمثل المملكة في الاجتماع الوزاري، في تصريح صحافي، إن الجزائر والمملكة تملكان مشتركات كثيرة، مجدداً دعم الرياض للجزائر في جهود إنجاح القمة العربية، حيث سيمثل السعودية وزير الخارجية فيصل بن فرحان.
واستقبل وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة، وزير الدولة للشؤون الخارجية القطري سلطان بن سعد المريخي. كما وصل وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة إلى الجزائر، في أول زيارة لوزير خارجية مغربي إلى الجزائر منذ خمس سنوات، ومنذ تفجّر الأزمة الدبلوماسية بين البلدين في أغسطس/آب 2021، وقرار الجزائر قطع العلاقات الدبلوماسية مع الرباط.
ووصل وزير الخارجية المصري سامح شكري إلى مقر الاجتماع، والتقى لعمامرة، كما وصلت وزيرة الخارجية في حكومة الوحدة الوطنية الليبية نجلاء المنقوش، التي أكدت في تصريح صحافي أن "القمة العربية في الجزائر تملك كل مقومات النجاح".
كذلك، وصل وزير خارجية العراق فؤاد حسين للمشاركة في الاجتماع، وقال في تصريح صحافي إن "هذه القمة مهمة لأنها تخصّ تحديات أساسية تهم الشعوب العربية"، مشيراً إلى أن "الجزائر ستلعب الدور الريادي خلال القمة التي تأتي في ظل تحديات متعلقة ببلداننا".
بدوره، وصف وزير الخارجية اليمني أحمد عوض بن مبارك قمة الجزائر بأنها مفصلية ومهمة بالنسبة للملفات التي تخصّ المنطقة العربية، لافتاً إلى أن ما يهمنا بالأساس هو أن تكون هذه القمة ناجحة ومخرجاتها تخدم التطلعات العربية.
وقبل ذلك، كان قد وصل وزير الخارجية التونسي عثمان الجرندي، الذي سيسلّم خلال الاجتماع رئاسة المجلس إلى نظيره الجزائري. ويشارك في الاجتماع أيضاً وزير الخارجية الموريتاني محمد سالم ولد مرزوق، الذي أعلن عن تطابق كبير في المواقف مع الجزائر بشأن ملفات القمة.
كما وصل وزير خارجية السودان، بالإضافة إلى رئيس البرلمان العربي عادل العسومي، الذي أكد أنه واثق من نجاح القمة العربية، بحكم التحديات القائمة، وكذلك الجهود الكبيرة التي بذلتها الجزائر.