- الاتفاقيات تؤكد على التعاون الأمني ومكافحة الإرهاب، وضرورة معالجة ملف المياه بإنشاء لجنة تركية عراقية، وتدعو لوقف العدوان الإسرائيلي على غزة ودعم حقوق الشعب الفلسطيني.
- زيارة أردوغان، الأولى منذ أكثر من 12 عامًا، تأتي ضمن جهود لتعزيز العلاقات الثنائية والتنمية المشتركة، مع التركيز على مكافحة حزب العمال الكردستاني ومشروع طريق التنمية.
وقع العراق وتركيا، اليوم الاثنين، عدداً مع الاتفاقيات، على هامش زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى بغداد، والذي وصف هذه الاتفاقيات بأنّها "نقطة تحوّل" في العلاقات. وأعلن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، اليوم الاثنين، توقيع اتفاقات مهمة مع الجانب التركي، مؤكداً أن سياسة بلاده تعتمد على التوازن على أساس المصالح المشتركة وحسن الجوار.
وقال، خلال المؤتمر الصحافي المشترك مع أردوغان في القصر الحكومي وسط بغداد: "سياستنا تعتمد على التوازن، ولدينا مبادئ تقوم على أساس المصالح المشتركة وحسن الجوار"، مضيفاً: "جرى توقيع اتفاقات مختلفة مع الجانب التركي على مستوى المياه، كما جرى توقيع اتفاقات من شأنها تحديث منظومات الري، لمدة 10 سنوات، وسيلمس أثرها بشكل واضح لا سيما ما يتعلق بحصة العراق المائية".
وأضاف السوداني أنه "جرى اليوم توقيع مذكرة تفاهم رباعية، تتضمن المبادئ الخاصة بمشروع طريق التنمية"، مؤكداً أنّ "طريق التنمية سينقل المنطقة اقتصادياً". وأشار إلى أنّ "طريق التنمية ليس لاختصار المسافات فقط، بل سيتحول إلى جسر رابط بين شعوب المنطقة وثقافاتها"، مؤكداً في الوقت نفسه أن "طريق التنمية سيدعم الأمن والاستقرار في المنطقة".
وأوضح أنه جرى "التطرق إلى الأمن الثنائي بين البلدين"، مؤكداً أنّ "أمن تركيا والعراق وحدة واحدة لا تتجزأ"، مشدداً: "ننطلق من الدستور العراقي ونتمسك بعدم السماح لأي قوة أن تستخدم أرض العراق منطلقاً للاعتداء على الجوار".
وقال رئيس الوزراء العراقي: "نحث على وقف العدوان الإسرائيلي على غزة والعمل على ضبط النفس بينما تمر المنطقة بوقت حساس"، مشيراً إلى أنّ "القدس رمز إسلامي وإهانة المقدسات الفلسطينية أمر غير مقبول".
بدوره، قال أردوغان، خلال المؤتمر الصحافي المشترك مع السوداني، إنّ "العراق بلد جار وتربطنا به قواسم مشتركة عديدة، ولدينا إرادة سياسية لدفع علاقات العراق وتركيا إلى الأمام"، مؤكداً أنّ "المذكرات التي وقعت تمثل نقطة تحول في علاقاتنا مع العراق، وسيُوفَّر التنسيق اللازم لضمان تنفيذها بالكامل".
وأضاف: "جرت، مع رئيس الوزراء، مناقشة التعاون في ملفي الأمن ومكافحة الإرهاب"، مؤكداً استعداده لـ"تقديم الدعم إلى الحكومة العراقية في مكافحة الإرهاب"، مشيراً إلى أنّ "حجم التبادل التجاري بين العراق وتركيا ارتفع إلى 20 مليار دولار، ونحن مصممون على المشاركة في طريق التنمية لتحقيق التنمية التجارية".
وتابع: "أنشأنا لجنة تركية عراقية لحل مشكلة المياه على أساس علمي وعقلاني، وجرى البحث في إنشاء لجنة دائمة لمتابعة ملف المياه مع العراق"، مشيراً إلى أنه "جرت مناقشة آثار القمع الصهيوني في غزة وتشاورنا بشأن الخطوات المشتركة لتهدئة الأوضاع، ونحن داعمون لإنشاء دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس".
وحذر أردوغان من أنّ "التطورات بين إسرائيل وإيران تزيد مخاطر انتشار الحرب وتبعد الأنظار عما يحدث في غزة"، مشدداً على أنّ "الاعتراف بدولة فلسطين وعاصمتها القدس الشرقية هو مفتاح السلام".
ورعى السوداني وأردوغان، في بغداد، مراسم توقيع مذكرة تفاهم رباعية بين العراق وتركيا وقطر والإمارات. وتهدف المذكرة، بحسب بيان حكومي عراقي، إلى التعاون المشترك بشأن (مشروع طريق التنمية) الاستراتيجي، وذلك بحضور أعضاء الوفدين التركي والعراقي من وزراء ومستشارين.
بدورها، ذكرت الرئاسة التركية، في بيان عقب محادثات بين الرئيس التركي ونظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، أنّ "الرئيس أردوغان ذكر أنّ لدى تركيا تطلعات من بغداد حيال مكافحة تنظيم حزب العمال الكردستاني الإرهابي في العراق، مؤكداً في هذا الإطار ضرورة تطهير العراق من جميع أشكال الإرهاب".
ونشرت رئاسة الجمهورية العراقية تعليقات لرشيد، أكبر مسؤول عراقي ينتمي إلى الأكراد، أكد فيها "أهمية العمل والتنسيق المشترك لمكافحة الإرهاب"، كما أشار إلى أنّ "العراق يرفض أن تكون الأراضي العراقية منطلقا للاعتداء أو تهديد دول الجوار، كما نرفض أي اعتداء أو انتهاك تتعرض له المدن العراقية". وأوضحت الرئاسة العراقية أن رشيد أكد "ضرورة معالجة ملف المياه وضمان حصة عادلة للعراق لسد احتياجاته".
رئيس الجمهورية @LJRashid والرئيس التركي@rterdogan_ar :
— رئاسة جمهورية العراق (@IraqiPresidency) April 22, 2024
وجوب وقف العدوان على غزة، ودعم الشعب الفلسطيني الشقيق في نيل كامل حقوقه المشروعة، وحث المجتمع الدولي لزيادة المساعدات الإنسانية للفلسطينيين في غزة، والعمل على إيجاد حل نهائي للقضية الفلسطينية لإرساء الأمن والاستقرار والسلام. pic.twitter.com/oDLTMMKOdE
ووصل أردوغان إلى العاصمة العراقية بغداد، في وقت سابق اليوم، على رأس وفد رسمي حكومي وأمني، في زيارة رسمية من المقرر أن يجرى خلالها التوقيع النهائي على 22 اتفاقية ومذكرة تفاهم بين العراق وتركيا، تتركز على ملفات الأمن والحدود والطاقة والمياه والاقتصاد والتجارة.
الزيارة التي تُعد الأولى من نوعها للرئيس التركي منذ ما يزيد عن 12 عاماً، جاءت عقب سلسلة لقاءات وزارية عراقية تركية في بغداد وأنقرة للتفاهم على جملة من الملفات المشتركة، كان واضحاً فيها تَصدّر ملفي حزب العمال الكردستاني وأنشطته في العراق ومياه نهري دجلة والفرات، إضافة إلى مشروع طريق التنمية الرابط بين مدينة البصرة على مياه الخليج العربي، جنوبي العراق، مع الأراضي التركية.
ويرافق أردوغان وزراء الخارجية هاكان فيدان، والدفاع يشار غولر، والداخلية علي يرلي قايا، والتجارة عمر بولات، والنقل والبنية التحتية عبد القادر أورال أوغلو، والزراعة والغابات إبراهيم يوماقلي، والطاقة والموارد الطبيعية ألب أرسلان بيرقدار، والصناعة والتكنولوجيا محمد فاتح قاجر، كما يرافقه رئيس دائرة الاتصال في الرئاسة التركية فخر الدين ألتون، ومستشار الرئيس للسياسات الخارجية والأمنية عاكف تشاغتاي قليج.
ومن المقرر أن يعقد أردوغان في زيارته التي تستغرق يوماً واحداً فقط اجتماعات أيضاً في أربيل، عاصمة إقليم كردستان، حيث يلتقي المسؤولين الأكراد.
ووفقاً لموجز قدمه المتحدث باسم الحكومة العراقية باسم العوادي، في وقت سابق اليوم فإنه "من المقرر توقيع اتفاقيتين استراتيجيتين بين البلدين إلى جانب توقيع 20 مذكرة تفاهم خلال زيارة أردوغان إلى بغداد، وستكون هناك ضمانات لتنفيذها". وأشار العوادي إلى أن المؤتمر الصحافي المشترك بين الرئيس التركي ورئيس الوزراء محمد شياع السوداني سيوضح الاتفاقيات ومذكرات التفاهم، مؤكداً أنّ الاتفاقيات والتفاهمات تتعلق بالأمن والمياه ومشروع طريق التنمية والاقتصاد والتبادل التجاري.
تفاهمات "غير مسبوقة" خلال زيارة أردوغان
وأكد مسؤول في وزارة الخارجية العراقية في بغداد، لـ"العربي الجديد"، أن الجانبين العراقي والتركي سيعقدان مباحثات مغلقة على هامش لقاءات متزامنة للرئيس التركي في بغداد نهار اليوم الاثنين. وأوضح المسؤول في اتصال هاتفي، مفضلاً عدم ذكر اسمه، أن "هناك تفاهمات غير مسبوقة سيتم التوصل إليها، بما فيها مسألة حزب العمال الكردستاني، الذي يعتبر العقدة الأبرز في العلاقة بين البلدين، كاشفاً عن أن العراق "أقرّ بحق تركيا في الدفاع عن نفسها من هجمات الحزب، وسيكون هناك تنسيق عسكري وأمني بشأن أنشطة حزب العمال"، وفقاً لقوله.
وأمس الأحد، قال وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الموريتاني محمد سالم ولد مرزوق، عقب لقائهما في إسطنبول، إنه سيجري توقيع أكثر من 20 اتفاقية مع العراق خلال زيارة الرئيس أردوغان إلى بغداد.
وأوضح فيدان أن "هدفنا تطوير العلاقات (مع العراق) بحيث يكون الاستقرار الإقليمي والازدهار والتنمية ممكنين، وإضفاء طابع مؤسسي على علاقاتنا، وبذل ما بوسعنا لتطوير النظام والازدهار في المنطقة".
وزير الخارجية التركي لفت إلى الأعمال الجارية منذ فترة طويلة بين البلدين في مجالات مثل الأمن والطاقة والزراعة والمياه والصحة والتعليم. وأضاف: "أتممنا الاتفاقات الأولية لتوقيع أكثر من 20 اتفاقية خلال زيارة رئيسنا"، وفقا لقوله، مبيناً أنّ أردوغان سيتوجه من بغداد إلى مدينة أربيل خلال زيارته للعراق.
ورحّب عدد من القوى السياسية العراقية بزيارة الرئيس التركي إلى بغداد، واعتبروها فرصة مهمة لتطوير العلاقات بين البلدين. وقال حزب السيادة، وهو أبرز الأحزاب العربية السنية في البلاد، في بيان له، اليوم الاثنين، إن الزيارة تأتي في ظل ظروف بالغة الأهمية بالمنطقة، خاصة مع استمرار العدوان الإسرائيلي على غزة، وأكد أن الزيارة "ستساهم في مزيد من الاستقرار بالعلاقات بين البلدين، وفي التقدم بملفات مهمة، خاصة بمجال مكافحة الإرهاب العابر للحدود والمياه والتجارة والطاقة".
ويُمثل ملف مسلحي حزب العمال الكردستاني، الذي ينشط داخل العراق ويتخذه منطلقا لشن اعتداءات إرهابية متكررة داخل تركيا، العقدة الأبرز في المباحثات بين البلدين، لكن تقدماً واضحاً تحقق هذا العام بعد اعتبار العراق حزب العمال منظمة محظورة، وتعهد بالعمل مع تركيا في هذا الإطار، وسط تحديات غير خافية، أبرزها العلاقة الجيدة بين الحزب وفصائل مسلحة توصف عادة بأنها حليفة لإيران، خصوصاً في مناطق سنجار، غربي نينوى.