في الوقت الذي لم تكشف فيه حكومة رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، عن أي من نتائج لجان التحقيق التي أعلنت تشكيلها عقب سلسلة من جرائم القتل الجماعية التي حصلت في محافظة صلاح الدين، خلال الأشهر الماضية، واتهم فيها أعضاء مليشيات مسلحة بتنفيذها، تعود مجدداً ظاهرة الحراسات الليلية من قبل الأهالي أنفسهم ونصب كاميرات المراقبة خوفاً من تكرار تلك الاعتداءات.
ومنذ منتصف أكتوبر/ تشرين الأول العام المنصرم، وقعت سلسلة جرائم قتل جماعية في مناطق عدة من محافظة صلاح الدين، أبرزها مجزرة "الفرحاتية" التي ذهب ضحيتها 12 شخصاً، وغُيّب 4 آخرون، ما زال مصيرهم مجهولاً لغاية الآن، واتهم الأهالي وذوو الضحايا مليشيات "عصائب أهل الحق"، الموالية لطهران بالوقوف وراء المجزرة.
وأعقب المجزرة عدة اعتداءات مثل جريمة بلدة سيد غريب التي أدت إلى قتل 4 مواطنين بينهم رجل ونجله، ثم مجزرة أخرى قرب بلدة الإسحاقي، ذهب ضحيتها 5 مواطنين، وآخرها مجزرة "البو دور" في 12 من مارس/ آذار الماضي، وذهب ضحيتها 7 أفراد من عائلة واحدة.
ووفقاً لمسؤول أمني في المحافظة، فإن "أهالي البلدات والقرى، وخاصة الواقعة جنوبي تكريت وشمالي سامراء ضمن محافظة صلاح الدين، ما زالت تعيش حالة الخوف من تكرار الجرائم مع استمرار وجود المليشيات وتنصّل حكومة الكاظمي من إعلان نتائج التحقيق للجان التي شكلتها".
وبيّن لـ"العربي الجديد" أن "الخوف من مجازر جديدة، دفع الأهالي إلى تنظيم حراسات ليلية على أسطح المنازل، وتستمر حتى الصباح، للتصدي لأي هجوم قد يتعرضون له، وقد أبلغوا الجهات الأمنية بذلك، فضلاً عن نصب كاميرات المراقبة في مناطقهم والحرص على إنارتها ليلاً من خلال مولدات كهرباء يتشارك السكان بدفع ثمن الوقود وباقي تكاليف التشغيل الأخرى".
وأوضح أن "الوضع في الأمني غير مستقر، في ظل استمرار وجود الفصائل المسلحة وتحركاتها المريبة في العديد من مناطق المحافظة، هناك مناشدات يوجهها الأهالي إلى الحكومة المحلية بإخراج الفصائل المسلحة، لكن لا أحد يستطيع اتخاذ أي قرار بشأنها".
واعتبر أن مناطق صلاح الدين يمكن أن تكون منطقة تصفية حسابات أو إثارة أزمات مفتعلة من قبل المليشيات، إذا قررت صرف الأنظار عن قضايا أخرى".
ورأى أن "المنطقة على الرغم من وجود هذا العدد الكبير من الفصائل المسلحة، إلا أنها أخفقت في وقف أنشطة جيوب داعش التي باتت تستغل الفوضى الأمنية في استهداف من تصفهم بالمرتدين من عشائر المنطقة، لكونهم يتعاونون مع القوات الأمنية".
وحمّل وجهاء المحافظة وشيوخها، الحكومتين المركزية والمحلية، مسؤولية تردي الوضع الأمني في المحافظة، مطالبين بإعادة عمل المخاتير، ومنع عمليات التفتيش العشوائية. وقال الشيخ هذال العبيدي، إن "هناك عشوائية بإدارة الملف الأمني، ما سبّب حالة من القلق والرعب في المحافظة، إذ لا توجد جهة أمنية توفر لك الحماية".
وأوضح العبيدي لـ"العربي الجديد"، أن "تحركات الفصائل المسلحة تثير رعب الأهالي، الذين أجبروا على الحراسات الليلية"، مبيناً أن "طالبنا إدارة المحافظة بتفعيل عمل المخاتير مجدداً، وأن لا تنفذ أي عملية دهم وتفتيش من دون حضورهم".
ودعا إدارة المحافظة إلى "الاستجابة للطلب على اعتبار أنه يصب في مصلحة الملف الأمني".
من جهته، دعا النائب عن المحافظة، حسن علو، إلى توفير بيئة آمنة لأهالي المحافظة، والكشف عن الجناة الحقيقيين وعدم تسويف الأمور بشأن المجازر التي شهدتها المحافظة"، وقال إن "المحافظة تشهد فترة عدم استقرار أمني، وهذا ناتج من تعدد المظاهر المسلحة في المحافظة".
وبيّن لـ"العربي الجديد" أن "الجهات الأمنية المتعددة تحت مسميات كثيرة، منها فصائل الحشد الشعبي، وتضم عناصر مختلفة، وهذه المظاهر المسلحة، تسبّب قلقاً لدى المواطن، وخصوصاً بعد الخروقات الكبيرة التي شهدتها المحافظة".
وشدد على أن "من حق المواطن أن يكون آمناً في بيته ومحافظته، وهذه مسؤولية أمنية، يجب على الحكومة المحلية والمركزية القيام بها"، مؤكداً "أهمية عودة العمل بالمخاتير، ليكونوا كأعضاء ضبط قضائي بالتعاون مع الجهات الأمنية".
ولم تتخذ الحكومة أي إجراء لإبعاد الفصائل المسلحة عن المحافظة، على الرغم من الاتهامات التي تلاحقها بتنفيذ تلك المجازر، وإثارة الرعب بين الأهالي.