تجدد بشكل أعنف، اليوم الأحد، القتال بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في كل من الخرطوم وأم درمان، حيث تتركز المعارك في محيط المقرات العسكرية.
وطبقاً لشهود عيان في مدينة أم درمان، غرب الخرطوم، تحدثوا لـ"العربي الجديد"، فإن اشتباكات عنيفة استخدمت فيها الأسلحة الثقيلة والخفيفة، شهدها محيط سلاح المهندسين التابع للجيش، وامتدت إلى الأحياء القريبة، مثل الفتيحاب والشقلة والمربعات.
وجاءت الاشتباكات ضمن محاولات متواصلة لقوات الدعم السريع لفرض حصار على سلاح المهندسين، الذي يستخدمه الجيش لإدارة المعارك في أم درمان ويستهدف منه بالقصف المدفعي والصاروخي تمركزات "الدعم السريع".
وحسب الشهود، فإن قوات من الجيش خرجت من مقر السلاح وتوغلت جنوباً لتمشيط المنطقة مدعومة بالطيران الحربي لتندلع المواجهات التي تأثر بها من بقي من المدنيين.
وفي الخرطوم، تدور معارك أخرى بمحيط سلاح المدرعات، وهي أيضاً من المقرات العسكرية التي تنشط "الدعم السريع" للسيطرة عليها منذ أسابيع.
كذلك هاجمت "الدعم السريع" سلاح الذخيرة التابع للجيش بحيّ الشجرة، جنوبيّ الخرطوم، وأدى القصف المتبادل إلى سقوط مقذوفات في منازل المدنيين بأحياء العشرة والصحافة، وسط أنباء عن وقوع إصابات.
في المقابل، يواصل الطيران الحربي توجيه غارات متواصلة على المدينة الرياضية، وأرض المعسكرات، حيث يوجد أكبر تجمع لقوات الدعم السريع، بينما تشهد بقية الجبهات في بحري وشرق النيل وشمال ووسط أم درمان هدوءاً نسبياً.
مقتل 6 سودانيين في هجمات لـ"الدعم السريع" على منطقة السلمة
إلى ذلك، كشف الجيش السوداني، اليوم الأحد، أن هجمات قوات الدعم السريع أسفرت عن مقتل 6 أشخاص وإصابة آخرين، خلال استخدامها لقذائف الهاون، في منطقة الشجرة العسكرية.
وقال الجيش السوداني في بيان له، إنّ قواته بمنطقة الشجرة العسكرية تمكنت من "تحطيم عدد من محاولات الهجوم الفاشلة، من قبل المليشيا المتمردة، على سلاح المدرعات ومجمع الذخيرة".
وأضاف الجيش أنّ قواته قدمت "ملحمة بطولية رائعة وكبدته خسائر ضخمة تضمنت مئات القتلى والجرحى وتدمير 5 مدرعات ودبابة (تي 55) وعربتي مدفع ثنائي وعدد كبير جارٍ حصره من العربات القتالية، واستلمت 3 دبابات وعدد من العربات المسلحة، ولاذ العدو بالفرار".
وذكر البيان أن "قوات الدعم السريع استخدمت أثناء الهجوم عددا كبيرا من القصر وصغار السن، مما يضاف إلى انتهاكاتها المستمرة للقانون الدولي الإنساني وسجلها الحافل في جرائم الحرب"، مشيراً إلى أن المتمردين استخدموا أثناء هروبهم قذائف هاون تحو منطقة السلمة، مما أدى إلى استشهاد 6 مواطنين وعدد من الجرحى جارٍ حصرهم، وهي عادة تستخدمها المليشيا المتمردة وتكررت بعدة مناطق"، حيث قامت بقصف منطقة كرري البلد، ما أدى الى استشهاد امرأتين وإصابة 8 مواطنين.
وأكد الجيش أن مجموعات العمليات الخاصة تواصل عملياتها بمنطقة العاصمة المركزية، ومستمرة في تكبيد المتمردين خسائر كبيرة.
ونشرت قوات الدعم السريع عبر حسابها بـ"تويتر" الذي بات يُعرف بـ"إكس"، مقطع فيديو يظهر عناصر من قواتها أثناء اشتباكات مع قوات الجيش في منطقة الشجرة.
مشاهد حية من كواليس المعركة التي يخوضها أشاوس قوات الدعم السريع ضد الفلول في معسكر المدرعات الشجرة اليوم#RSFLive #RSFSudan #معركة_الديمقراطية #حراس_الثورة_المجيدة pic.twitter.com/IDgikX8myF
— RSF Live (@RSFLiveSD) August 20, 2023
الحزب الشيوعي يشتكي من إلغاء ندوة ثقافية
سياسياً، اشتكى الحزب الشيوعي السوداني من إلغاء الاستخبارات العسكرية لندوة ثقافية بمدينة الدمازين بإقليم النيل الأزرق، وهي ندوة قال إنه اعتزم إقامتها وفق رؤيته الداعية إلى وقف الحرب.
وأوضح بيان من الحزب أن الحضور تفاجأ بمداهمة الاستخبارات العسكرية للنشاط واقتياد الحضور جميعاً إلى جهة غير معلومة، وأعلن رفضه المساس بالحريات والحقوق العامة.
وحذر البيان من "أي محاولة لإعادة عقارب الزمان للوراء بالقهر وتكميم الأفواه ومصادرة الحريات العامة"، وتعهد بمواصلة النشاط الجماهيري الرافض للحرب والداعي إلى أكبر جبهة مدنية لإيقافها، وحمل السلطات العسكرية مسؤولية سلامة المحتجزين.
وتأتي شكوى الحزب الشيوعي بعد أيام من احتجاز الاستخبارات العسكرية 6 من قادة الجبهة المدنية الرافضة للحرب بمدينة كسلا شرقيّ السودان، وإبلاغهم بحظر النشاط المدني إلى حين انتهاء الحرب.
وقال صالح عمار، الناشط السياسي في بيان، إن الجيش "يحتاج إلى إعادة نظر في علاقته بالقوى المدنية، بحيث تحترم المؤسسة حق تلك القوى في التعبير والتنظيم، وكما أنه يحتاج إلى فك الارتباط بفلول النظام البائد والقيام بواجباته التي تتطلب أن تكون على مسافة من الجميع وليس شريكاً في النشاط العام ينحاز إلى نظام بائد أسقطته ثورة شعبية".
ودخلت الحرب بين لجيش وقوات الدعم السريع، قبل أيام، شهرها الخامس، وفيها لقي ما لا يقل عن 3 آلاف مدني مصرعهم، وأصيب نحو 6 آلاف، وترك ما يقارب 4 ملايين آخرين منازلهم في الخرطوم ومدن أخرى، لجأ نحو 600 ألف منهم إلى دول الجوار، مثل مصر وتشاد وإثيوبيا وجنوب السودان.
وتقول الأمم المتحدة إن 6 ملايين سيواجهون مشكلة نقص الغذاء، كما دمرت الحرب عدداً من المنشآت الخدمية، وحرمت موظفي الدولة الحصول على رواتبهم منذ إبريل/نيسان الماضي.
وكانت مدينة نيالا، مركز ولاية جنوب دارفور، غربيّ السودان، قد شهدت اشتباكات عنيفة خلال الأيام الماضية، أدت إلى مصرع عشرات الأشخاص ونزوح مئات الأسر، وانقطعت خدمة الاتصالات الهاتفية، وأغلقت المشافي أبوابها، ولا يعرف مصير المدينة خلال الساعات الماضية.