أُعلنت في أبوظبي رسمياً، اليوم الجمعة، وفاة الشيخ خليفة بن زايد بن سلطان آل نهيان "73 عاماً" (7 سبتمبر/ أيلول 1948- 13 مايو/ أيار 2022) الذي يعدّ الرئيس الثاني لدولة الإمارات العربية المتحدة والحاكم السادس عشر لإمارة أبوظبي، كبرى الإمارات السبع المكوّنة للاتحاد، والقائد الأعلى للقوات المسلحة لدولة الإمارات العربية المتحدة.
حمل الشيخ خليفة الراية خلفاً لوالده الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، مؤسس الإمارات الحديثة. أصبح حاكماً لأبوظبي مباشرة بعد رحيل والده، بصفته ولياً لعهد الإمارة، وفي 3 نوفمبر/ تشرين الثاني 2004، عقب يوم من وفاة الشيخ زايد، انتخبه المجلس الأعلى للاتحاد برئاسة الشيخ مكتوم بن راشد آل مكتوم رئيساً للدولة.
غاب الشيخ خليفة بن زايد عن الحياة العامة منذ إصابته بجلطة دماغية في 2014. ولم يظهر إلا في مناسبات نادرة، بينها الاستقبالات الخاصة بعيدي الأضحى والفطر، فكان الأخ غير الشقيق، ولي عهد أبوظبي، محمد بن زايد آل نهيان، الحاكم الفعلي في البلاد طيلة سنوات غيابه، إلا أن القرارات الحكومية والمراسيم كانت تصدر باسم الشيخ خليفة بن زايد.
والشيخ خليفة كان متزوجاً من الشيخة شمسة بنت سهيل المزروعي، وهو أب لابنين: الشيخ سلطان بن خليفة آل نهيان والشيخ محمد بن خليفة آل نهيان، ولهما ست أخوات.
ولد الشيخ خليفة بقلعة (قصر) المويجعي في مدينة العين وكان أكبر الأبناء الذكور للشيخ زايد بن سلطان. عاش مع عائلته في مدينة العين وتلقى تعليمه المدرسي فيها في المدرسة النهيانية التي أنشأها والده، قضى معظم طفولته في واحات العين والبريمي بصحبة والده الذي كان يحكم منطقة العين في ذلك الوقت.
وشهدت الإمارات، في ظل رئاسته، تقدماً اقتصادياً كبيراً، مصحوباً باتساع دائرة نفوذها الدبلوماسي مع انخراط أبوظبي المتزايد في الملفات الإقليمية، من الخلاف مع إيران وحرب اليمن، إلى النزاع في ليبيا، كما شهد عهده أسوأ أزمة شهدتها دول مجلس التعاون الخليجي، عام 2017، حيث قطعت الإمارات إلى جانب السعودية والبحرين، بالإضافة إلى مصر، العلاقات الدبلوماسية مع قطر، وفرضت عليها حصاراً جوياً وبرياً وبحريّاً، وطردت مواطني قطر وصادرت ممتلكاتهم في الإمارات ووضعت التعاطف مع قطر تحت طائلة العقوبات، وانتهت الأزمة بالمصالحة في قمة العلا بالسعودية في يناير/ كانون الثاني 2021.
وتعد إمارة أبوظبي التي كان يرأسها الشيخ خليفة بن زايد الأغنى من بين الإمارات السبع التي تتكون منها دولة الإمارات العربية المتحدة، إذ تضمّ نحو 90 بالمائة من مخزونات النفط الإماراتية. واستلهم الشيخ خليفة في عمله سياسات والده، مهندس الفدرالية الإماراتية، فساند الإمارات الست الأخرى طوال سنوات رئاسته، وخصوصاً في ظل الأزمة المالية التي ضربت الدولة في 2009.
وشهدت السنوات الأولى من عهد الشيخ خليفة بن زايد عام 2006 تجربة انتخابية تمثلت بولادة المجلس الوطني الاتحادي، وهو مجلس استشاري يضم 40 عضواً، بينهم نساء. لكن أحداث الربيع العربي التي اندلعت في 2011 دفعت الإمارات الى منع أي معارضة في البلاد خشية من امتداده إليها، فحاكمت العشرات، وبينهم أجانب، بتهمة الصلة بجماعة الإخوان المسلمين التي تصنّفها دولة الإمارات "جماعة إرهابية".
ومنذ توليه حكم الإمارة ورئاسة الدولة، تولّى الإشراف على ما عُرف بمفاوضات المشاركة النفطية التي أعادت صياغة السياسة النفطية ووضعت الأسس لعلاقة أكثر عدلاً وإنصافاً مع الشركات النفطية العاملة. ومتابعة لهذا الدور، تولّى رئاسة المجلس الأعلى للبترول، كما أسس وترأس جهاز أبوظبي للاستثمار الذي يُشرف على إدارة الاستثمارات المالية للإمارة ضمن رؤية استراتيجية لتنمية الموارد المالية وللمحافظة على مصادر دخل مستقرة للأجيال المقبلة، كما أسس الشيخ خليفة دائرة الخدمات الاجتماعية والمباني التجارية التي عُرفت بين الناس بـ"لجنة الشيخ خليفة"، إذ قامت بتقديم تمويلات سخية للمواطنين بدون أي فوائد، لإنشاء مبانٍ تجارية تدرّ عليهم عوائد مالية دورية، مما أسهم في زيادة دخول المواطنين ورفع مستواهم الاقتصادي والاجتماعي، كما ساعد في ازدهار النهضة العمرانية في البلاد، وقد اعتبرته صحيفة "تايمز" من القادة الخمسة والعشرين الأكثر تأثيراً في العالم، ويصنف كرابع أغنى حاكم في العالم.