استمع إلى الملخص
- تناول منتدى دراسات الخليج والجزيرة العربية مواقف دول الخليج من القضية الفلسطينية، حيث أشار المشاركون إلى مواقف الكويت والسعودية والتحولات الجيوسياسية المؤثرة.
- اختتمت الجلسة بورقة حول السياسة الخارجية القطرية تجاه القضية الفلسطينية، مع التركيز على أهمية البحث الأكاديمي، حيث قُدمت 40 بحثًا من أصل 400 مقترح خلال المنتدى.
أكد وزير الدولة في وزارة الخارجية القطرية محمد بن عبد العزيز بن صالح الخليفي أن قضية فلسطين ستظل محور اهتمام الدول العربية والإسلامية، وكذا دول الخليج، "التي تسعى إلى تسخير كل إمكانياتها لدعم صمود الشعب الفلسطيني، ومساعيه العادلة في تقرير المصير".
وقال الخليفي في افتتاح أعمال الدورة الحادية عشرة لمنتدى دراسات الخليج والجزيرة العربية، في الدوحة اليوم السبت، إن حرب الإبادة على غزة، أظهرت أن قوة الشعوب وإرادتها هي العامل الحاسم في الصراعات الحديثة، منبهاً إلى أن هذه الحرب أثبتت أن التضامن الشعبي يمكن أن يكون أقوى من أي جيش، وأن الصوت الجماعي للشعوب يمكن أن يفرض إرادته على الساحة الدولية.
واعتبر الخليفي في كلمة افتتاحية للمنتدى الذي ينظمه المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، أن استقرار المنطقة وأمنها مرتبطان ارتباطاً وثيقاً بحل عادل للقضية الفلسطينية، مؤكداً الدور المحوري الذي تلعبه قطر في تعزيز الحوار وصنع السلام. وشدد على أهمية الوساطة أداةً رئيسيةً لحل النزاعات، مستعرضاً جهود قطر في حل النزاعات الإقليمية والدولية. وأكد الخليفي "ضرورة الوصول إلى حل عادل وشامل يضمن حقوق الفلسطينيين وفق مبادرة السلام العربية وحل الدولتين".
ودعا الخليفي إلى تحويل الأفكار المنبثقة من المنتدى إلى خطوات عملية لتعزز الاستقرار والسلام المستدام في المنطقة. وأشار إلى دور المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات الريادي في إثارة الوعي العام حول القضايا التي تهم المنطقة العربية عموماً، ومنطقة دول الخليج العربية.
مواقف دول الخليج من القضية الفلسطينية
وتناولت الجلسة الأولى من المنتدى الذي ينظم على مدار يومين، بمشاركة مجموعة من الباحثين العرب والخليجيين والأجانب، مواقف دول الخليج العربية من القضية الفلسطينية. وناقش أستاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت، غانم النجار، موقف بلاده من القضية الفلسطينية، مشيراً إلى أن الكويت أصدرت في أعقاب نكسة 1967 قانوناً لا يزال قائماً حتى اليوم، يصف إسرائيل بالعصابات الصهيونية. ونبّه إلى مقاربة بين الكويت وفلسطين، فالأولى تعرضت لاحتلال (من العراق عام 1990) والثانية احتلت منذ عام 1948 وحتى يومنا هذا، لافتاً إلى أن مواقف القيادة الفلسطينية من موضوع احتلال الكويت لم تكن إيجابية، ومع ذلك لم تتغير مواقف الدولة تجاه القضية الفلسطينية.
وتطرق النجار إلى استطلاع رأي أجري عبر عدد من الجامعات والمراكز، تناول وصف العدوان على غزة، وكشف أن 88 في المائة من الكويتيين يصفون ما يجري في غزة بالإبادة الجماعية، و12 في المائة اعتبروه صراعاً أو نزاعـاً.
بدوره، ناقش مدير مركز الخليج للأبحاث عبد العزيز بن عثمان بن صقر، الموقف السعودي من الحرب الإسرائيلية على غزة ومحدداته، وخلص إلى أن الحرب "عمقت وضوح الموقف السعودي، وعززت المطالب الأساسية في سياسة المملكة التي تتمحور حول ضمان حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني، وحق تأسيس دولة مستقلة غير منقوصة السيادة، على كامل أراضي ما قبل 4 يونيو/ حزيران 1967، وعاصمتها القدس الشرقية".
وحسب بن صقر، تؤكد السعودية أن التطبيع مع إسرائيل مشروط بإحراز تقدم في ضمان حق الشعب الفلسطيني، كذلك فإن الموقف السعودي يتضمن مطالب، من بينها إنهاء العدوان الإسرائيلي على غزة، "مع الإيمان بأن الأزمات تخلق فرصًا للتسوية".
وتناولت ورقة الباحث في الشؤون الاستراتيجية، عبد الله الغيلاني، المواقف الخليجية تجاه القضية الفلسطينية، مسلطة الضوء على التحولات من "نكبة 1948" إلى "طوفان الأقصى" الذي فرض معطيات جديدة تعاملت معها دول الخليج بمقاربات متباينة "تعكس استراتيجياتها السياسية والأخلاقية". وقد أشارت الورقة البحثية إلى أن "طوفان الأقصى" أحدث تغيرات جيوسياسية أثّرت في خرائط الصراع الإقليمي، مع استمرار دول الخليج في مواجهة هذه التحولات، وخلصت إلى أن مستقبل هذه المواقف يعتمد على قدرة صناع القرار في الخليج على قراءة الحقائق بموضوعية، بعيداً عن الارتهان للرؤية الأميركية والإسرائيلية التي تساوم على أمن الأنظمة مقابل مواقفها من القضية الفلسطينية.
وأشار الغيلاني إلى وجود مواقف شعبية في دول الخليج مساندة للقضية الفلسطينية، ولايستطيع النظام السياسي أن يصطدم مع هذه المواقف.
واختتمت الجلسة بورقة قدمها الباحث القطري سلطان الخليفي، تحت عنوان "السياسة الخارجية القطرية تجاه القضية الفلسطينية في عهد الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني (1972-1995)"، تناول فيها تعقيدات السياسة الخارجية القطرية تجاه القضية الفلسطينية في ظل حكم الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني في الفترة 1972-1995. ولم تبتغ الورقة إثراء الفهم التاريخي فحسب، بل قدمت أيضاً معلومات عن التحليلات المعاصرة للسياسة الخارجية القطرية.
وقال رئيس وحدة دراسات الخليج والجزيرة العربية في المركز العربي، حيدر سعيد، لـ"العربي الجديد"، إن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، واصل منذ 2014 تنظيم هذا المنتدى دون انقطاع، حتى خلال فترات الأزمات السياسية. ولفت إلى أن المنتدى يطرح مسارين، وناقش سابقاً قضايا تتعلق بالتعليم، والهوية والحداثة وغيرها، وارتباط ذلك بالعلاقات الدولية للدول الخليجية.
وأشار سعيد إلى أن العدوان على غزة فرض نفسه في هذه الدورة في المسار الأول، إلى جانب المدينة الخليجية بوصفها بنيةً فاعلةً اجتماعياً في المسار الثاني، وهو موضوع له أهمية بحثية وأكاديمية لقلة الأدبيات العربية عنه، مؤكداً خروج المنتدى بكتابين: الأول يتناول دول الخليج العربي والقضية الفلسطينية، والثاني المدينة الخليجية. وحول الأوراق البحثية المشاركة، أوضح حيدر وجود 18 ورقة في المسار الأول، و 22 ورقة في مسار المدينة، مشيراً إلى أن المقترحات البحثية وصلت إلى نحو 400 بحث، وبعد خضوعها للتحكيم استقرت على 40 بحثاً.
ويعقد المنتدى على مدى يومين 14 جلسة ومحاضرتين عامتين، ويناقش في محوره الأول: مواقف دول الخليج العربية من القضية الفلسطينية، ومستقبل العلاقات الأميركية- الخليجية في ضوء العدوان الإسرائيلي على غزة، والعامل الأميركي في العلاقات الخليجية - الإسرائيلية، وتداعيات تطبيع بعض دول الخليج مع إسرائيل على مستقبل القضية الفلسطينية والمواقف الشعبية في دول الخليج من القضية الفلسطينية. فيما تُعرض أمام المنتدى في المحور الثاني أوراق نقاشية عن المدينة الخليجية من ناحية أوجه التشابه والاختلاف في ما بينها وبين مدن عالمية، وأثر العولمة فيها والبناء القومي للمدينة، ومشاريع التحديث وما يرتبط بها من إشكالات، بما في ذلك التحول المناخي والتوازن البيئي والاستدامة، وبنى التحديث الحضرية بوصفها فاعلاً اجتماعياً.