الحكومة المغربية تقر قوننة استخدام "القنب الهندي" وسط انقسام داخل "العدالة والتنمية"

11 مارس 2021
مشروع القانون يثير خلافاً حاداً وسط "العدالة والتنمية" (تويتر)
+ الخط -

أقر مجلس الحكومة المغربية، اليوم الخميس، مشروع قانون الاستعمالات المشروعة للقنب الهندي، وذلك بعد أسبوعين من التأجيل، جراء الخلاف الحاد الذي أثاره في صفوف حزب "العدالة والتنمية"، قائد الائتلاف الحكومي الحالي.
وتمكن مجلس الحكومة بحضور وزراء حزب "العدالة والتنمية"، خلال اجتماعه اليوم، من حسم موقفه من مشروع قانون الاستعمالات المشروعة للقنب الهندي، بالمصادقة عليه، بعد أن تم تجاوز الخلافات بين أعضاء الحكومة حول مضمونه.
ويأتي تمرير مشروع القانون بعد يومين على دعوة لافتة للأمانة العامة لـ"العدالة والتنمية" إلى توسيع النقاش العمومي حول المشروع وإنتاج دراسة الأثر بشأنه، وبعد زيارة مفاجئة قادت رئيس الحكومة والأمين العام للحزب، سعد الدين العثماني، أول أمس الثلاثاء، إلى بيت الأمين العام السابق للحزب، عبد الإله بنكيران، من أجل إطلاعه على مستجدات مشروع القانون ومحاولة إيجاد أرضية مشتركة للنقاش حوله.

ويرجح أن تسهم مصادقة الحكومة على مشروع القانون في المزيد من الاحتقان في البيت الداخلي لحزب "العدالة والتنمية" الذي يعيش على إيقاع أزمة تنظيمية وسياسية منذ توقيع العثماني على اتفاق استئناف العلاقات بين المغرب وإسرائيل، بعد أن بدا أن قيادة الحزب تتجه لإرجاء الحسم فيه إلى ما بعد الانتخابات القادمة.
وفي وقت اعتذر فيه بنكيران، في اتصال هاتفي مع "العربي الجديد "، عن التعليق على مصادقة الحكومة على مشروع القانون، لم يخف قيادي في الحزب وقع المفاجأة على البيت الداخلي للإسلاميين بشأن تمرير المشروع، متوقعا أن يتسبب في إحداث المزيد من الانقسام بين قيادة الحزب وأعضائه، ودفع العديد من المعارضين لتدبيرها إلى اتخاذ خطوات احتجاجية بتجميد أنشطتهم أو تقديم استقالاتهم من هيئات الحزب.
بالمقابل، اعتبرت مصادر من الحزب الإسلامي، طلبت عدم ذكر أسمائها، أن المصادقة كانت منتظرة، وأن الحزب "لا يمكنه أن يعارض اختيارات الدولة"، لافتة، في حديث مع "العربي الجديد "، إلى أن "مصادقة وزراء الحزب على المشروع في المجلس الحكومي، والتي تشكل انطلاقة المسار التشريعي لإقرار قوننة القنب الهندي لأول مرة في تاريخ البلاد، لن يؤثر على البيت الداخلي رغم المعارضة التي لقيها من قبل بعض القيادات كان من أبرزها الأمين العام السابق".
وبحسب المصادر ذاتها، فإن قيادة الحزب حسمت أمرها بخصوص المخرج من مأزق مشروع قانون الاستعمالات المشروعة للقنب الهندي الذي وجدت نفسها أمامه، من خلال عدم تبني المشروع وامتناع الكتلة النيابية للحزب عن التصويت عليه بمناسبة عرضه، خلال الأسابيع المقبلة، على أنظار مجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان المغربي).
وكان مجلس الحكومة قد شرَع، في 25 فبراير/ شباط الماضي، في دراسة مشروع القانون المتعلق بالقنب الهندي الذي قدمه وزير الداخلية، عبد الوافي لفتيت. وقرر المجلس في مناسبتين تأجيل استكمال الدراسة والمصادقة عليه. وحينها رجح أن يكون التأجيل بسبب احتدام الخلافات بين أعضاء الحكومة حول مضمونه، ودفع البعض بالحاجة إلى عرضه على المجلس العلمي الأعلى من خلال نظام الفتوى.
وطيلة الأيام الماضية تعالت أصوات داخل "العدالة والتنمية" للضغط على العثماني من أجل عدم إقرار مشروع القانون في هذه السنة الانتخابية، وهو ما بدا جلياً من خلال تهديد بنكيران بالاستقالة في حال مصادقة الفريق البرلماني على مشروع القانون. وكذلك من خلال تحذير حركة "التوحيد والإصلاح"، الذراع الدعوية للحزب الإسلامي، من التسرع في تمرير مشروع قانون الاستعمالات المشروعة للنبتة المخدرة.
وشكل إعلان الحكومة إدراج مشروع قانون الاستخدامات المشروعة للقنب الهندي، على جدول أعمال مجلسها الأسبوعي، الأسبوع الماضي، مفاجأة كبيرة للكثير من المتابعين، وذلك بعد رفض قاطع من كل الحكومات المتعاقبة، على امتداد السنوات الماضية، للمطالب التي رفعتها جمعيات مدنية وأحزاب سياسية لقوننة زراعة النبتة المخدرة، واستخدامها لأغراض طبية وصناعية، بدعوى أن تلك النبتة محظورة ولا يمكن التغاضي عن مخالفة القانون.

وبينما تحيي خطوة الحكومة مجدداً، السجال حول قوننة زراعة "الكيف" (التعبير المستخدم في المغرب للقنب الهندي)، يطرح توقيت التحرك المفاجئ علامات استفهام حول توقيته وإمكانية توظيفه سياسياً من قبل أطراف حزبية، وذلك على بعد أشهر قليلة من موعد الانتخابات التشريعية والبلدية والجهوية المقررة هذه السنة.
ووفق المذكرة التقديمية لمشروع القانون، يطمح المغرب إلى جلب "استثمارات عالمية من خلال استقطاب الشركات المتخصصة في الاستعمالات المشروعة للقنب الهندي في الأغراض الطبية والصناعية".
وأوضحت المذكرة أن "تطوير الزراعات المشروعة للقنب الهندي كفيل بتحسين دخل المزارعين، وحمايتهم من شبكات التهريب الدولي للمخدرات، وجلب الاستثمارات العالمية؛ بهدف الاستفادة من مداخيل السوق الدولية لهذه النبتة".

المساهمون