نفذ الجيش الجزائري مناورات عسكرية، اليوم الثلاثاء، بالذخيرة الحية في منطقة برج باجي مختار غير بعيد عن الحدود الجزائرية الجنوبية مع مالي تحت اسم "زوبعة الهقار 2024"، لاختبار مدى جاهزية القوات المسلحة للرد على أية تهديدات، فيما يرى خبراء أنها تحمل رسائل سياسية إلى عدة أطراف لها علاقة بالتطورات القائمة في المنطقة، خاصة الأزمة والتوتر المسلح شمالي مالي.
وأشرف على المناورات قائد أركان الجيش الجزائري السعيد شنقريحة الذي حل أمس في المنطقة العسكرية السادسة بتمنراست. وشاركت وحدات من مختلف الأسلحة البرية والجوية والاستطلاع في هذا التمرين، وكان عملية تدخل لوحدة من القوات الخاصة باستعمال المروحيات تحت حماية المروحيات المقاتلة، إضافة إلى عملية إنزال مظلي، والقيام بمهمة تدمير قوات عدو غير تقليدي. وجرى خلال المناورة العسكرية تزويد الطائرات المقاتلة بالوقود جوا.
مناورة الجيش الجزائري التي جرت في منطقة برج باجي مختار التي تقع على الحدود مباشرة مع مالي تأتي في سياق أزمة سياسية ودبلوماسية مستحكمة بين البلدين التي أعقبت استقبال الجزائر شخصيات وقيادات مالية مناوئة للسلطة في باماكو، وقرار السلطة الانتقالية المالية إنهاء العمل باتفاق الجزائر للسلام الموقع بين حركات الطوارق وحكومة مالي في مايو/ أيار 2015.
رسائل مناورات الجيش الجزائري
واعتبر المحلل والخبير المالي في الشؤون الأمنية في منطقة الساحل حسايم آغ عيسى أن "تنفيذ هذا النوع من المناورات، وبغض النظر عن طابعه التدريبي، يحمل دائما مغزى ورسائل سياسية بالضرورة".
وتابع في تصريح لـ"العربي الجديد": "إذا أخذنا ثلاثة معطيات أساسية ترتبط بالمكان، والتوقيت السياسي، واستخدام الأسلحة الحية، تصبح هذه المناورات تعني توجيه رسالة سياسية متعددة إلى كل الأطراف المتدخلة في الساحل ومالي، وخاصة تلك التي تدفع القيادة المالية إلى خيار الحل العسكري لتسوية أزمة في منطقة الشمال المتاخمة للحدود مع الجزائر، ومحاولة لإسماع صوت القوة العسكرية الجزائرية، تزامنا مع الجهد الدبلوماسي الذي تقوم به الجزائر لحل أزمات المنطقة".
وتأتي مناورات الجيش الجزائري في ظل توترات مسلحة بين حركات الأزواد وقوات الجيش المالي المدعومة بوحدات من مرتزقة "فاغنر" الروسية، حيث تلاحق القوات المالية مسلحي حركات الطوارق الى غاية الحدود مع الجزائر، وهو ما يمكن أن يضع مناورات الجيش الجزائري في سياق رسالة سياسية وعسكرية موجهة إلى مالي وقيادة "فاغنر" لمنعها من أي محاولة اقتراب من الحدود الجزائرية.
ويرى الكاتب والمحلل في الشؤون الأمنية في منطقة الساحل، عمر سيغة، أن المناورات الجزائرية في برج باجي مختار تنطوي على حزمة رسائل. وقال في تصريح لـ"العربي الجديد" إن "أبرزها يتعلق بالدلالة على جهوزية الجيش ورسالة إلى كل الأطراف من مغبة أي تهديد، وأن الجزائر لا تزال تحمي حدودها وأمنها القومي وقواتها على أعلى مستوى من الجاهزية والتجهيز".
كما اعتبر أنها "في الوقت نفسه رد واضح وصريح على التحذيرات الغربية (أميركية وإسبانية) للرعايا الغربيين التي تحدثت قبل فترة قصيرة عن وجود تهديدات أو عمليات إرهابية محتملة في مناطق جنوبي الجزائر"، مضيفا "هناك أيضا رسالة موجهة إلى الجماعات الإرهابية، القاعدة وأخواتها، لردعها عن استغلال ظرفية الأزمة والتوترات في شمال مالي لتنفيذ هجمات إرهابية، كما أنها رسالة الى الشركاء الاقتصاديين بشأن القدرة على حماية المسالك والطرق التجارية، خاصة أن الجزائر قامت بافتتاح معبر بري ومنطقة حرة مع موريتانيا وتخطط للأمر نفسه مع مالي والنيجر".