الجزائر تكتشف آباراً ممتلئة برفات آلاف الشهداء المفقودين خلال حرب التحرير

09 مايو 2022
جثامين مقاومين جزائريين مسترجعة من باريس (العربي الجديد)
+ الخط -

أعلنت السلطات الجزائرية اكتشاف آبار في 12 ولاية ممتلئة برفات آلاف الشهداء الذين كانوا في عداد المفقودين خلال حرب التحرير، حيث جرى إعدامهم من قبل قوات الاستعمار الفرنسي ورميهم في هذه الآبار، في محاولة للتستر على جرائمها.

وقال وزير المجاهدين (قدماء محاربي الثورة) العيد ربيقة، في برنامج بثته الإذاعة الرسمية: "وجدنا في 12 ولاية، بين بئر إلى ثلاث آبار، تحوي كل بئر منها بين 10 إلى 400 رفات شهيد مفقود"، واصفا ذلك بالجريمة بحق الإنسانية التي توضح همجية الاستعمار الفرنسي وممارساته الإجرامية في حق الشعب الجزائري.

وأوضح الوزير الجزائري أن "ملف المفقودين خلال حرب التحرير شائك للغاية، ويمكن إدراجه ضمن مجازر الاستعمار الشنعاء التي ارتكبت في حق الجزائريين، وهو من بين الملفات الخاصة بالذاكرة التي يجرى التداول بشأنها ودراستها في إطار اللجان العليا المنصبة على أعلى مستوى، التي تدرس بين الطرفين الفرنسي والجزائري".

وتحصي الحكومة الجزائرية أكثر من 2000 شهيد مفقود لا يعرف مكان دفنهم حتى الآن، وتطالب الجزائر السلطات الفرنسية بالكشف عن تفاصيل ملف المفقودين خلال ثورة التحرير الوطني، الذين اغتالتهم فرنسا من دون أن يُكشف عن مصيرهم، وتقديم المعلومات الكافية المتعلقة بأماكن وجودهم.

وفي 19 مارس/ آذار الماضي، أعلن الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون عن تعهده "بمواصلة العمل من دون هوادة وبلا تفريط لأجل استجلاء مصير المفقودين واستكمال المساعي، وبإصرار على حق الجزائر في استرجاع الأرشيف"، معتبرًا أن جرائم الاستعمار لن يطاولها النسيان، ولن تسقط بالتقادم.

وتأتي هذه الكشوفات الجديدة في ذكرى مجازر الثامن مايو/ أيار 1945، التي خلفت 45 شهيدًا في صفوف الجزائريين. وترفض باريس التعاون مع الجزائر بشأن إقرار تسوية، تقوم على اعتراف كامل بهذه الجرائم وتقديم اعتذار رسمي عنها وتحمل مسؤوليتها.

من جانبه، قال الباحث وأستاذ قسم التاريخ في جامعة خميس مليانة، أحمد بن يغرز، إن التراخي الفرنسي في الاعتراف بعدد كبير من جرائم الاستعمار مرتبط بعقدة سياسية لدى باريس اتجاه التاريخ المخجل، إضافة لعدم وجود ضغط كاف من قبل الجزائر في هذا الملف.

 وأضاف، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "فرنسا تتعامل مع تاريخها الاستعماري، خاصة في الجزائر، بشكل لا تريد له أن يتجاوز حدود الاعتراف به كوقائع تاريخية هي من مسؤوليات الجيل الذي صنعها وعاصرها، وبالتالي، فإن أقصى ما يمكن أن تقدمه الحكومات الحالية هو الاعتراف من دون أي التزامات أخرى".

وتابع "من دون شك، فإن هذا الموقف يتموضع في الوسط بين ما تريده الجزائر الرسمية والمجتمعية، وبين حدود الضغوط التي تمارسها التيارات اليمينية (السياسية والأكاديمية) في فرنسا".

وأوضح أن التراخي الفرنسي مرتبط أيضا بالقدرة التأثيرية غير الكافية، أو ربما غير المكافئة، للحكومة الجزائرية في هذا الملف على صعيد الاعتذار والتعويض، خصوصا في ما يتعلق بالمجازر، كمجازر 8 مايو/ أيار، لما يفرضه ذلك من التزامات معنوية وسياسية ومالية، لا تريد أي حكومة فرنسية أن تتحمل تداعياته ونتائجه.

المساهمون