الانتخابات الليبية: تواصُل الاعتراضات مع قرب إغلاق باب الترشح للانتخابات الرئاسية

21 نوفمبر 2021
يستعد الدبيبة لتقديم طعن في قانون الانتخابات أمام القضاء (Getty)
+ الخط -

لا تزال الاعتراضات قائمة على التشريعات الانتخابية الليبية رغم أنه لم يتبق من الوقت المحدد لقبول أوراق المترشحين للانتخابات الرئاسية إلا بضع ساعات قبل إعلان المفوضية العليا للانتخابات قفل باب الترشح، فيما يتخوف الكثيرون من أن تتحول هذه الاعتراضات إلى عراقيل أمام الانتخابات.

ومن بين تلك الاعتراضات تلك الإشكاليات المرتبطة بالمادة 12 من قانون الانتخابات الرئاسية، التي تنص على ضرورة توقف المرشح، سواء كان مدنيًا أو عسكريًا عن العمل قبل ثلاثة أشهر من موعد الانتخابات، إذ إن هذا القانون يمنع عددا من الشخصيات من الترشح للانتخابات الرئاسية، ومن ضمن هذه الشخصيات رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة.

ولم تسفر كل الجهود التي بذلها قادة المجلس الرئاسي لإقناع جملة من الأطراف الليبية لإجراء تعديل على المادة الجدلية، لتسمح بترشح عدد من الشخصيات السياسية البارزة، لكنّ مساعي أخرى يقودها رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة في هذا الاتجاه قد تزيد من حجم الإشكاليات المحيطة بالقوانين الانتخابية. 

وبحسب ما قالت مصادر مقربة من الحكومة في طرابلس لـ"العربي الجديد"، فإن الدبيبة يسعى لحشد أكثر عدد من النواب لعقد جلسة في طرابلس للإعلان عن تعديل على المادة 12 من قانون الانتخابات الرئاسية، وفتح موعد ترك شاغلي الوظائف العامة أمام الراغبين في الترشح للانتخابات الرئاسية.

وشككت المصادر في قدرة الدبيبة على حشد عدد كاف من النواب لتعديل المادة، إذ لم يتجاوز عدد الموافقين على عقد جلسة في طرابلس أو في أي مدينة ليبية أخرى أكثر من 60 نائبا، فيما يبدو أن الوقت سيقف سدا أمام وصوله إلى هدفه مع بقاء ساعات قليلة لإغلاق الباب نهائيا أمام تقدم المترشحين للرئاسة بأوراقهم للمفوضية. 

وكشفت المصادر خلال حديثها مع "العربي الجديد"، أن الدبيبة يستعد برفقة شخصيات ليبية أخرى من حلفائه، لتقديم طعن في القانون أمام القضاء، على الرغم من تجميد الدائرة الدستورية في المحكمة العليا منذ عدة سنوات، إلا أن محاميه ومستشاريه القانونيين سيعملون على استثمار ثغرات يمكن تمرير مذكرة الطعن من خلالها إلى دوائر المحكمة العليا.

ولم تفصح المصادر عن مضمون الطعن الذي يعتزم الدبيبة تقديمه، إلا أنها أشارت إلى أنه يرتكز على أسس عدة منها، تأخر إرسال مفوضية الانتخابات مقترحات التعديل على القوانين الانتخابية واعتمادها، ما جعلها تعلن عن فتح باب الترشح للانتخابات الرئاسية يوم 8 من الشهر الجاري، أي بعد مضي المدة المحددة في المادة 12 بثلاثة أشهر.

وتقفل المفوضية باب الترشح للانتخابات الرئاسية يوم غد الإثنين، بحسب الجداول الانتخابية التي أعلنتها في الرابع من الشهر الجاري، قبل أن تنشر القوائم النهائية للمترشحين يوم 24 من الشهر الجاري، فيما تفتح الباب لتقديم الطعون في ملفات المترشحين ابتداء من 25 حتى 27 من الشهر الحالي.

وبحسب الجداول الانتخابية المعلنة، فإن المفوضية ستفصل في طعون المترشحين يوم 30 من الشهر الجاري، على أن تسمح في الثالث من ديسمبر/ كانون الأول لأصحاب الملفات التي تم الطعن فيها بالاستئناف، قبل أن تعلن فصلها النهائي في الطعون يوم السادس من ديسمبر/كانون الثاني. 

من جهته، يرى أستاذ القانون الدستوري في الجامعات الليبية سليمان الرطيل، أن الإشكالات المتعلقة بالتشريعات الانتخابية جاءت لعدم وجود قاعدة دستورية توضح شكل الدولة وآجال وجود السلطة الجديدة في الحكم وغيرها، فيما لفت إلى وجود مسار آخر مواز للعملية الانتخابية ينتابه الكثير من الخلل، ويتعلق بلائحة الطعون التي أصدرها المجلس الأعلى للقضاء. 

ويوم 11 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، أصدر المجلس الأعلى للقضاء لائحة الطعن وتحديد مهام لجان الطعون والاستئناف مكونة من 11 مادة، قسمت خلالها دوائر الطعن إلى ثلاث دوائر، في طرابلس وبنغازي وسبها. 

وأشار الرطيل في حديثه لــ"العربي الجديد"، إلى أن صدور اللائحة من جانب المجلس الأعلى للقضاء بمثابة اعتراف ضمني من مجلس القضاء بالقوانين الانتخابية الصادرة عن مجلس النواب، فيما يصف الرطيل اللائحة بــ"الظالمة والمفارقة للواقع".

وقال الرطيل إن اشتراط اللائحة تقديم الطعن في الدائرة التي ترشح فيها المطعون فيه فقط، يعني أن من "أراد الطعن في حفتر عليه أن يتوجه إلى دائرة القضاء في بنغازي. مجلس القضاء والعالم كله يعرف أن هذا مستحيل في ظل قبضته الحديدية وأجهزته الأمنية". 

ويضيف الرطيل إنه "جرى تفصيل لائحة الطعن كما جرى تفصيل القوانين الانتخابية لتحصن وضع حفتر وغيره من المرفوضين".

بدوره، أكد الناشط السياسي الليبي صالح المريمي في حديث لـ"العربي الجديد"، أن القوانين الانتخابية "باتت أمرا واقعا، وليس أمام الرافضين إلا الاستمرار في التمسك بموقفهم"، مشيرًا إلى أن ضغط الرافضين دفع المفوضية إلى اتخاذ إجراء جديد يتعلق بإحالة ملفات المترشحين إلى الجهات القضائية والجنائية للبت فيها، في إشارة لإعلان المفوضية الثلاثاء الماضي، عزمها بدء إحالة ملفات المترشحين إلى مكتب النائب العام وجهاز المباحث العامة وجهاز الجوازات والجنسية، إذ أشارت حينها إلى أن تسلمها ملفات المترشحين لا يعني قبولها لترشيحهم.

ويلفت المريمي الى أن الجداول الزمنية لآجال العملية الانتخابية التي أعلنتها المفوضية لم تذكر وجود مرحلة إحالة الملفات إلى هذه الجهات الثلاث، فيما يرى أن ذلك الإجراء جاء بفعل الضغوط المتزايدة من قبل الرافضين، سواء في البلديات او على مستوى الشخصيات السياسية.

وتزامنا مع إعلان عدد من المجالس البلدية والاجتماعية إغلاق أبواب المراكز الانتخابية في مناطقها غرب البلاد، جدد رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة، أمس السبت، رفضه القوانين الانتخابية، وقال إنها "فُصّلت على أشخاص بعينهم"، محذرا من أن إجراء الانتخابات "بهذا الشكل يحرم المواطنين من اختيار من يقودهم، كما يحرمهم من حق تقرير مصيرهم".

كما أعلن رئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري، عزمه إطلاق مبادرة جديدة تقترح تأجيل إجراء الانتخابات إلى منتصف مارس/ آذار المقبل، إلى حين التوافق على أسس تشريعية متفق عليها لإجراء الانتخابات.

المساهمون