اتفاقية عنتيبي… قلق مصري من تقاسم المياه

17 يوليو 2024
مصريان يصطادان في نهر النيل، 7 يونيو 2024 (Getty)
+ الخط -

صدقت حكومة جنوب السودان على الاتفاقية الإطارية لدول حوض النيل والمعروفة باسم اتفاقية عنتيبي وهو ما أثار قلق مصر من دخول الاتفاقية (التي لا تعترف بحصة مصر من مياه النيل والمقدرة بـ55.5 مليار متر مكعب من المياه سنوياً) حيز التنفيذ. وبتصديق جوبا على اتفاقية عنتيبي من المفترض أن يكتمل النصاب القانوني لتأسيس مفوضية حوض نهر النيل، حيث سيتم البدء بإجراءات تأسيس المفوضية بعد 60 يوماً من إيداع الجمهورية وثائق التصديق لدى الاتحاد الأفريقي.

وكانت 5 دول قد وقعت على اتفاقية عنتيبي هي إثيوبيا ورواندا وتنزانيا وأوغندا وبوروندي. ويشترط الجزء الثالث من الاتفاقية تصديق برلمانات ست دول على الأقل، لتأسيس المفوضية التي سيكون مقرها الدائم في أوغندا. لكن ذلك الشرط وضع قبل انفصال جمهورية جنوب السودان، وهو ما دفع وزير الري المصري السابق محمد نصر الدين علام للقول، في تصريحات صحافية، إن "موافقة برلمان جنوب السودان على اتفاقية عنتيبي لا يدخلها حيز التنفيذ، نظراً لعدم توفر الأغلبية المطلوبة، لأن جنوب السودان لم تكن ضمن الدول التسع التي شاركت في مبادرة حوض النيل (كينيا ورواندا وبوروندي وتنزانيا والكونغو وأوغندا وإثيوبيا والسودان ومصر)، ووقتها كما زعموا، أن توقيع الأغلبية (الثلثين أي 6 دول) يدخل الاتفاق حيز التنفيذ، وهو ما لم يحدث، لأن انضمام جنوب السودان يجعل العدد الكلي 10 دول، والثلثان 7 دول وليس 6".

خطوة لتنفيذ اتفاقية عنتيبي

يعتبر تأسيس المفوضية خطوة كبيرة في مسار تنفيذ اتفاقية عنتيبي التي ظلت متعثرة طوال 14 عاماً

ويعتبر تأسيس المفوضية خطوة كبيرة في مسار تنفيذ اتفاقية عنتيبي التي ظلت متعثرة طوال 14 عاماً، حيث ستكون المفوضية هي الجهة المسؤولة قانونياً عن جميع الحقوق والالتزامات الخاصة بمبادرة حوض النيل، والتواصل مع كافة الجهات المسؤولة. كما سيتمثل دورها في تعزيز التنسيق بين الدول الأعضاء لإدارة الموارد المائية بشكل مستدام وعادل، بعيداً عن نظام الحصص المائية السائد سابقاً. وستكون اتفاقية عنتيبي هي الإطار القانوني والمؤسسي الذي يُرجع إليه في حالة الخلافات والنزاعات.

تقارير عربية
التحديثات الحية

وقال أستاذ القانون الدولي العام، عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، أيمن سلامة، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن اتفاقية عنتيبي هي "أخطر اتفاقية دولية على حياة 160 مليون مصري وسوداني، وتضاف إلى الخطر الذي يشكله سد النهضة الإثيوبي". ولفت إلى أن "الهواجس والمخاطر التي تضعها اتفاقية عنتيبي كثيرة وخطيرة، ولكن يتصدرها غياب آليات التحكّم والتنسيق بين دول حوض النيل"، مضيفاً أنه بالنسبة إلى مصر فإنها تخشى من أن يؤدي غياب آليات التحكّم والتنسيق في اتفاقية عنتيبي عام 2010 إلى تقليل تدفق المياه إليها، ثم تصبح المفاوضات حول تقاسم المياه أكثر صعوبة ما يؤدي إلى نشوب صراعات بين مصر ودول المنابع. وأوضح أنه "في مقابل عدم وجود آلية للتحكم والتنسيق في اتفاقية عنتيبي فإن كافة الاتفاقيات الدولية المنظمة لاستخدامات الأنهار الدولية تنص على إنشاء آليات مشتركة للتنسيق".

وتتيح اتفاقية عنتيبي للدول الواقعة عند منبع النهر إقامة مشاريع للري والطاقة الكهربائية من دون الحصول على موافقة مسبقة من مصر. وكان محور الخلاف بين مصر وهذه الدول هو أن الاتفاقية القديمة المبرمة في 1929 بين القاهرة والمستعمر البريطاني منحت مصر حق الاعتراض على إقامة مشاريع تبنى على النيل خارج أراضيها. كما تمنح اتفاقية أخرى موقعة بين مصر والسودان في 1959 نحو 55.5 مليار متر مكعب من المياه كل سنة لمصر، والسودان 18.5 مليار متر مكعب.

أيمن سلامة: اتفاقية عنتيبي أخطر اتفاقية دولية على حياة المصريين والسودانيين

وكان قد بدأ في التوقيع على الاتفاقية الإطارية، 4 دول من حوض النيل العشر هي: إثيوبيا وأوغندا ورواندا وتنزانيا في 14 مايو/أيار عام 2016 بمدينة عنتيبي الأوغندية، كما وقعت كينيا بعد ذلك الاتفاقية الجديدة التي تنظم العلاقة بين دول حوض النيل الذي تتضمن 40 بنداً وافقت دول حوض النيل على 39 بنداً تقريباً تتعلق بإطار العمل التعاوني، ولكن لم يجر الاتفاق على البنود التي تتعلق بأمن المياه حيث لا تزال مصر والسودان "دولتي المصب" تتمسكان بحقهما في حصتهما الحالية من المياه 55.5 مليار متر مكعب لمصر و18.5 للسودان.

وقد أعلنت مصر والسودان عقب فشل التوصل إلى اتفاق في شرم الشيخ عام 2010 نقاط الخلاف، وهي أن تتضمن اتفاقية عنتيبي في البند الخاص بالأمن المائي، نصاً صريحاً يضمن عدم المساس بحصة مصر في مياه النيل وحقوقها التاريخية في مياه النيل، وذلك من خلال الإشارة للاتفاقيات التاريخية الموقعة بين مصر ودول حوض النيل وبين مصر والسودان. كما تطالبان بأن يتضمن الاتفاق، الإخطار المسبق بأية مشروعات تقوم بها دول المنابع، وأن يتم إدراج هذه الإجراءات في نص الاتفاقية وليس في الملاحق الخاصة بها، وأن تكون جميع القرارات الخاصة بتعديل أي من بنود الاتفاقية الملاحق بالإجماع وليس بالأغلبية، وفي حالة التمسك بالأغلبية فيجب أن تشمل الأغلبية دولتي المصب مصر والسودان لتجنب عدم انقسام دول حوض النيل ما بين دول المنابع التي تشمل الأغلبية ودولتي المصب التي تمثل الأقلية.

المساهمون