مجلس العموم البريطاني يوافق على إحالة بوريس جونسون إلى التحقيق في قضية "تضليل البرلمان"

21 ابريل 2022
أول رئيس وزراء بريطاني يغرّم لخرقه القانون (Getty)
+ الخط -

وافق مجلس العموم البريطاني، اليوم الخميس، على إحالة بوريس جونسون إلى لجنة التحقيق في قضية "تضليل البرلمان". وعلى الرغم من أن نتيجة التصويت لم تكن مفاجئة، يبقى الأمر محرجاً لرئيس الوزراء ولنوّاب حزبه حتى وإن لم يعلنوا ذلك.

وقد أيّد أعضاء البرلمان اقتراحاً بقيادة حزب العمال يحيل إلى لجنة الامتيازات قضية التحقيق بمزاعم جونسون أنه لم يضلل البرلمان. وتمت الموافقة على الاقتراح من دون تصويت، بعد أن قام "داونينغ ستريت" بخطوة مفاجئة هذا الصباح وسحب تعديلاُ مهماً كان قد قدّمه قبل 15 ساعة فقط، ويتعلق بمطلب التريّث وتأجيل التصويت حتى صدور تقرير كبيرة موظّفي الخدمة المدنية سو جراي حول خرقه القانون.

سحب التعديل سبّب حرجاً لبعض المحافظين المدافعين عن موقف الحكومة، ما يشير، بحسب مصدر مقرّب من الأحزاب المعارضة، إلى أن "داونينغ ستريت" فقد السيطرة على حزبه البرلماني. حتى صباح اليوم، كانت الحكومة تخطط للتصويت بأغلبيتها ضد اقتراح المعارضة مطالبة بتعديلها الخاص حول تأجيل القرار.

جونسون أول رئيس للوزراء يحظى بكل هذا الإجماع على كونه "كاذبا"

التحقيق الذي لن يبدأ حتى تنتهي الشرطة من تحقيقاتها، كان من المفترض أن يرأسه كريس براينت العمّالي، إلا أنه أعلن عن تنحّيه كي لا يُتهم بالتحيز بسبب تصريحاته المناهضة لبوريس جونسون في الماضي. ومن المتوقع أن يخلفه على رأس هذا التحقيق النائب المخضرم عن حزب المحافظين برنارد جنكين، وهو عضو بارز في لجنة الامتيازات أيضاً. وسيتعين على اللجنة النظر في موضوع بالغ التعقيد في محاولة للتأكد مما إذا كان جونسون قد ضلّل البرلمان عمداً. ويحمل التصويت أبعاداً رمزية لأن عدم السماح للوزراء بتضليل البرلمان يشكّل مبدأ دستورياً كبير الأهمية، ولن يتحمّل أي مسؤول بريطاني عواقب أن تتحول هذه القضية إلى سابقة.

ويأتي هذا التصويت تزامناً مع استقصاء للرأي نشره موقع "YouGov" يسأل فيه عما إن كان بوريس جونسون "كاذباً". ويشير الاستقصاء إلى أن 78% من المشاركين يعتقدون أنه "كاذب"، بينهم 61% ممن صوّتوا في العام 2019 لصالح حزب المحافظين، و51% ممن سيصوّتون في الخامس من مايو/أيار القادم لحزب المحافظين أيضاً.

المهمّ من كل هذه القضية، بحسب مراقبين، أن بوريس جونسون هو تاريخياً أول رئيس للوزراء يحصل على غرامة لخرقه القانون، وأول رئيس للوزراء يحظى بكل هذا الإجماع على كونه "كاذبا".

تقارير دولية
التحديثات الحية

وغاب رئيس الوزراء عن جلسة التصويت هذه بسبب وجوده في الهند في زيارة رسمية بدأت البارحة. إلا أنه اعتبر، في لقاء مع "سكاي نيوز"، أن تخلّيه عن التعديل الرامي إلى تأجيل التصويت جاء لأن "ليس لدى الحكومة ما تخفيه"، مضيفاً أن "كل هذه الإجراءات لن تكون مفيدة قبل انتهاء التحقيقات وقبل نشر الكلمة الأخيرة لسو غراي". مجدداً نيّته خوض انتخابات مايو.

من جهتها، أعلنت الشرطة البريطانية أن لا غرامات جديدة ستصدر بحق رئيس الوزراء قبل الانتخابات المحلية المقررة في الخامس من أيار/مايو.

وقال مصدر مقرّب من حزب المحافظين، لـ"العربي الجديد"، إن هذا الإجراء كان متوقعاً من الشرطة البريطانية لأن من شأن الإعلان عن غرامة أخرى قبل أسبوعين من الانتخابات أن يُعتبر تلاعباً بالرأي العام. 

نقاش اليوم اكتسب أهمية إضافية لكشفه عن تدنّي شعبية جونسون وعن انقسامات داخلية في حزبه يبدو أنها أكثر حدّة مما تبدو عليه في العلن. كان لافتاً على سبيل المثال أن يطالب النائب المحافظ البارز ستيف بيكر بتنحّي رئيس الوزراء، قائلاً في جلسة النقاش التي عقدت ظهر اليوم في البرلمان: "كان عليه التنحّي منذ مدة طويلة" مضيفاً بسخرية: "الندم الذي أبداه لم يستغرق سوى ما يستغرقه ندم الطالب أثناء خروجه من مكتب مدير المدرسة".

وكان النائب نايجل ميلز هو أول من طالب جونسون بالتنحي. يليه النائب كريغ ويتاكر المعروف سابقاً كأشدّ المؤيدين لجونسون. ثم النائب كارين برادلي. وبعدها جاء موقف النائب نيل هدسون الذي واجه الذريعة التي يقدّمها كثير من المحافظين عن عدم امتلاكهم خياراً آخر في وجه الأزمات الدولية، قائلاً إن "على رئيس الوزراء أن يظهر حنكة سياسية ويحدد جدولاً زمنياً وعملية انتقال منظمة بمجرد أن يسمح الوضع الدولي بذلك"، اعتبر رئيس "السوط" السابق مارك هاربر أن جونسون "لم يعد جديراً بمنصبه"، داعياً لتنحّيه.

إلا أن تلك الآراء والانقسامات لن تفضي إلى الانقلاب على جونسون على الأرجح، نظراً إلى أن الحزب يجد نفسه في مأزق حقيقي لعدم امتلاكه بديلاً عنه.

المساهمون