إجراءات الحكومة السورية المؤقتة لمواجهة "الفلتان الأمني" شمالاً

08 فبراير 2021
تردي الأوضاع الأمنية شمالي سورية(فرانس برس)
+ الخط -

حملت الأوضاع الأمنية المتردية التي تعيشها المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة شمالي سورية، وتحت نفوذ تركي، الأهالي والسكان في تلك المناطق لرفع أصواتهم بوجه مسؤولي أمن تلك المناطق، ما دفع بوزارة الدفاع في الحكومة السورية المؤقتة، أمس الأحد، للإعلان عن اتخاذها سلسلة إجراءات بهدف "الحفاظ على استقرار وأمن" المناطق التي تديرها شمالي سورية.
ويشرف على الجانب الأمني في تلك المناطق أجهزة الشرطة العسكرية والأمن العام والشرطة المدنية الموزعة في تبعيتها بين وزارتي الدفاع والداخلية في الحكومة السورية المؤقتة.
وشهد الأسبوع الماضي اجتماعات مكثّفة بين مسؤولي وزارة الدفاع والداخلية في الحكومة المؤقتة، مع مسؤولين أتراك يشرفون على وضع المناطق الخاضعة للنفوذ التركي شمالي سورية. وكان محور تلك الاجتماعات وضع خطط جديدة لمواجهة الفلتان والتسيب الأمني، وتشخيص الخلل والأخطاء ضمن الأجهزة الأمنية المكلفة بحفظ الأمن في تلك المناطق.
ويبدو أن الجانب التركي قد أعطى ضوءاً أخضر لوزارة الدفاع في الحكومة المؤقتة ليكون لها الدور الأكبر خلال الفترة الحالية على الأقل، بتسلم زمام المبادرة في حفظ أمن المناطق من خلال "الجيش الوطني" الحليف لتركيا. 

وعقدت الحكومة المؤقتة اجتماعاً مكثفاً، الأسبوع الماضي، مع قادة فيالق الجيش الوطني السوري، ومدراء إدارات الشرطة العسكرية، والقضاء العسكري لدراسة الإجراءات الأمنية اللازمة في المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة شمالاً.
وتمخض عن الاجتماعات بيان لوزارة الدفاع، أمس الأحد، أوضح نية الوزارة دعم إجراءات حفظ الأمن بشكل أوسع من السابق، علماً أن الوزارة كان تلعب هذا الدور من خلال جهاز الشرطة العسكرية التابع لهيئة الأركان في الوزارة. 
وأشار بيان وزارة الدفاع إلى أنه "استناداً إلى ما تم إقراره في الاجتماع لدراسة الإجراءات الأمنية اللازمة في المناطق المحررة من أجل الحد من الأعمال الإجرامية الإرهابية التي تستهدف الإخوة المدنيين الآمنين، فإن وزارة الدفاع تؤكد أن الجيش الوطني السوري الذي حرر مناطق غضن الزيتون (عفرين)، ودرع الفرات (ريف حلب الشمالي)، ونبع السلام (مساحة بين ريف الرقة الشرقية والحسكة الغربي)، من عصابات داعش الإرهابية، ومن العصابات الانفصالية الإرهابية وقسد لم ولن يدخر جهداً في سبيل الحفاظ على أمن واستقرار المناطق المحررة بكل ما لديه من إمكانيات".
وبينت وزارة الدفاع أن الجيش الوطني بادر حتى قبل انعقاد هذا الاجتماع باتخاذ العديد من الإجراءات التي تمنع دخول كافة السيارات والشاحنات والمركبات بمختلف أنواعها عبر المعابر الداخلية.

ولفتت إلى أن الجيش الوطني يعمل حالياً على جملة من الإجراءات، وأهمها اتخاذ جميع الإجراءات الممكنة لقمع التهريب عبر خطوط الرباط، ومن ضمنها رفع السواتر الترابية اللازمة، حفر الخنادق في الأماكن التي تتطلب ذلك، تشديد الحراسة والرقابة ليلاً نهاراً، إصدار التعليمات اللازمة للتعامل بشدة وحزم مع هذه الظاهرة.
كما سيتخذ الجيش الوطني كافة التدابير العسكرية تجاه المركبات والآليات التي تحاول عبور خطوط الجبهات بعد تحذيرها، مشدداً على أنه "لن يتهاون نهائياً بهذا الخصوص". 
كما تضمنت الإجراءات تسيير دوريات مشتركة من الشرطة العسكرية المعززة بعناصر من الجيش الوطني والشرطة المدنية داخل المدن والبلدات والتجمعات السكانية، وتعزيز الحواجز ونقاط التفتيش ضمن المدن والبلدات وعلى الطرق المؤدية إليها، وخاصة مداخل ومخارج المدن.
وتوعدت وزارة الدفاع "بإحالة مرتكبي الجرائم الإرهابية وكل من يثبت تعاونه معهم إلى المحاكم العسكرية بتهمة الإرهاب والعبث بأمن المناطق المحررة".
وأهابت الوزارة بالمدنيين ليبدوا تعاوناً مع عناصر الجيش الوطني بحفظ الأمن، من خلال "إبلاغ الجهات المختصة بأي معلومات عن الجهات التي تنفذ هذه الأعمال الإجرامية والأشخاص الذين يتعاونون معهم"، وحذرت من أن "إخفاء مثل هذه المعلومات والتستر على المجرمين هو جرم يحاسب عليه القانون". 
وفي هذا الصدد، قال مدير إدارة التوجيه المعنوي في الجيش الوطني حسن الدغيم، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن هناك نية "لتفعيل دور الأجهزة الأمنية في المناطق، بحيث تكون لكل منطقة لجنة أمنية مشتركة تجمع بين الشرطة العسكرية والمدنية مع ضابط اتصال في الجيش الوطني، من أجل التنسيق لقطع الطرق أمام جميع الشبكات الإرهابية".

وأضاف "هذه اللجان المركزية ستتبع لها لجان فرعية في القرى والبلدات، بحيث تكون لدينا منظومة أمنية شاملة بقيادة مركزية تحقق التعاون بين القوى العسكرية والقوى الأمنية". 
ولفت إلى أن "دور القضاء العسكري سيكون أكثر صرامة وشدة بالتعامل مع الأوضاع الأمنية لمكافحة هذه الجرائم الإرهابية، إلى جانب القوى الأمنية والعسكرية".
ورأى أن "هذه القوى تنتقل تدريجياً من حالة الفصائلية نحو الاحترافية وباتت في طور الاكتمال نحو هذا الانتقال، لتكون بهيكلية نظامية للجيوش والقوى الأمنية".
ورداً على فرضية ضعف أجهزة وزارة الداخلية، ما أدى لاتخاذ وزارة الدفاع هذه الإجراءات، قال مدير مكتب العلاقات العامة في الحكومة المؤقتة ياسر الحجي إن "الموضوع لا يتعلق بضعف الأجهزة ولا قوتها، بقدر ما هو متعلق بضبط الأمن وتظافر جهود الجميع في وزارتي الدفاع والداخلية معاً، إلى جانب المؤسسات المدنية وحتى المواطنين، فالمسؤولية جماعية وليست مسؤولية جهة واحدة". 
وعن الدور التركي إلى جانب أجهزة المعارضة الأمنية في حفظ المناطق، أكد الحجي أنه "ليس هناك أي تقصير لدور الأجهزة التركية، فالتفجيرات تسيء لهم أيضاً، وأعداؤنا وأعداؤهم مشتركون، سواء (قسد) أو النظام أو (داعش)، وهذه الأطراف تسعى لزعزعة الأمن بغرض نسف الجهد التركي في تثبيت الاستقرار في هذه المناطق".
وشهد الأسبوع الماضي تفجيرات دامية في كل من عفرين واعزاز، شمالي حلب، حصدت أرواح حوالي عشرين مدنياً.
وهذه التفجيرات ليست الأولى، إذ باتت مشهداً شبه يومي يؤرق حياة المدنيين في تلك المناطق، إضافة لعمليات الاغتيال والخطف والنهب وغيرها، ما جعل التذمر حالة عامة بالنسبة للمدنيين، متهمين الأجهزة الأمنية المكلفة بحفظ أمن تلك المناطق بالتسيب والإهمال، والتواطؤ أحياناً.

المساهمون