أنطونيو غوتيريس يحذر من أخطار وجودية تهدد العالم

19 سبتمبر 2023
الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس (آدم غراي/Getty)
+ الخط -

أطلق الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، اليوم الثلاثاء، تحذيرات قوية حول التهديدات الوجودية التي تواجهها البشرية من بينها أزمة المناخ والصراعات، في تصريحات أمام رؤساء وقادة العالم في افتتاح اجتماعات الجمعية العامة رفيعة المستوى في دورتها الـ 78 في نيويورك، والتي تستمر حتى الثلاثاء القادم.

وأضاف غوتيريس أن الفيضانات التي حدثت في مدينة درنة الليبية وتبعاتها هي بمثابة صورة تصف الحالة الحزينة التي وصل إليها العالم من عدم المساواة والظلم، وعدم القيام بما يكفي لمواجهة التحديات بما فيها المناخية وتبعاتها، وتحدث في هذا السياق عن معاناة الليبيين من قيادات متحاربة والتغير المناخي والصراعات.

إصلاح النظام العالمي

وتطرق غوتيريس لقضية إصلاح النظام العالمي "متعدد الأقطاب" وقال: "خلال معظم فترة الحرب الباردة، كان يُنظر إلى العلاقات الدولية إلى حد كبير من خلال منظور قوتين، ثم جاءت فترة قصيرة من القطبية الأحادية. ونحن الآن نتحرك بسرعة نحو عالم متعدد الأقطاب". ولفت الانتباه إلى أن وجود عالم متعدد الأقطاب، بحد ذاته، ليس أمراً سلبياً ولكنه لا يستطيع ضمان السلام لوحده.

وأضاف غوتيريس أن "العالم متعدد الأقطاب يحتاج إلى مؤسسات متعددة الأطراف قوية وفعالة"، وأعطى مثالاً على ذلك تركيبة عمل مجلس الأمن الدولي من خمس دول دائمة العضوية لها حق الفيتو مقارنة بعشر أخرى غير دائمة العضوية تتغير كل سنتين وليس لديها حق النقض، مشدداً على ضرورة إصلاح هذه النظام العالمي بما فيه النظام المالي العالمي بحيث يقدم ويعمل كشبكة أمان للبلدان النامية التي تواجه تحديات كثيرة.

التحديات والتهديدات

وتوقف غوتيريس مطولاً عند "التهديدات والصراعات حول العالم والانقسامات الداخلية في بعض الدول، ناهيك بزيادة أوجه عدم المساواة وخطاب الكراهية والمعلومات المضللة ونظريات المؤامرة على وسائل التواصل الاجتماعي، التي يزيد الذكاء الاصطناعي من سرعة انتشارها مما يقوض الديمقراطية ويزيد من العنف والانقسامات". وشدد في هذا السياق على "الحاجة الماسة إلى ميثاق رقمي عالمي، بين الحكومات والمنظمات الإقليمية والدولية والقطاع الخاص والمجتمع المدني بغية التخفيف من مخاطرها وتطويعاً في خدمة البشرية". وأشار إلى نيته تعيين هيئة استشارية رفيعة المستوى معنية بالذكاء الاصطناعي والتي ستعمل على تقديم توصيات بحلول نهاية السنة.

وتوقف غوتيريس عند الغزو الروسي لأوكرانيا، وشدد على انتهاكه لميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي، مشيراً إلى تبعاته الخطيرة على العالم بما فيها التبعات الاقتصادية وأزمة الغذاء. ولفت الانتباه إلى استمرار جهوده لإعادة إحياء مبادرة البحر الأسود لتصدير الحبوب والتي انسحبت منها روسيا، مؤكداً على وجود حاجة ماسة للحبوب والأسمدة الأوكرانية والروسية من أجل استقرار أسعار الأغذية وضمان الأمن الغذائي.

وتحدث غوتيريس عن عدد من الصراعات حول العالم بما فيها السودان، الذي قال إنه "ينزلق إلى الدخول بحرب أهلية واسعة النطاق"، محذراً من أن السودان يواجه "خطر التقسيم". وأشار إلى الوضع في الكونغو وتهجير الملايين ناهيك بالعنف الجنسي، كما ذكر ميانمار وأفغانستان والانقلابات العسكرية في أفريقيا والوضع في الساحل.

وتطرق غوتيريس إلى تصاعد العنف في الأراضي الفلسطينية المحتلة وسقوط الضحايا من المدنيين، وقال "إن الإجراءات أحادية الجانب تزيد من سوء الوضع وتقوض إمكانية التوصل لحل الدولتين وتحقيق السلام والأمن الدائمين للفلسطينيين والإسرائيليين".

كما تحدث عن استمرار الدمار الذي تشهده سورية وعدم وجود سلام في الأفق القريب، وأشار إلى الزيادة الشديدة في الاحتياجات الإنسانية حول العالم، محذراً من إمكان انهيار نظام المساعدات الإنسانية، وحث الدول على الزيادة من مساهماتها المالية لدعم العمليات الإنسانية وقال: "إن لم نطعم المحتاجين، فإننا نطعم التطرف".

أهداف التنمية المستدامة والتغيير المناخي

وتوقف غوتيريس مطولاً عند أهداف التنمية المستدامة ومحاربة التغير المناخي والربط بينهما، وشدد كذلك في هذا السياق على ضرورة إصلاح النظام المالي العالمي ومساعدة الدول النامية التي يعاني الكثير منها الأمرين من التغيير المناخي وتبعاته، وهي لم تكن أصلاً مسؤولة عنه. وأعطى غوتيريس مثالاً على إنفاق دول القارة الأفريقية على فوائد القروض لديونها أكثر من إنفاقها على القطاع الصحي في بلدانها.

وأكد أنه ما زال ممكناً أمام البشرية أن تقتصر الزيادة في درجة حرارة الكرة الأرضية على 1.5 درجة مئوية التي نص عليها اتفاق باريس للمناخ، واستدرك قائلاً إن ذلك "يتطلب اتخاذ خطوات جذرية وفورية لخفض الانبعاثات الغازية المسببة للانحباس الحراري العالمي وضمان العدالة المناخية لأولئك الذين لم يتسببوا بالأزمة المناخية لكنهم يدفعون ثمناً باهظاً".

وتحدث غوتيريس عن وجود حلول لكن يغيب تنفيذها، وأضاف: "مجموعة دول العشرين مسؤولة عن 80 بالمائة من انبعاثات غازات الدفيئة. يجب أن تكون تلك الدولة القائدة في المجهودات ويجب أن تتخلص من إدمانها على الوقود الأحفوري"، منتقداً استمرار تلك الدول بمنح التراخيص الجديدة للنفط والغاز، الأمر الذي لا يساعد على احتواء الأزمة المناخية بل يزيدها.

وشدد غوتيريس على ضرورة العمل على المساواة بين الجنسين وتكافؤ الفرص والأجور قانونياً وفعلياً حيث تدفع النساء غالباً ثمناً باهظاً، كما أن تحسين وضع المرأة يعود بالفائدة على كل المجتمع في جميع مجالات الحياة بما فيها الاقتصادية. وشدد على ضرورة سن القوانين التي تحافظ على كرامة وحقوق الإنسان لحماية فئات المجتمع الأضعف بما فيها الأقليات.

المساهمون