قوبل الطلب المصري من رئاسة القمة العربية، التي اختتمت أعمالها أول من أمس في الجزائر، تضمين فقرة خاصة عن ليبيا تؤكد على "ضرورة خروج المرتزقة والمقاتلين الأجانب من البلاد" في البيان الختامي، بالتجاهل.
وقد أغضب هذا الأمر الوفد المصري المشارك في أعمال القمة، والذي رافق الرئيس عبد الفتاح السيسي، وضم مدير المخابرات العامة اللواء عباس كامل، ووزير الخارجية سامح شكري، وأعضاء آخرين. علماً أن عبارة "ضرورة خروج المرتزقة والمقاتلين الأجانب من البلاد" وردت بالفعل في البيان الختامي لاجتماع وزراء الخارجية العرب الذي سبق اجتماع القمة.
اكتفى "إعلان الجزائر" بالإعراب عن التضامن الكامل مع الشعب الليبي
واكتفى "إعلان الجزائر"، الذي أقرّه القادة العرب في ختام الدورة الحادية والثلاثين للقمة بالعاصمة الجزائرية، بالإعراب عن "التضامن الكامل مع الشعب الليبي، ودعم الجهود الهادفة لإنهاء الأزمة الليبية من خلال حل ليبي- ليبي يحفظ وحدة وسيادة ليبيا ويصون أمنها وأمن جوارها، ويحقق طموحات شعبها في الوصول إلى تنظيم الانتخابات في أسرع وقت ممكن لتحقيق الاستقرار السياسي الدائم".
اعتبارات عديدة لعدم التطرق لخروج المرتزقة
وقال أحد الدبلوماسيين العرب، الذين شاركوا في أعمال القمة ورفض ذكر اسمه، إن "هناك العديد من الاعتبارات والعوامل التي كانت وراء عدم تطرق "إعلان الجزائر" الذي صدر في ختام أعمال القمة العربية، وفي البند المخصص للحالة الليبية، لمسألة ضرورة خروج المرتزقة والقوات الأجنبية العسكرية من ليبيا".
وأوضح المصدر أن "القوات العسكرية الأجنبية، حين دخلت منذ سنوات عديدة إلى الأراضي الليبية، كان ذلك بمقتضى اتفاقيات وتفاهمات دولية، أبرمتها الحكومة الليبية السابقة برئاسة فائز السراج، ثم أكدتها حكومة (عبد الحميد) الدبيبة الحالية، وهي الحكومة التي يعترف بها المجتمع الدولي. ومن ثم لم يكن متوقعاً أن يقبل الوفد الليبي تضمين مقترح كهذا في البيان الختامي".
اعتراف بالسلطات في ليبيا
وأضاف الدبلوماسي أن "المسألة الثانية المهمة في هذا السياق، أن مخرجات القمة العربية بشأن الحالة الليبية تحديداً، وأيضاً التمثيل الليبي في القمم واللقاءات والدوريات العربية التي عقدت أخيراً، تعكس مدى اعتراف المجتمع الدولي بأي حكومة تمارس سلطاتها في الأراضي الليبية. ولذا فإن إصرار الجانب المصري على مخالفة الجميع، بما فيه الدولة المضيفة للقمة (الجزائر)، والأمم المتحدة التي تعترف بحكومة الدبيبة، والاتحاد الأوروبي الذي يتبنى الموقف نفسه، أمر غريب ولا يصب في صالح القاهرة".
وتدخلت تركيا عسكرياً في ليبيا عبر مساعدات قدّمتها لحكومة الوفاق -المُعترف بها دولياً- في سبيل مواجهة ما يُعرف بقوات شرق ليبيا تحتَ قيادة خليفة حفتر. وبحلول 2 يناير/كانون الثاني 2020، أقر البرلمان التركيّ تفويضاً لمدة عام من أجل نشر القوات في ليبيا، ثمّ بدأت أنقرة بعدها بثلاثة أيام، وبشكل رسمي، نشر قواتها على الأراضي الليبية.
دعم تركي لحكومة الوفاق
وكان الدعم التركي المباشر لحكومة الوفاق الوطني بشكل عام يتكون من مستشارين ميدانيين يوفرون التدريب والدعم التشغيلي، فضلاً عن الدعم الجوي من خلال الطائرات من دون طيار، وعناصر مخابرات، ودعم من سفن البحرية التركية للقوات البرية الليبية.
مخرجات القمة العربية تعكس مدى اعتراف المجتمع الدولي بأي حكومة تمارس سلطاتها في الأراضي الليبية
وكان السيسي قال، في كلمته أمام القمة العربية الأربعاء الماضي: "لعله من الملائم أن أشارككم هنا رغبتنا في دعمكم لمساعينا الحالية في ليبيا الشقيقة للتوصل، في أسرع وقت، إلى تسوية سياسية بقيادة وملكية ليبية خالصة دون إملاءات خارجية، وصولاً إلى إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية بالتزامن، واحترام مؤسسات الدولة وصلاحياتها بمقتضى الاتفاقات المبرمة، وتنفيذ خروج جميع القوات الأجنبية والمرتزقة والمقاتلين الأجانب في مدى زمني محدد، وإعادة توحيد مؤسسات الدولة الليبية وحل المليشيات، بما يحول دون تجدد المواجهات العسكرية ويعيد للبلاد وحدتها وسيادتها واستقرارها".
الجدير بالذكر أن اجتماع وزراء خارجية العرب، الذي عقد الثلاثاء الماضي، تمهيداً للقمة، شهد تبايناً في صياغة بنود مسودة البيان الختامي المقترح، خصوصاً ما تعلق بـ"التدخل التركي في الشأن الليبي"، حيث اتفق على التعبير عن "رفض التواجد الأجنبي، والدعوة إلى إخراج المقاتلين والمرتزقة الأجانب من ليبيا مع استعجال إجراء الانتخابات".
ونفى المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية، السفير أحمد أبوزيد، حدوث مشادة بين وزير الخارجية سامح شكري، ونظيرته الليبية نجلاء المنقوش خلال تحضيرات القمة العربية في الجزائر. وقال أبو زيد، في تصريحات صحافية، إن "ما اتفق عليه يتسق تماماً مع محددات الموقف المصري".