أعاد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، اليوم الثلاثاء، مسألة طرح تعديلات دستورية في البلاد، بعد أيام قليلة من انتهاء الانتخابات وإعلان حكومته الجديدة واجتماعها بوقت سابق من اليوم، دون تحديد العناوين الأساسية لهذه التعديلات.
وقال الرئيس التركي في العاصمة أنقرة بعد أول اجتماع للحكومة الجديدة عقب انتهاء جولة الانتخابات الرئاسية الثانية في 28 مايو/ أيار، إن حكومته "تعتزم إعادة طرح مقترح سابق لتعديل الدستور على البرلمان".
وأفاد أردوغان، في كلمته، قائلاً: "سنعرض مجدداً على البرلمان مقترحنا الخاص بالتعديل الدستوري الذي طرحناه على جدول أعماله قبل الانتخابات". وأكد أنّ الرؤية المتمثلة بـ"قرن تركيا" ستكون قائمة على "الاستقرار والثقة".
وفي الوقت الذي لم يحدد فيه الرئيس أردوغان مسألة التعديلات هذه، فإن من الواضح أنه يقصد تعديلات دستورية مرتبطة بتعزيز حماية حقوق المحجبات في البلاد، ومسألة تعزيز "حماية العائلة".
وكان التحالف الجمهوري الحاكم قد أعدّ تعديلات دستورية بهذا الصدد العام الماضي، بعد دعوة زعيم المعارضة كمال كلجدار أوغلو لسنّ قانون في البرلمان لحماية حق الحجاب، رغم أن البلاد لا تعاني من مشكلة قانونية كهذه، ما دفع التحالف الجمهوري إلى استغلال موقف المعارضة وإعداد تعديلات دستورية، داعياً تحالف المعارضة إلى التعاون في تمرير هذه التعديلات.
وشملت التعديلات المادة الـ24 المتعلقة بالحجاب، حيث أضيف إليها أن "من ضمن الحقوق والحريات الأساسية لن يكون هناك أي شرط يتعلق بالاستفادة من الخدمات العامة والخاصة بمسألة غطاء الرأس أو عدم تغطيته".
وتشمل أيضاً أنه "لا يمكن لأي فتاة بسبب خياراتها ومعتقداتها الدينية، سواء بغطاء الرأس أو اللباس الذي ترتديه أن تُحرَم التعليم أو العمل أو الانتخاب أو الترشح أو ممارسة النشاطات السياسية، أو الدخول في الخدمات العامة، وبسبب خياراتها لن تتعرض للإدانة أو الاتهام أو التمييز".
أما التعديل المتعلق بحماية العائلة، فإنه كان ضمن المادة الـ41 التي تشمل حماية العائلة وحقوق الأطفال، حيث سيتغير العنوان إلى "حماية العائلة ووحدة العائلة وحقوق الأطفال"، لكن هذه التعديلات لم تعرّض البرلمان بعد لكارثة الزلازل التي ضربت جنوب تركيا اعتباراً من 6 فبراير/ شباط، وتغير البرنامج الانتخابي للتحالف الحاكم، وتأجيل التعديلات لما بعد الانتخابات.
ورغم أن كلام أردوغان اليوم يبدو وكأنه في إطار تعديلات مادتين في الدستور، فإنه فهم أيضاً مما قاله في خطاب مراسم تنصيبه، من طرح مقترح تعديل الدستور تحت قبة البرلمان قائلاً: "سنعزز ديمقراطيتنا بدستور جديد حر ومدني وشامل ونتحرر من الدستور الحالي الذي كان ثمرة لانقلاب عسكري".
وأشار أردوغان أيضاً، في تصريحات قبل الانتخابات، إلى أن "التحالف الجمهوري لن يمتنع عن أي تعديلات تتعلق بالنظام الرئاسي". وفي معرض رده على حديث المعارضة عن سلبيات النظام الرئاسي الحالي، وهدفها العودة للنظام البرلماني، ولكن المعارضة لم تتمكن من الفوز بالأغلبية البرلمانية.
وتتطلب التعديلات الدستورية المباشرة موافقة 400 عضو في البرلمان من أصل 600، أي بأغلبية الثلثين، فيما تحتاج التعديلات الدستورية للذهاب إلى الاستفتاء الشعبي إلى موافقة 360 عضواً، وهو ما لا يمتلكه التحالف الحاكم في الوقت الحالي.
ووفق نتائج الانتخابات البرلمانية الأخيرة التي جرت في 14 مايو/ أيار الماضي، تمكن التحالف الجمهوري من الفوز بأغلبية البرلمان بحصوله على 323 مقعداً، وهذه الأغلبية لا تكفي التحالف الجمهوري من أجل إكمال التعديلات الدستورية.
ومن الواضح أن التحالف الجمهوري قد يعوّل على النواب من الأحزاب المحافظة والإسلامية التي تبلغ مقاعدها نحو 40 مقعداً، وربما الحوار لاحقاً مع حزب الشعب الجمهوري والحزب الجيد المعارضين، للحصول على دعمها بالنسبة إلى التعديلات الدستورية.
وفي حال تمكُّن التحالف الجمهوري من كسب المعارضة، فإن التعديلات تمر من البرلمان مباشرة، وهذا يعني مرحلة من اللقاءات والمفاوضات، وفي حال استمال النواب المحافظين والقوميين من بقية الأحزاب، فإن التعديلات ستمر من البرلمان وتذهب إلى الاستفتاء الشعبي الذي لا تفضله الأحزاب السياسية، نظرا لتكاليفه المالية والسياسية المرهقة للبلاد.
وحصلت أحزاب السعادة ودواء والمستقبل والديمقراطي على قرابة 40 مقعداً ضمن قوائم حزب الشعب الجمهوري بالانتخابات البرلمانية الأخيرة، وهي أحزاب قومية ومحافظة تتلاقى مطالبها في ما يخص الحجاب والعائلة مع مطالب التحالف الجمهوري.