انتشر اسم تاجر الأسلحة الروسي، فيكتور بوت، خلال اليومين الماضيين على قنوات تليغرام وحسابات على منصة إكس كقائد جديد محتمل لمجموعة فاغنر خلفاً لزعيمها، يفغيني بريغوجين، الذي قُتل مساء الأربعاء الماضي مع عدد من قادة المجموعة بعد انفجار الطائرة التي كانوا على متنها، ويعتبر اسم بوت الأحدث الذي يتم طرحه لقيادة فاغنر.
"تاجر الموت"
وكان بوت، الذي يلقب بتاجر الموت، نزيلاً في السجون الأميركية منذ 2010، بعد قضائه عامين في السجون التايلاندية قبل تسليمه لواشنطن، ليطلق سراحه في ديسمبر/كانون الأول 2022 في إطار صفقة تبادل سجناء مع موسكو.
واكتسب بوت، وهو من مواليد 1967 في طاجيكستان، شهرته الكبيرة من تخصصه بتوريد الأسلحة للدول الخاضعة لحظر بيع الأسلحة من الأمم المتحدة، وعلى ذلك كان زبائنه يتركزون بشكل أساسي في أفريقيا، حيث اعتاد شراء الأسلحة من بلغاريا وسلوفاكيا وأوكرانيا لتهريبها إلى أفريقيا، وازدادت شهرته بعد إنتاج هوليوود فيلم "سيد الحرب/ذا لورد أوف وور" المستوحى من قصة حياته.
وظهر اسم بوت كمرشح قوي لخلافة بريغوجين، يوم الجمعة الماضي، في قناة "Ateo Breaking" على تليغرام، المتخصصة بنشر الأخبار عن روسيا وأوكرانيا، والتي يتابعها أكثر من 500 ألف متابع، وسرعان ما انتشرت التكهنات بشأن مدى صحة الخبر، الذي لم يتم تأكيده من مصادر رسمية روسية، وظهر حساب على منصة إكس يحمل عنوان "فيكتور بوت لقيادة فاغنر" ويظهر من بيانات الحساب أنه أنشئ منذ أيام.
وعزز المحلل الأميركي من أصل أوكراني إيغور سوشكو، المعروف بتغطيته للحرب الروسية على أوكرانيا، هذه المزاعم في تغريدة نشرها على حسابه على منصة إكس قال فيها "تطورت المؤامرة: شائعات تقول إنه سيتم تعيين "تاجر الموت" فيكتور بوت لقيادة شركة فاغنر نيابة عن بوتين".
PLOT TWIST: Rumor that "Merchant of Death" Viktor Bout will be assigned to lead Wagner PMC on behalf of Putin. pic.twitter.com/PIFHrCiR75
— Igor Sushko (@igorsushko) August 26, 2023
وتبقى علاقة بوت القوية مع دول أفريقية، وهو من كان المورد الأساسي للسلاح لمعظم النزاعات والحروب في القارة، من أهم نقاط قوته في سباق خلافة بريغوجين، وقال موقع "defenceweb" الأفريقي المتخصص بالشؤون العسكرية والأمنية في الدول الأفريقية إن بوت كان حريصاً منذ خروجه من السجن على التواصل مع القادة الأفارقة وإعادة الدفء لعلاقتهم.
وكان لافتاً حضور بوت القمة الروسية الأفريقية في سان بطرسبورغ، 25 يوليو/تموز الماضي، ويذكر وجوده في هذا الاجتماع بحضور بريغوجين لاجتماع مشابه بين الجنرال الليبي خليفة حفتر ووزارة الدفاع الروسية في موسكو في نوفمبر/تشرين الثاني 2018 حين تم تسريب صورة تظهر بريغوجين في ذلك الاجتماع.
Press service of the Libyan National Army accidentally leaked footage that show Wagner PMC chief Yevgeny Prigozhin at meeting between Marshal Khalifa Haftar and Russian Defense Minister Sergei Shoigu. https://t.co/4MneivA1cqhttps://t.co/F4BEWXaesnhttps://t.co/VB8hH7ecPg pic.twitter.com/U4zo3O7tno
— monitoring (@warsmonitoring) November 10, 2018
وكان بوت يتمتع بعلاقات طيبة مع بريغوجين الذي كان نشر صوراً له مع بوت خلال زيارة لأحد مراكز تجنيد فاغنر في مدينة أوليانوفسك الروسية، في يونيو/حزيران الماضي، ومدح بريغوجين وقتها بوت في تسجيل صوتي على تليغرام وقال "أعتقد أن هذا الشخص يمكنه القيام بعمل هائل من أجل مستقبل روسيا".
تروشيف.. مرشح بوتين المفضل
وكشفت صحيفة "واشنطن بوست" في تقرير، يوم السبت، عن استعدادات كانت تجري في الكرملين لمرحلة ما بعد بريغوجين حتى ما قبل مقتله. وبحسب الصحيفة، فقد ترك بريغوجين خلفه شبكة عالمية كبيرة ومتداخلة من المرتزقة المسلحين والاستثمارات في مختلف الدول وفرق التضليل الإعلامي، كما بنى علاقات مع حكومات أفريقية، مما سمح لمجموعة المرتزقة بخدمة مصالح موسكو في جميع أنحاء القارة، وغالباً ما يكون ذلك تحت تهديد السلاح.
وتشير الصحيفة إلى رغبة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بتعيين أندريه تروشيف، وهو مقدم سابق في وزارة الشؤون الداخلية الروسية، وكان جهة الاتصال الرئيسية بين بريغوجين ووزارة الدفاع في الحرب على أوكرانيا.
- One of the high-ranking Wagner commanders Andrey (Sidoy) Troshev left Wagner and joined Redut earlier. The Wagnerites called him a traitor. pic.twitter.com/Li8zQheQJE
— Giorgi Revishvili (@revishvilig) August 23, 2023
لكن واشنطن بوست تذكر في تقريرها أن قنوات في تليغرام ومدونين عسكريين مرتبطين بفاغنر قالوا، خلال الأسابيع الأخيرة، إن تروشيف تم طرده من المجموعة لأنهم اعتبروا أنه خان بريغوجين بعد تمرده الفاشل على الجيش الروسي في يونيو/حزيران الماضي، حيث كان تروشيف حريصاً على "إبرام صفقة" مع وزارة الدفاع.
بيكالوف.. مسؤول فاغنر السابق في أفريقيا الوسطى
ومن الأسماء التي يتم تداولها أيضاً لخلافة بريغوجين هو الضابط الروسي المتقاعد "كونستانتين بيكالوف" وهو من قيادات فاغنر في أفريقيا ومعاقب بريطانياً، وكان بيكالوف يعتبر ساعد بريغوجين الأيمن في جمهورية أفريقيا الوسطى وهو رئيس عمليات فاغنر فيها.
ولقب موقع "Bellingcat"، المتخصص بالتحقيقات الاستقصائية، بيكالوف بـ"السيد أفريقيا/ Mr. Africa"، وكان موقع بيلينغكات وجد في تحقيق استقصائي مشترك مع صحيفتي "ذا انسايدر" و"دير شبيغل" أن بيكالوف، الذي يحمل اسماً حركياً هو مازاي، كان يمثل حلقة وصل بين فاغنر في أفريقيا ووزارة الدفاع الروسية.
We have identified "Mazay" as Konstantin Aleksandrovich Pikalov, CEO of the "Convoy" military security company based in St. Petersburg. Pikalov freely travels across Europe on a Schengen visa and has spent significant time in the Africa while overseeing Wagner's operations. pic.twitter.com/BE3c1kCwwe
— Bellingcat (@bellingcat) August 14, 2020
أسس بيكالوف مع سيرجي أكسيونوف، رئيس جزيرة القرم الأوكرانية المعين من قبل موسكو، مطلع العام الجاري مليشيا جديدة بصفة شركة "أمنية خاصة" تحمل اسم "كونفوي"، كان موقع إخباري استقصائي أسسته مجموعة من الصحافيين الروس في المنفى تحت اسم (قصص مهمة/Важные истории) أول من كشف أمره، ونشرت وزارة الدفاع البريطانية في 4 إبريل/نيسان الماضي تقريراً استخبارياً عن ظهور مجموعتي مرتزقة جديدتين.
Latest Defence Intelligence update on the situation in Ukraine - 4 April 2023.
— Ministry of Defence 🇬🇧 (@DefenceHQ) April 4, 2023
Find out more about Defence Intelligence's use of language: https://t.co/oUYAi2Vhia
🇺🇦 #StandWithUkraine 🇺🇦 pic.twitter.com/a485dL48wL
وداعاً فاغنر القديمة
بعد إنشاء فاغنر في عام 2014 إبان احتلال روسيا لجزيرة القرم دخلت روسيا في عدة صراعات خارج حدودها من سورية إلى أفريقيا انتهاء بغزوها لأوكرانيا، وتمتعت فاغنر وزعيمها بريغوجين بالحيوية والبراغماتية الملائمة لمسايرة المغامرات الروسية فتوسعت المجموعة وأقامت عدة قواعد في روسيا وخارجها، بالإضافة لانخراطها في عدة نشاطات اقتصادية من النقط إلى الغاز إلى ذهب أفريقيا وماسها.
هذه الشبكة المعقدة من المرتزقة والشركات كان بريغوجين يقودها بمهارة وربطها بشخصه مما دفع الكثيرين للتكهن عما ستؤول إليه فاغنر بعده، لكن الواضح وحتى ما قبل مقتل بريغوجين أن الكرملين قرر تفكيك مليشيا فاغنر، إذ إن تركيز كل هذه القوة بيد شخص أيا كان هو أمر بالغ الخطورة، لكن في الوقت نفسه لا يمكن للكرملين التخلي عن المكاسب الكبيرة التي جناها ويجنيها من فاغنر.
وعليه يتوقع العديدون أننا سنشهد في المرحلة القادمة تفكيك المليشيا مع ظهور قيادات جديدة أكثر ارتباطاً مع الكرملين، وبنفس الوقت ستكون هذه المليشيات الجديدة خاضعة لوزارة الدفاع بشكل ما.