قالت عدّة مصادر في حركة طالبان الأفغانية، إن قادة الحركة أجروا مناقشات الأربعاء حول كيفية الرد على ضربة أميركية بطائرة مسيّرة في كابول قالت الولايات المتحدة إنها قتلت زعيم "القاعدة" أيمن الظواهري، فيما نفت الحركة علمها بوجوده على الأراضي الأفغانية.
وأكد مصدر في حركة "طالبان" لـ"العربي الجديد"، أن من بين الخيارات المطروحة إقالة رئيس الاستخبارات في الحكومة، وكشف الشبكة التي ساعدت الظواهري في الوصول إلى كابول.
وبحسب المصدر، فإن خبر مقتل الظواهري كان مفاجئًا للغاية لقيادة الحركة، حيث إنها لم تكن على علم بوجوده في العاصمة كابول، إذ كانت تشدد في كل الاجتماعات على ضرورة الإيفاء بما قطعته على نفسها من الوعود في توافق الدوحة، وعدم إيواء أي شخص يشكل تهديدا لأمن المنطقة والعالم.
كما ذكر المصدر الذي فضل عدم نشر اسمه، أن شبكة صغيرة يعتقد أنها مقربة من وزير الداخلية سراج الدين حقاني، زعيم "شبكة حقاني" قامت بنقل الرجل إلى كابول، ولم يستبعد ضلوع دولة مجاورة، لم يسمها، في "القضية والتخابر على موقع الرجل". وشدد على أن وزير الداخلية سراج الدين حقاني نفسه لم يكن على علم بالرجل، معتبرا أن نقل الظواهري إلى كابول ثم قتله "مؤامرة كبيرة" ضد "طالبان" وضد علاقاتها مع الولايات المتحدة الأميركية.
وفي السياق نفسه، قال زعيم في "طالبان" يشغل منصباً مهماً في كابول حالياً لوكالة رويترز: "هناك اجتماعات على مستوى عالٍ للغاية بشأن ما إذا كان ينبغي عليهم الرد على غارة الطائرة المسيّرة، وفي حال قرروا ذلك، فما هي الطريقة المناسبة؟".
من جهتهما، شدد كل من عبد السلام حنفي نائب رئيس الوزراء وسهيل شاهين عضو المكتب السياسي للحركة في الدوحة، على أن حكومة "طالبان" ملتزمة بتوافق الدوحة وأن التحقيقات مستمرة في قضية مقتل الظواهري.
ولا شك أن "طالبان" وقعت في موقف محرج للغاية بعد مقتل الظواهري فهي بين خيارين، إما الحفاظ على علاقاتها مع الولايات المتحدة الأميركية والدول الحليفة لها، بالتالي عليها أن تتواصل معها من خلال كشف الشبكة التي أوصلت الظواهري إلى كابول، أو على الأقل إبعادها عن الحكومة، وفي حالة حدوث ذلك ثمة خشية من وجود تصدعات داخلية في الحركة.
من جهته، قال الأكاديمي والباحث الأفغاني عبد الله عمير لـ"العربي الجديد": "لا يبدو أن (طالبان) هي التي نقلت الظواهري؛ بل شبكة بداخلها، وهي ألحقت ضررا كبيرا بالحركة وجعلتها في موقف حرج للغاية.. إنها حقا بين السندان والمطرقة".
وكتب المحلل الأمني الناطق باسم وزارة الدفاع في حكومة أشرف غني الجنرال دولت وزيري (عاد إلى كابول قبل أسابيع نتيجة تواصل طالبان معه) في تغريدات له على "تويتر"، أن التعامل مع قضية الظواهري يحتاج إلى الكثير من الدقة والتريث، وأن ما يجري في كابول يشير إلى أن القضية متشابكة وأن هناك جهة ما ساعدت في القضية، داعيًا الحكومة والشعب إلى "ترك العواطف والاهتمام بمصالحة البلاد".
وأضاف: "الموقف حساس ومحرج للغاية، من هنا على المسؤولين التعامل بكل هدوء، كي لا تدخل بلادنا في أتون حرب جديدة قد تستمر عقودا أخرى".
"طالبان" تنفي علمها بوجود الظواهري في كابول
في غضون ذلك، أعلنت حركة "طالبان" أنها لم تكن على علم بوجود زعيم "تنظيم القاعدة" أيمن الظواهري في العاصمة الأفغانية كابول، ولا بدخوله إلى الأراضي الأفغانية، مؤكدة أنها تجري التحقيق في القضية لمعرفة أبعادها المختلفة.
وقالت الحركة، في بيان مقتضب اليوم الخميس، إن قيادة الحركة أمرت الاستخبارات والأجهزة المعنية بإجراء تحقيق شامل في القضية لمعرفة أبعادها من كل الأطراف.
كما أكد البيان الصادر باللغة البشتوية، أن أفغانستان لا تشكل خطرا لأي دولة في العالم بما فيها الولايات المتحدة الأميركية ولن تسمح لأحد بأن يفعل ذلك.
ودان البيان الغارة الأميركية، مؤكدا أن الولايات المتحدة قامت بانتهاك سيادة أفغانستان، وهو انتهاك لكافة القوانين الدولية، مشدداً على أن تكرار مثل هذه الأحداث ستكون له نتائج وخيمة على عاتق أميركا.
باكستان تنفي مساعدة واشنطن في عملية مقتل الظواهري
من جهتها، نفت باكستان مساعدة الولايات المتحدة الأميركية في عملية مقتل أيمن الظواهري. وقال وزير الداخلية الباكستاني رانا ثناء الله في مقابلة مع قناة "جيو" المحلية، مساء أمس، إن الطائرة الأميركية بدون طيار لم تستخدم الأجواء الباكستانية للوصول إلى كابول لتنفيذ الغارة، نافيًا ما أشيع من أنباء حول الموضوع.
كما نقلت صحيفة "إيكسبرس" الباكستانية اليوم الخميس، عن مصدر حكومي قوله، إن باكستان لم تساعد الولايات المتحدة الأميركية في الوصول إلى الظواهري، معتبرا ذلك شأنا داخليا أفغانيا، لا دخل لباكستان فيها.
وأشار المصدر كذلك إلى أن الطائرة الأميركية التي نفذت عملية مقتل الظواهري لم تقلع من باكستان ولم تستخدم أجواءها أيضا، لافتا إلى أن لدى الولايات المتحدة الأميركية خيارات كثيرة لشن الغارات في أفغانستان. يذكر أن زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري قد قتل في غارة جوية نفذتها طائرة أميركية بلا طيار على منزل يعود لأحد المقربين من وزير الداخلية في حكومة "طالبان" وهو زعيم "شبكة حقاني" سراج الدين حقاني.