"سد النهضة": دول بحوض النيل ترفض مناورات عسكرية مع مصر

07 ابريل 2022
حاولت مصر التسويق للمناورات بأنها لحصار إثيوبيا (محمود حجاج/الأناضول)
+ الخط -

تعثرت مساعي النظام المصري، خلال الأيام القليلة الماضية، لتحقيق أية خطوات إيجابية على صعيد ملف سد النهضة الإثيوبي.

وحسب مصادر مصرية خاصة، تحدثت مع "العربي الجديد"، فقد "اصطدمت تحركات دبلوماسية، وأخرى للمسؤولين في جهاز المخابرات العامة، مع السودان وبعض دول حوض النيل، من أجل الشروع في خطوة جديدة على صعيد ملف أزمة السد، يمكن تسويقها في الشارع المصري باعتبارها خطوة لإجبار أديس أبابا على الخضوع للمطالب المصرية، بتجاهل من جانب الحكومة الإثيوبية من جهة، وعدم اهتمام أطراف عربية وسيطة في الأزمة، من جهة أخرى".

المواقف السلبية التي فوجئت بها مصر ربما يكون سببها الرئيس عدم قدرتها على تسويق قضيتها لدى الوسطاء

وأشارت إلى أن "الإدارة الأميركية أعطت أولوية لملفات أفريقية أخرى، وصفتها بأنها أكثر إلحاحاً في الوقت الراهن، في مقدمتها ملف الأزمة في السودان".

مواقف سلبية تفاجئ القيادة المصرية

وقال أحد المصادر إن "المواقف السلبية التي فوجئت بها القيادة المصرية، أخيراً، ربما يكون سببها الرئيس، عدم قدرتها على تسويق قضيتها لدى الوسطاء، سواء على المستوى الأفريقي والعربي، أو على المستوى الدولي، رغم ما قدمته القيادة السياسية المصرية أخيراً من تنازلات في عدد من ملفات المنطقة".

وبحسب المصدر فإن "المشاورات التي جرت أخيراً مع المسؤولين في السودان بشأن الأزمة، وعلى رأسهم رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان، بشأن التصعيد الدبلوماسي والسياسي، مع إمكانية إطلاق مناورات عسكرية مصرية جديدة قرب الحدود السودانية الإثيوبية، باءت بالفشل".

وأوضح أن الفشل جاء "بسبب حالة الصراع الداخلي في السودان، في ظل ميل كثير من المكونات المدنية إلى عدم الدخول في صدامات مع إثيوبيا في الوقت الراهن، بل والتعامل معها بشكل مباشر بشأن مفاوضات ثنائية متعلقة بالسد".

عقبة الصراع بين البرهان وحميدتي

وتابع المصدر أن "الصراع غير المعلن بين البرهان، ونائب رئيس مجلس السيادة السوداني محمد حمدان دقلو (حميدتي)، أحد أهم العقبات التي تعيق التحرك المصري السوداني المشترك لاتخاذ خطوة تصعيدية خلال الأيام المقبلة، في ظل تبني حميدتي بشكل كامل لوجهة النظر الإماراتية، التي تميل إلى موقف الحكومة الإثيوبية في الأزمة، علاوة على رغبته في توسيع العلاقات مع أديس أبابا على حساب القاهرة".

واكتفى البرهان خلال زيارته الأخيرة للقاهرة، التي التقى خلالها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، بالإعراب عن تفاؤله بشأن مستجدات أزمة سد النهضة الإثيوبي، مرجحاً الوصول إلى تفاهمات مشتركة قريباً في هذا الملف.

من جهته، قال مصدر آخر، لـ"العربي الجديد"، إن القاهرة "حاولت أخيراً الترتيب لمناورات عسكرية موسعة على الصعيد الأفريقي، تشارك بها عدد من دول حوض النيل، بهدف تسويق تلك المناورات من جهة باعتبارها خطوة لحصار إثيوبيا، والرد على ما يروج له رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد بأن بلاده تدعم حقوق دول الحوض في إعادة توزيع الحصص المائية".

تحفظ على إجراء مناورات عسكرية

وبحسب المصدر فقد "تلقت القاهرة ردوداً متحفظة من بعض الدول الأفريقية التي عُرض عليها الأمر، رغم أنها كانت تأتي تحت غطاء تبادل الخبرات بشأن مكافحة الإرهاب، في ظل تزايد التهديد بسبب انتشار بعض التنظيمات المتطرفة في القارة".

وعبر عدد من الدول الأفريقية، في مقدمتها أوغندا ورواندا، عن تحفظها بشأن توظيف مثل تلك التحركات في الصراع الدائر بشأن أزمة السد، مؤكدة أن مثل تلك التحركات قد تؤدي إلى مزيد من التوتر في القارة.

وكانت القاهرة استقبلت في إطار تحركاتها التي لم تلق النجاح المخطط له، قائد القوات البرية الأوغندية الفريق موهوزي موسيفيني، نهاية مارس/ آذار الماضي، وذلك بعد زيارة خاطفة لرئيس أركان القوات المسلحة السودانية الفريق أول الركن محمد عثمان الحسين الحسن.

إثيوبيا تكثف العمليات بالسد

في مقابل ذلك، تكثف إثيوبيا من العمليات الإنشائية في السد. ووفقاً لأستاذ الموارد المائية والجيولوجيا بجامعة القاهرة عباس شراقي، فإن مخزون سد النهضة انخفض بمقدار مليار متر مكعب خلال الأسابيع الثلاثة الماضية، وأصبح 7 مليارات متر مكعب، كما اتضح من صور الأقمار الاصطناعية، في الرابع من إبريل/ نيسان الحالي.

وأشار شراقي، عبر حسابه بموقع "فيسبوك"، الإثنين الماضي، إلى "توقف التوربين الذي تم تشغيله في 20 فبراير/شباط الماضي، للمرة الثانية على التوالي خلال خمسة أيام، وانتظام تصريف المياه من خلال إحدى فتحتي التصريف بنحو 30 مليون متر مكعب يومياً من خلال بحيرة تانا وبعض الروافد الجانبية في حوض النيل الأزرق".

أكد عدد من الدول الأفريقية أن المناورات العسكرية قد تؤدي إلى مزيد من التوتر في القارة
 

ولفت إلى أن رفع الممر الأوسط 255 متراً، والجانبين 835 متراً، يحتاج إلى نحو 65 ألف متر مكعب من الخرسانة لكل متر ارتفاع، فيما بقي على بداية موسم الأمطار أقل من ثلاثة أشهر. وتساءل: "هل تستطيع إثيوبيا رفع 20 متراً خلال المدة المتبقية (لبداية الأمطار) للوصول إلى إجمالي تخزين يبلغ 18.5 مليار متر مكعب".

توجيهات لتوفير استخدام المياه

وبالتوازي مع تعثر التحركات المصرية بالخارج لمعالجة أزمة سد النهضة الإثيوبي، قالت مصادر حكومية مصرية إن التوجيهات التي صدرت لوزير الموارد المائية والري محمد عبد العاطي، من قبل مؤسسة الرئاسة أخيراً، تركز على ضرورة العمل على تنفيذ خطة العمل الخاصة بتوفير استخدام المياه، واعتماد تكنولوجيا تحلية ومعالجة المياه، وتقليل الفاقد من مياه النيل بواسطة مشروعات، مثل "تبطين الترع" واعتماد وسائل الري الحديثة.

وفي السياق، ذكرت وزارة الموارد المائية والري، في بيان أمس الأول الثلاثاء، أن عبد العاطي عقد الاجتماع الدوري مع القيادات التنفيذية بالوزارة، لمتابعة الموقف التنفيذي لمشروعات وأعمال الوزارة بمختلف محافظات الجمهورية. وتم خلال الاجتماع استعراض الموقف التنفيذي للمشروع القومي لتأهيل الترع والسواقي بمختلف المحافظات.

وأشار البيان إلى أنه تم أيضاً استعراض موقف المشروعات التي تنفذها الهيئة المصرية العامة لمشروعات الصرف، والتوسع في إعادة استخدام المياه، وعلى رأسها مشروع "المسار الناقل"، للاستفادة من مياه الصرف الزراعي بمصارف غرب الدلتا، من خلال محطة الحمام، بما يسهم في سد الفجوة المائية ومجابهة التغيرات المناخية، وتقليل تداخل مياه البحر مع المياه الجوفية في الدلتا.

وحسب البيان فقد تم خلال الاجتماع "عرض موقف مشروع إنشاء مجموعة قناطر ديروط الجديدة على ترعة الإبراهيمية، حيث يجرى اتخاذ الإجراءات اللازمة للبدء بتنفيذ المشروع، الذي يهدف لتحسين أعمال الري في خمس محافظات، هي أسيوط والمنيا وبني سويف والفيوم والجيزة، وتوفير منظومة متطورة للتحكم في تصرفات الترع التي تغذيها مجموعة القناطر بالمحافظات الخمس".

وخلال الاجتماع، تمت الإشارة إلى الدورات التدريبية التي ينظمها مركز التدريب الإقليمي التابع لمعهد بحوث الهيدروليكا، والتي يشارك فيها متدربون من دول حوض النيل والدول الأفريقية. كما تم استعراض مجالات التعاون الثنائي بين مصر والعديد من دول حوض النيل والدول الأفريقية، من خلال العديد من المشروعات التي يتم تنفيذها، مثل سدود حصاد مياه الأمطار، ومحطات مياه الشرب الجوفية، لتوفير مياه الشرب النقية في المناطق البعيدة عن التجمعات المائية.

المساهمون