فاز المحافظون وخسرت فلسطين

10 مايو 2015
+ الخط -
من الغريب والمستهجن أن تواصل فلسطين تأثرها وتأثيرها في نتائج الانتخابات في بريطانيا، الدولة الاستعمارية صاحبة جريمة نكبة فلسطين في الذكرى الـ 67 لنكبتنا. تشير نتائج الانتخابات البريطانية التي حملت مفاجآت مفجعة عديدة، كان أكبرها الفوز غير المتوقع لحزب المحافظين، والخسارة الفادحة لحزب العمال، وهي الخسارة الأفدح منذ 1987. 

عدا عن مفاجأة الانهيار شبه التام لحزب الليبراليين الديمقراطيين، والمفاجأة المذهلة المتمثلة بفوز الحزب الوطني الأسكتلندي الذي يقود حملات الدعوة للاستقلال عن بريطانيا بفوزه بنحو 56 مقعدا من أصل 59 مقعدا مخصصة لأسكتلندا، وبفارق نحو 50 مقعداً عن الانتخابات الماضية.

لكن، ما لفلسطين وما لانتخاباتها، ففلسطين محتلة منذ النكبة 1948، ويمر على نكبتها اليوم 67 سنة، وسبب نكبتها بريطانيا العظمى، وبريطانيا غابت عن إمبراطوريتها الشمس منذ عقود، وتتنافس أحزابها بشكل حضاري فاخر، من أجل رفعة ورفاه بريطانيا قلب أوروبا العريق. لكن، على الرغم من ذلك، يبدو أن فلسطين تأثرت وأثرت في نتائج انتخاباتها.

فانهيار حزب الديمقراطيين الأحرار الذي لم يحرز سوى مقعد واحد فقط، والذي قدم رئيسه استقالته من رئاسة الحزب، سببه الأساس هو تحالفه مع حزب المحافظين خلال الخمس سنوات الماضية، ما أفقده رصيده في الشارع البريطاني، وعليه، فقد مقاعده في البرلمان.

وعلى النقيض، نجح حزب المحافظين باقتدار في توظيف تحالفه مع الليبراليين، ليس ليبقى في الحكم، والحؤول دون الانهيار فقط، بل ليحرز فوزا ساحقاً، مخالفا بذلك كل استطلاعات الرأي التي كانت ترجح انهياره. وهنا، يأتي دور أثر فلسطين وتأثيرها، حيث يحيل المراقبون سبب خسارة حزب العمال لعدد من الأسباب:
مواقف نواب حزب العمال تجاه فلسطين، خصوصاً مبادرة "الاعتراف بدولة فلسطين" التي قادها حزب العمال في البرلمان قبل شهور، الأمر الذي دفع اللوبي الصهيوني إلى تنظيم حملات إعلامية من الإعلام المقرب من اللوبي الصهيوني، ميردوخ، الذي يمتلك مجموعة من الصحف، منها جريدة "الصن" الأوسع انتشاراً في البلاد، للعب دور كبير في الحملة المنظمة في مختلف وسائل الإعلام البريطانية، كالصحف ومحطات التلفزة التي قامت بحشد وتجييش الشارع الإنجليزي، مدفوعا برائحة التحريض الصهيوني المكشوف ضد حزب العمال.

تضمن برنامج حزب العمال في الانتخابات تعهد نواب الحزب بالعمل على الاعتراف رسميا بدولة فلسطين، في حال الوصول إلى الحكم في انتخابات 2015، الأمر الذي شكل وقود استفزاز للوبي الصهيوني في بريطانيا، الأمر الذي دفعه إلى استنفار كل أوراق القوة التي يمتلكها لمنع حزب العمال من الفوز.

وعلى الرغم من وجود نواب صهاينة كثيرين في حزب العمال البريطاني، إلا أن ذلك لم يمنع اللوبي الصهيوني من العمل على هزيمته، فمصالح "إسرائيل" مقدمة على مصالح نوابه الصهاينة. وعلى الرغم من الهزيمة المدوية للحزب، إلا أن هناك بقايا من عزاء، يتمثل بفوز بعض أصدقاء فلسطين في معظم الأحزاب في مناطقهم، باستثناء النائبين، جورج غالاوي والليبرالي ديفيد وورد، اللذين فقدا مقعديهما لصالح حزب العمال.

ومن بقايا الأمل كذلك زيادة أعداد النواب المسلمين من 8 إلى 14 نائبا، على الرغم من أن فوزهم قد لا يصب تلقائياً في صالح القضية الفلسطينية.

وما تنبغي الإشارة إليه هو النتائج الأولية للانتخابات البريطانية، وكان أبرزها: تعدى حزب المحافظين حاجز الأغلبية في البرلمان البريطاني 326 مقعدا من مجموع مقاعد البرلمان البالغة 650 مقعدا، وقد يتفرد بحكم بريطانيا في السنوات الخمس المقبلة. حصول حزب العمال على 230 مقعدا، والحزب الوطني الأسكتلندي على 56 مقعدا، وحزب الليبراليين الديمقراطيين على 8 مقاعد، وحزب الوحدويين الأيرلندي على ثمانية مقاعد كذلك، وحزب الشين فين الأيرلندي على أربعة مقاعد، وحزب بريطانيا المستقلة على مقعد واحد، وحزب الخضر على مقعد واحد، وحصول أحزاب أخرى على تسعة مقاعد. وتؤشر هذه النتائج إلى تغيّر في الجغرافيا البريطانية، وسط عدد من الاحتمالات، منها:
احتمال أن تكون هذه آخر انتخابات لبريطانيا، كمملكة موحدة، في ظل الفوز الساحق للحزب الأسكتلندي المنادي بالانفصال عن المملكة. ويؤشر الفوز الكبير لحزب المحافظين إلى احتمال آخر، هو أن تكون هذه الانتخابات آخر انتخابات في بريطانيا عضواً في الاتحاد الأوروبي، في ظل تعهّد حزب المحافظين تنظيم استفتاء على بقاء بريطانيا عضواً في الاتحاد.
7B62544C-2905-4EC5-9BF3-8CE568ADF7B0
7B62544C-2905-4EC5-9BF3-8CE568ADF7B0
عماد توفيق (فلسطين)
عماد توفيق (فلسطين)