أحمد سعدات.. الفدائي اليقظ

16 يناير 2018
+ الخط -
لا يكاد أحد من أبناء الشعب الفلسطيني وأحرار العالم لا يعرف المناضل أحمد سعدات، الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، والذي ولد عام 1953 في بلدة دير طريف في الرملة. نزح مع أسرته إلى مدينة البيرة، وحصل على دبلوم في الرياضيات، وأمضى في سجون العدو نحو 123 شهرا، كما اعتقل في سجون سلطة أوسلو أربع مرات، أولها سنة 1996 وآخرها سنة 2003، حيث اختطفه العدو في عملية ستبقى عارا على السلطة وقادتها.
ففي المهزلة الوطنية التي يرويها المناضل أحمد سعدات بنفسه لفصول المؤامرة التي انتهت بمحاكمته في سجون الاحتلال، يقول إنه جرى اللقاء بينه وبين المدير العام لجهاز المخابرات الفلسطينية في حينه، توفيق الطيراوي، في أحد فنادق رام الله يوم 15 يناير/ كانون الثاني 2002. وقبل بدء اللقاء استُدعي الطيراوي إلى مكتب قائد الثورة الفلسطينية المعاصرة، ياسر عرفات، وحين عاد كان يحمل معه أمر اعتقال سعدات بتوقيع ياسر عرفات، حيث اقتيد سعدات إلى مبنى المقاطعة، ثم جرى احتجازه في مكتب اللواء نصر يوسف.
وبعد أيام نُقل سعدات إلى مقر قوات حرس الرئيس، حيث أبقي عليه محجوزا هناك، قبل أن ينقل إلى سجن أريحا في الأول من مايو/ أيار 2002 بواسطة سيارات السفارة الأميركية، تحت حراسة بريطانية وأميركية، حيث وضع في قسم منفصل من السجن تحت إشراف وحراسة بريطانية.
وفي الرابع عشر من مارس/ آذار عام 2006، أبت غريزة الغدر أن تفارق أهلها، عندما أقدم جرذان العدو على اقتحام سجن أريحا التابع للسلطة الفلسطينية، واعتقلت سعدات ورفاقه والمعروفين بخلية "الوزير زئيفي"، حيث ظهر جنود السلطة وشرطتها مرفوعي الأيدي وبالملابس الداخلية في منظر مقزّز وطنيا يفرغ كل مزاعم النضال والوطنية من مضمونها.
وحكم على أحمد سعدات بالسجن لمدة ثلاثين سنة، أمضى منها اليوم نحو 12 سنة، بتهمة مقاومة الاحتلال. وللمفارقة، لم يوجه الاحتلال لسعدات تهمة قتل وزير السياحة الصهيوني، رحبعام زئيفي، على الرغم من أن سعدات هو صاحب شعار "العين بالعين والسن بالسن والرأس بالرأس"، والذي أطلقه في أعقاب اغتيال سلفه، أبو علي مصطفى، بصاروخين استهدفا مكتبه في رام الله، ما يدل على فشل الاحتلال المريع في انتزاع أي اعتراف من المناضل سعدات، على الرغم من الأشهر الطويلة التي قضاها تحت التعذيب في أقبية التحقيق.
سعدات، كغيره من المناضلين، سجل امام الكاميرات موقفه الوطني الصلب، برفضه الاعتراف بشرعية المحكمة العسكرية، ورفضه أن يكون في موقف المتهم، ورفضه مجرد الوقوف أمامها.
من دون تحيز أو تهويل، يعتبر أحمد سعدات الزعيم الفلسطيني الأول والوحيد الذي يطلق شعار "الرأس بالرأس"، ثم ينجح بتنفيذ تهديده، حيث تمكنت خلية فدائية من الجبهة الشعبية، مؤلفة من مجدي الريماوي وحمدي قرعان وباسل الأسمر في 16/1/2001 من قطف رأس وزير السياحة الصهيوني العنصري المتطرف، رحبعام زئيفي، الذي كان يدعو إلى التهجير القسري لكل الفلسطينيين.
اغتال العدو إبان حكم السفاح شارون الشيخ المجاهد أحمد ياسين، ولم يقطف المجاهدون أيا من الرؤوس الكبيرة في صفوف العدو. ثم اغتال شارون ذاته الرمز ياسر عرفات، ولم يقطف فرسان الصاعقة الفتحاوية أيا من رؤوس العدو كذلك. لكن يد العدالة الربانية كانت بالمرصاد، فألقت شارون 2006على سرير المرض يبول على نفسه ثماني سنوات قبل أن تتلقفه زبانية العذاب في 2014.
وها هو اليوم أحمد سعدات يخاطب حركة حماس من قلعة الصمود في سجون العدو، ويدعوها إلى مواصلة جهود المصالحة مع السلطة، وحثها على دراسة إمكان المشاركة في اجتماع المجلس المركزي بإيجابية، خصوصا إذا عقدت خارج فلسطين، لأنه، كما "حماس"، لا يؤمن بحرية القرار تحت حراب الاحتلال. وأكد على موقف الجبهة الشعبية إلى جانب خيارات الشعب الفلسطيني وقواه الحية في المقاومة والنضال.
التحية والحرية لأحمد سعدات وجميع مناضلي الحرية.
7B62544C-2905-4EC5-9BF3-8CE568ADF7B0
7B62544C-2905-4EC5-9BF3-8CE568ADF7B0
عماد توفيق (فلسطين)
عماد توفيق (فلسطين)