الدين لله ولنوادينا صفات الحيوانات

25 سبتمبر 2014

وكأننا في عصر ابن المقفع، أو عصر "المزرعة السعيدة"(Getty)

+ الخط -

الكابتن بارود، رجل حباه الله بموهبة دعابة، لكنه أسرَّ لي أنني مكتشفها، كما اكتشف ماجلان رأس الرجاء الصالح، وعبد الفتاح السيسي قناة السويس من جديد.  جمعتُ في إحدى السهرات أهم "إيفيهاته": فعندما يرى أرض الملعب ناعمة التراب، ينحني عليها ويقول: ما شاء الله مثل بطن "البس"، أي الهرة، فهو ابن فلاحين، وعندما يرى سيارة فخمةً يصفها بأنها رائعة " تلقط حفرات الموت"، وهو تعبير شعبي عن جوادٍ يستطيع اجتياز الخنادق العميقة والعريضة. والسيارة الفخمة، برأيه، ليست الأغلى، إنما الأعرض دولاباً، ويفتح ذارعيه على أقصاهما. أجملت حركاته، في مشهد تمثيلي، وحكاية واحدة لا يسعها "سويس" هذه الزاوية، فأُعجب بها أيما إعجاب، فهو يعتمد فن الإيماء الصامت، أكثر من التعبير بالكلام. شاعت أقواله السائرة، بفضلي، إلى مجال السياسة والطعام والحياة، فوصفت فتةً لذيذةً أتقن طبخها زميلنا "صاروخ" بأنها فتة "تعصف بالحريات"، مقتبساً الجملة من الكابتن محمد البرادعي، قدس الله تويتراته الشريفة، في وصف دستور يونيو الشهيد، فسارت جملتي مثلاً بين أعضاء النادي كله، والجملة تعيش شهراً، ثم أختار لهم غيرها، فتلك سنة الحياة، إلا في المناصب السياسية والرياضية، فمدير النادي، عبد الوارث، لا يزال على رأس الفريق منذ نصف قرن، يسرق ويسافر و"يعصف بالحريات" والمواهب و"المزز".

أسماء فرقنا مقتبسة، للمفارقة من عالم الحيوان، وكأننا في عصر ابن المقفع، أو عصر "المزرعة السعيدة"، وقد فزنا على فريق "الليوث الضواري"، وفريق "الفهود المخططة"، وفريق "نمور الشيتا"، لكننا خسرنا نحن فريق "الصقور الصيد" أمام فريق "السناجب الوردية" بحصيلة مثل حصيلة البرازيل أمام ألمانيا، فسبحان الله والحمد لله والله أكبر.

أما سبب تسمية فرقنا بأسماء الحيوان، فهو سبب علماني سياسي، فنظامنا الحاكم علماني، يطبق الشريعة العلمانية "السمحاء"، ويخاف من النزعات الطائفية والدينية والقبلية، مع أنّ الطائفة والقبيلة هي التي تحكم باسم العلمانية، وقد خيّرتنا الدولة العلمانية المقدسة بين أسماء وطنية، فاخترنا تلك الأسماء، أسوة بالدول التي تختار شعار الأسد مثل إسبانيا، والكنغر مثل أستراليا، والنسر مثل سورية ومصر و"العيراء"... أما صدام حسين، فاختار شعار "الله أكبر"، في لحظة غرغرة أو "لحظة تخلي" كما يقول وليد جنبلاط مبرراً زلّاته. الدين لله، والجميع حيوانات... يا كابتن.

عندما فاز باراك أوباما بشّرت الأصدقاء قائلاً: شباب جاءكم رئيس للعالم "سيلقط حفرات الموت"، إنه "لعنة مكبرتة"، وعندما فاز محمد مرسي، وصفته بأنه رئيس ناعم مثل "بطن البس"، ولن يعيش في الحكم طويلاً، أما السيسي فكانت تعابيره تأخذ البطولة في سهرات الفريق، خصوصاً جملة "مفيش معنديش"، ونحن دائماً مفلسون، وتمنينا لو سمحت الحكومة بأسماء رومانسية للفرق، أو صناعية، كنّا سمينا فريقنا الرياضي باسم " الفلاتر الثلاث".

كانت الدور والمنازل تأكل الأرض المتاخمة من الملعب، مثل "اللعنة المكبرتة"، حتى وجدنا يوماً أنّ الجماهير تصعد على الدور لتتابع المباريات من فوق سطوحها، لأنها صارت على الحدود تماماً، ومدير فريقنا مشغول بالسرقة، وبسكرتيرته الجديدة،  فقد نجح في توظيف بنت صديقه المرحوم، وكانت صبية حسناء "تعصف بالحريات" والأشواق، وتأتي  مع  الصديق الوفي للمرحوم، في سيارة تلقط "حفرات الموت"، وتنزل بتنورتها القصيرة التي تنحسر بفعل مشيتها الراقصة، مثل مشية عارضات الأزياء، فتعصف بالأحرار، وتجعلهم عصفا مأكولاً، وقد وجدت بارود، يتنهد ويشهق من اللوعة، وهو ينظر إليها، ويقول: "إيه الإسلام الجميل ده".
 
الله أكبر..

وكانت المرة الأولى التي ينقل تعبيراً ليس له، وإنما من ألحان وتوزيع الكادح إلى ربه كدحاً، والفضل لله، وله الحمد والمنَّة.

أحمد عمر
أحمد عمر
أحمد عمر
كائن يظنُّ أن أصله طير، من برج الميزان حسب التقديرات وطلاسم الكفّ ووحل الفنجان.. في بكرة الصبا أوعشية الشباب، انتبه إلى أنّ كفة الميزان مثقوبة، وأنّ فريق شطرنج الحكومة "أصحاب فيل"، وأنّ فريق الشعب أعزل، ولم يكن لديه سوى القلم الذي به أقسم" فَالِقُ الْإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا..."
أحمد عمر